استضافت عمارة بن مطر أخيراً معرض (إلهام) الثنائي بين الفنانة بلقيس فخرو والفنان خالد فرحان في عرض بين جيلين مختلفين جمعهما ثراء التجربة التي مكنتهما بأن يمتازا بالفن ويطبعا اسميهما في العديد من المحافل الدولية والعالمية. تجربتان مختلفتان بين النحت والرسم والتلوين غير أن نضوج هاتين التجربتين أبهر المتابعين والمتلقين في صورة مبهمة يسيطر عليها الغموض والتمويه في كل مراحل اشتغالاتهما الفنية.

بلقيس فخرو من خلال تجربتها التي عملت عليها لسنوات أخذت تتجه للتصوف في عرضها وأفكارها التي أولجتها من الأرض لكونها قريبة من تحركات الإنسان وملاحظة التغييرات التي يتعمدها الإنسان في صنع التطوير والسعي للكمال والسعي أكثر إلى الازدحام العمراني المترتب على التزايد في الكثافة السكانية. تبدأ فكرتها من تراكمات المشاهدات والمخزون الفكري والسينما بشكل رئيسي التي تتناول مراحل الإنسان تاريخياً بحياته التي كانت الكهوف من أساسيات الحياة والسكن بمراحل ما قبل التاريخ مسايرة مع التطور الذي يمتد إلى ما بعد خمسمئة عام. الكهوف التي تتناولها في إيحاءاتها وازدحام العمران نقيضان يجتمعان في اللوحة وفي الواقع ومن الأفكار التي تستدعي الوقوف على معالجتها.

أما خالد فرحان فتجربته التي تميزه بين الحين والآخر لا تبتعد أيضاً عن عنصر الأرض فتجربته تنبثق منها لتتفرع إلى صياغات فكرية متعددة تعكس شعوره وتصوره لكون هذا المحيط من حولنا لم يكن مغلقاً ولامحصوراً في شكل مقيد إنما ذهب إلى إطلاق معالجات أبعد من التصور المرئي أو المقروء. فقد عرض كروية الأرض كعادته لكن هذه المره ثقباً مثلثاً يتوسط مركز العمل ذا ألوان متعددة تميز كل عمل عن الآخر. هذه حقيقة الأرض لم تكن لتصمد أمام التحولات المناخية والجغرافية ولم تكن لتصمد أمام تغير طباع الإنسان وتلوناته فكل النظريات التي تطرح حول الأرض هنا سقط قناعها عند تجربة خالد فرحان التي طرحها بجرأة وكل ثقة.

خالد فرحان وبلقيس فخرو من الفنانين المميزين في الحركة التشكيلية البحرينية ولهما حضور دائم ومشاركات مهمة على المستوى العالمي، كما أن لهما مقتنيات في العديد من دول العالم.