نظم معهد البحرين للتنمية السياسية محاضرة ألقى فيها السفير البحريني السابق لدى الجمهورية التونسية وجمهورية الصين الشعبية والمندوب الدائم لدولة البحرين في هيئة الأمم المتحدة في نيويورك حسين الصباغ، يوم الأربعاء (4 يونيو/ حزيران 2014)، في مقر معهد البحرين للتنمية السياسية، حيث استعرض خلالها تجربته الخاصة في العمل الدبلوماسي على مدار أكثر من 35 عاماً، بحضور الرئيس التنفيذي للمعهد ياسر الخياط، وحشد من الدبلوماسين، والمثقفين، وعدد من الإعلاميين ورجال الأعمال.
وقال حسين الصباغ في محاضرته: أن رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رجل دولة، خدم البحرين ومازال يخدمها لحد الآن بكل صدق وإخلاص، مردفا: كان شرفا لي أني عاصرت سموه 35 عاماً متواصلة، لم نعرف منه سوى الدعم لكل البحرينيين حتى يكونوا متميزين، ولهم الريادة.
ودعا الصباغ إلى ضرورة فتح القنوات الدبلوماسية مع كافة الأطياف والدول من أجل إيجاد الانسجام والتكامل بين الدولة ونظيراتها.
وأشاد الصباغ في محاضرته إلى أن الدعم السعودي والكويتي والمصري والأردني لاستقلال البحرين وعروبتها كان كبيرا (...) حيث في 1972 أعلن أمير البحرين الانتخابات النيابية في البلاد.
وأشار الصباغ رئيس الوزراء البريطاني ورئيس حزب العمال، هارولد ويلسون، حينها أعلن في أبريل/ نيسان 1968 عزم بريطانيا انسحابها عن منطقة الخليج وسبق هذا الإعلان اتفاقية الجلاء عن السويس التي وقعتها بريطانيا مع مصر، وعليه حصل لغط وجدل دولي بشأن مصير القواعد العسكرية في كل من البحرين والإمارات، منها ما طرحه شاه إيران محمد رضا بهلوي عن تبعية البحرين، مؤكدا موقف الدول الخليجية كالسعودية والكويت ودول عربية كمصر والأردن وغيرهما الداعم القوي لشعب البحرين وعروبتها، وهو الذي كان له الأثر الأكبر في تغيير في الموقف الإيراني وهو "ترك مصير البحرين لرغبات شعب البحرين" في البقاء تحت السيطرة البريطانية أو التبعية لإيران، مبينا أنه التحق بالسلك الدبلوماسي في ذلك الوقت العصيب، وكان ذلك في يونيو/ حزيران 1968 إذ أرسلت بعدها بعام منظمة الأمم المتحدة سفير إيطاليا بالأمم المتحدة للبحرين فيتوريو وينسبير لمعرفة رغبات الشعب البحريني.
وكشف على أثر هذا الجو المستجد بشأن مصير البحرين: قام كل من "رئيس مجلس الدولة حينها" الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة و"مسئول الخارجية" الشيخ محمد بن مبارك بجولات مكوكية إلى أوروبا وخاصة جنيف لأجراء محادثات مع ممثل الحكومة الإيرانية في جنيف بشان مصير البحرين، رافقها حصول أجواء حراك لشعب البحرين في الداخل ومنها تحرك الأندية وعقدها لقاءات متواصلة حيث كان الاجتماع الأول في النادي الأهلي وذلك في 18 أكتوبر/ تشرين الأول 1968، والأندية المحرق والإصلاح والبحرين والنهضة وكلها من المحرق.
وتابع الصباغ في حديثه عن تلك الفترة الزمنية من تفاعل المطالبة الشعبية باستقلال البحرين من جهة، ومن جهة أخرى ظهور موقف دولة مثل باكستان تدعم المطالبة الإيرانية بالبحرين وكذلك الموقف التركي مما أدهش شعب وحكومة البحرين من هذا الموقف الغريب، لكن الجهود التي بذلتها حكومة البحرين والدبلوماسية البحرينية لم تكن سهلة وكللت بالنجاح وذلك من خلال إيمان الجميع بالمصير العربي للبحرين وشعبها.
