تنصب اوكرانيا اليوم السبت (7 يونيو/ حزيران 2014) بيترو بوروشنكو العائد من مراسم احياء الذكرى السبعين لانزال النورماندي في فرنسا، رئيسا بعدما عزز موقعه ببداية حوار مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من اجل ايجاد مخرج لازمة لا سابق لها منذ انتهاء الحرب الباردة.
واتفق بوروشنكو وبوتين على اطلاق المفاوضات اعتبارا من الاحد في كييف، في سابقة منذ بدء التصعيد في الاشهر الاخير. وقال مصدر فرنسي ان هذه المفاوضات تهدف الى التوصل الى وقف لاطلاق النار بينما تبسط حركة التمرد يوما بعد يوم سيطرتها على الشرق الصناعي في البلاد.
وقال بوروشنكو مساء الجمعة ان "الحوار بدأ وهذا الامر جيد". وكان بوروشنكو وعد بعد انتخابه رئيسا بان هذه الجمهورية السوفياتية السابقة لن تصبح الصومال التي تشهد حربا اهلية منذ اكثر من عشرين عاما.
وسيؤدي رجل الاعمال الثري الموالي للغرب والبالغ من العمر 48 عاما اليمين في البرلمان اعتبارا من الساعة السابعة بتوقيت غرينتش بعدما فاز من الدورة الاولى للانتخابات الرئاسية التي جرت في 25 ايار/مايو ب54,7 بالمئة من الاصوات.
وبعد ذلك سيستعرض القيادة العسكرية في ساحة القديسة صوفيا في وسط كييف بحضور عدد كبير من الضيوف الاجانب وبينهم نائب الرئيس الاميركي جو بايدن ورئيس المجلس الاوروبي هرمان فان رومبوي وعدد من رؤساء دول او حكومات اوروبا الشرقية.
ويتولى بوروشنكو الذي جمع ثروته من انتاج الشوكولاته، الرئاسة خلفا لفيكتور يانوكوفيتش الذي اقصي عن السلطة في نهاية شباط/فبراير بعد حمام دم في ساحة الاستقلال او الميدان في كييف وفر الى روسيا، على اثر ثلاثة اشهر من حركة احتجاج موالية لاوروبا.
وقال بوروشنكو انه سيبقي على ارسيني ياتسينيوك الذي كان عضوا في حزب رئيسة الحكومة السابقة يوليا يوتشنكو التي حصلت على 12,8 بالمئة من الاصوات في الانتخابات الرئاسية، رئيسا للوزراء. كما سيبقي رئيس البرلمان الحالي اولكسندر تورتشينوف الذي تولى الرئاسة بالنيابة، في منصبه.
وسيكون على بوروشونكو القيام بالمهمة الصعبة التي تتمثل بتحقيق التطلعات الاوروبية واخراج البلاد من انكماش شبه متواصل منذ سنتين وتفاقم بسبب الازمة الحالية.
لكن التحدي الرئيسي الذي يواجهه هو اعادة لم شمل بلد في حالة اقرب الى حرب اهلية.
فمنذ سقوط بانوكوفيتش، خسرت اوكرانيا فعليا شبه جزيرة القرم التي الحقت بروسيا خلال ثلاثة اسابيع على اثر استفتاء اعتبرته الاسرة الدولية غير شرعي، وتواجه تمردا مسلحا تقول كييف ان موسكو تقف وراءه.
واسفرت حركة التمرد هذه عن سقوط اكثر من مئتي قتيل خلال شهرين.
واعلن الجيش الاوكراني ان الانفصاليين في شرق اوكرانيا اسقطوا الجمعة طائرة نقل عسكرية تابعة للقوات الاوكرانية قرب سلافيانسك، معقل الموالين لروسيا، موضحا ان الطائرة من طراز "انطونوف-26" كانت تحمل مساعدة غذائية الى السكان.
كما اعلن مقتل شرطي في دونيتسك عاصمة منطقة صناعية تضم ستة ملايين نسمة وتشكل خمس اقتصاد البلاد. وقد سيطر المتمردون على احد المستشفيات في المدينة التي تضم مليون نسمة وجعلوا منه مركزا طبيا للجرحى الذين يصابون في صفوفهم، كما اعلنت الادارة الاقليمية.
وقبل الاحتفالات بذكرى الانزال في النورماندي، قامت روسيا بمبادرة انفتاح باعلانها عن عودة سفيرها في اوكرانيا ميخائيل زورابوف الى كييف. وكان السفير الروسي استدعي الى موسكو في نهاية شباط/فبراير.
وسيحضر زورابوف مراسم تنصيب بوروشنكو.
واثارت اللقطات الخاطفة للرئيس الروسي وهو يتحدث الى بوروشنكو والاعلان عن محادثة قصيرة بينه وبين الرئيس الاميركي باراك اوباما آمالا اضافية في خفض التوتر، لا سيما ان انعقاد هذه اللقاءات لم يكن مؤكدا من قبل.
وقال الخبير السياسي الاوكراني فيتالي بالا "انه نجاح. جرى تنصيب سياسي لبوروشنكو في فرنسا حيث قال الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة بوضوح انهما سيدعمانه".
اما رجل الكرملين القوي الذي لم يعترف رسميا بفوز بوروشنكو، فقد رأى ان طرح الرئيس الاوكراني "صحيح في مجمله". الا انه قال انه "على اوكرانيا البرهنة على حسن ارادتها ويجب وقف العملية القمعية".
وتنتقد روسيا بحدة السلطات الاوكرانية بسبب العملية التي يقوم بها جيشها لاستعادة السيطرة على مناطق الانفصاليين الموالين لموسكو في دونيتسك ولوغانسك شرق البلاد.
وقال مصدر قريب من الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي عمل بالتشاور مع المستشارة الالمانية انغيلا ميركل على انعقاد هذا اللقاء القصير ان "طرق وقف لاطلاق النار" بين كييف والانفصاليين "ستناقش في الايام المقبلة".
ويقترح بوروشنكو ايضا تحركات مشتركة بين روسيا واوكرانيا لتعزيز الحدود التي سيطر عليها جزئيا في الايام الماضية الانفصاليون وتقول كييف انه يتم نقل مقاتلين واسلحة عبرها خصوصا من منطقة القوقاز.
من جهة ثانية، عقد بوتين لقاء جانبيا مع نظيره الاميركي. واعلن مسؤول اميركي ان اوباما طلب من بوتين "خفض التوترات في اوكرانيا" والا فان العزلة الدولية لروسيا ستتفاقم.
وفي مقابلة مع شبكة ان بي سي نيوز، دعا اوباما بوتين الى "الاعتراف بشرعية بوروشنكو (...) والعمل بشكل وثيق مع بوروشنكو والحكومة الاوكرانية لمحاولة حل الخلافات بين البلدين".
وأكد الرئيس الاميركي انه يتعين ايضا على روسيا ان "تتوقف عن تمويل وتسليح الانفصاليين الذين يخربون الجزء الشرقي من البلاد". واضاف "اذا بدأت روسيا بالتصرف طبقا للمبادئ الدولية الاساسية فانا واثق من ان العلاقات ستتحسن بين الولايات المتحدة وروسيا".
اما بوروشنكو، فقد اكد انه يتوقع من روسيا ان تعترف به "في اجل قصير".