وقال في حديثه عن عمله في السلك الدبلوماسي: إنه عمل في سفارات خمس دول ومنها العاصمة الإيرانية (طهران) وفي بيروت (رئيس بعثة) حيث أول سفير هناك هو علي المحروس وكذلك عمل مع نبيل قمبر وذلك في العام 1969، وتعرف على السفير السعودي وزير الخارجية السعودي حينها، علي السقاف، الذي لعب دورا كبيرا في تصفية العلاقات مع إيران حيث كانت العلاقة قوية بين السعودية وإيران. واستغرب الصباغ موقف دولة مثل باكستان كدولة تدعم المطالبة الإيرانية بالبحرين، وكذلك الموقف التركي مما أدهش شعب وحكومة البحرين من هذا الموقف الغريب، لكن الجهود التي بذلتها حكومة البحرين والدبلوماسية البحرينية لم تكن سهلة، وكللت بالنجاح وذلك من خلال إيمان الجميع بالمصير العربي للبحرين وشعبها.
كما قال الصباغ أن المملكة العربية السعودية والكويت قد ساهمتا بشكل كبير في تحقيق استقلال البحرين، لافتًا إلى تشكيل "لجنة مصير البحرين" للقاء بالسيناتور الإيراني عباس مسعود، وذلك في أبريل/ نيسان 1970 للتفاوض بشأن مصير البحرين، حيث شارك مع المرحوم يوسف الشيراوي إضافة إلى المرحوم قاسم أحمد فخرو وبرئاسة "وزير العدل والشئون الإٍسلامية" سابقا الشيخ عبد الله بن خالد آل خليفة في هذه اللجنة.
وتوالت جهود المسئولين الكبار في البحرين وبدعم من دول الخليج والعربية بحصول البحرين على استقلالها وذلك في 20 أبريل/ نيسان 1971، وفي ديسمبر/ كانون الأول 1971، سافر حاكم البحرين، المرحوم الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، إلى إيران، وكنت مرافقا صحفيا للوفد، ورافقنا المرحومان يوسف الشيراوي ومحمود المردي حيث تمت مقابلة الشاه، محمد رضا، كما زرنا مدينة أصفهان الجميلة، وعادت الأجواء المتواترة بين البلدين بعدها إلى الهدوء والاستقرار، ثم كشف: مازلت أتذكر أجواء تلك العلاقات حينها جمعت أبناء السنة والشيعة والعرب والعجم في أطر طيبة وجميلة وفي بناء أجواء تعاون محترمة بين الجانبين متمنيا وهو ينهي حديثه في هذا الجانب عودة العلاقات إلى ما كانت عليه بين البلدين.
كما كشف بشأن حل المجلس الوطني إنه وبحكم منصبه الإعلامي في وزارة الخارجية، كان يرافق الصحافيين الذين يأتون أو يدعون إلى البحرين، يتذكر منهم سليم اللوزي، بولتغريف (صحيفة نيويورك) وغيرهما، وقال: بعد تأسيس المجلس الوطني، برئاسة حسن الجشي حلت الحكومة المجلس وذلك في العام 1976، وذكر أن من جملة أسباب الحل أمرين، الأول: قانون أمن الدولة، والثاني: قواعد الأسطول الأميركي الخامس بالجفير، مشيرا إلى أن هناك أسبابا أخرى لم يتطرق لقولها في المحاضرة.
ومن الأمور المهمة التي مرت على البحرين التي يتذكرها خلال عمله في السلك الدبلوماسي البحريني أن البحرين شاركت في وقف تصدير النفط العام 1973 حيث كانت بالمجلس الوطني معارضة شديدة للتصدير، ثم، توالت الأحداث وعينت سفيرا (فوق العادة) في طهران في العام 1974 وعاصر تحرير الرهائن الأميركان حيث مكثوا 440 يوما أسرى لدى الطرف الإيراني، وكشف حسبما يراه أن الإيرانيين تحالفوا مع الرئيس الأميركي الراحل، رونالد ريجان، للإطاحة بالرئيس كارتر منوها إلى ظهور كتاب، اسمه "السقوط المدمر" العام 1979 يكشف أن نظام الشاه سينتهي، وكشف أن المملكة العربية السعودية أقرضت أميركا 20 مليار دولار.
ويتذكر الصباغ أحداث عاصرها عن اغتيال كمال جنبلاط في العام 1977، وزياراته لمعهد شملان الذي نقل من فلسطين إلى بيروت الغربية ثم عين سفيرا في الصين ودهش حين وجد كتاب إبراهيم العريض يترجم هناك كأفضل كتاب إلى اللغة الصينية، منوها إلى انه قام بتأليف كتابين، أحدهما حول الصين وتاريخها وتراثها جمالها وذلك في 14 ديسمبر 2005 حيث بعدها غادر أجواء الدبلوماسية البحرينية بعد أن قضى أكثر من 40 عاماً في ربوعها وفي أحضانها، خدم وطنه قدر الإمكان ومتمنيا أن يقوم الدبلوماسيون "العهد الجديد" بما تجود به أنفسهم من دون كلل أو ملل.