كُتب في أعلى الوثيقة (سري)، وفي أسفلها توقيع (سي. أي. كولت)، وهي صادرة من المقيمية البريطانية في البحرين - وكانت قد تحولت من بوشهر في العام 1947 إلى جزر البحرين - وتاريخها 5/ يونيو/ حزيران 1957، أما موضوعها فيخص المدعو (المستر جي دبليو سميث)، وكان يشغل منصب مدير الجمارك في الفترة التي سبقت هذه الرسالة السرية.

تقول الوثيقة:

«سري

المقيمية البريطانية في البحرين

يونيو 5، 1957

عزيزي ديرك،

من فضلك انظر رسالة (باروس)، التي أُرسلت لك، رقم 1011/ 3 من 24 مايو/ أيار عن بلغريف.

2. حاكم البحرين اخبرني في 30 مايو بأنه ليس لديه اعتراض في تعيين سميث سكرتيراً للحكومة. فمنذ مغادرة بلغريف فإن سميث، كما تعلم، وهو يعمل بصورة مؤقتة كمستشار للحاكم. وقد أخبرت الحاكم بأن هذا شئ رائع وخصوصاً أن هذا سيكون له تأثير جيد في البحرين، منذ أن بدأت الشكوك والحيرة تحيط بمستقبل بلغريف. اعتقد الحاكم الآن أدرك أنه من الصعوبة على بلغريف أن يعود (إلى البحرين) لمدة بضعة أشهر فقط ليبقى كزائر. هو يدرك الآن جدية العملية الجراحية التي تمت لبلغريف، والتي سوف يحتاج لوقت طويل للتعافي منها. وحتى لو تعافى من العملية الجراحية، فإنه سوف لن يكون رجلاً ملائماً للتفويض القضائي، أو يعود للعمل كما كانت عادته السابقة في البحرين. وكان الحاكم قد بعث برسائل إلى سميث كسكرتير في 1 يونيو، وحالياً سميث يكتب له توصيات بوضع إعلانات خارج مكتب (بلغريف) تقول: «إنه هو الآن سكرتير حكومة البحرين، ومن الآن سيكون اسم المستشار هو السكرتير». هذا النهج لإعلانات المكتب، كان بلغريف قد بدأه منذ أغسطس/ آب (1956) ليعلن به عن تقاعده الوشيك، وليعلن رسمياً، بشكل أو بآخر، بأن سميث عُين كسكرتير لحكومة البحرين.

3. إذا كنتَ حتى اللحظة لم تفعل أي شيء في رسالة (باروس) المدونة في 24 مايو فلا أعتقد تحتاج لتفعل ذلك.

4. سأرسل نسخة من هذه الرسالة للوكالة هنا.

التوقيع

(C. A. Cault)

وتعليقاً على هذه الوثيقة المهمة جداً، نذكركم أولاً بأنها صدرت في عهد كل من (Bernard Alexander Brocas Burrows – 1910-2002) المقيم السياسي البريطاني في الخليج، ومقره آنذاك في البحرين، وتم تعيينه في الفترة من 22 أكتوبر/ تشرين الأول 1953، إلى أكتوبر 1958، والمعتمد السياسي البريطاني في البحرين المدعو(Charles Alexander Gault-1908- 1996)، وتم تعيينه في الفترة من بين 1955- 1959.

وفي مطلع الرسالة يذكّر (Gault) برسالة سرية سابقة بتاريخ 24 مايو العام 1957، كنا قد نشرناها في وثائق سابقة، وصادرة من دار المقيمية في البحرين أيضاً، حول مصير (بلغريف) بعد مغادرته للبحرين فجأة، وهل كان سيعود أم لا؟

كما توضح الوثيقة السرية هذه، والتي لم تعد كذلك الآن، بأن (بلغريف) وبعد الأحداث الوطنية التي عصفت بها منذ العام 1954؛ قد اتخذ قرار ابتعاده عن البحرين في منتصف العام 1956 وقبل القبض على أعضاء الهيئة ونفي قادتهم إلى جزيرة سانت هيلانة. وهذا ما تشير إليه الأسطر الأخيرة من الوثيقة: «هذا النهج لإعلانات المكتب، كان (بلغريف) قد بدأه منذ أغسطس (1956) ليعلن به عن تقاعده الوشيك، وليعلن رسمياً، بشكل أو بآخر، بأن سميث عُين كسكرتير لحكومة البحرين». ولهذا كتب في يومياته بتاريخ 10 مايو 1956 «سوف أكون مسروراً لو غادرت البحرين وتركت كل هذه الأمور خلفي».

وبناءً عليه فبمجرد أن عاد مدير الجمارك الإنجليزي في حكومته (جي دبليو سميث) من إجازته السنوية، أعلن (بلغريف) عن عزمه على التقاعد، وسلم (سميث) منصباً جديداً باسم سكرتير حكومة البحرين في أغسطس من ذلك العام، ولهذا ففي الواقع أن هذا المنصب ومن شغله لم يوجد فجأة مطلع العام 1957. وهنا تعطينا الوثيقة مؤشراً جديداً عن دور السلطة والمقيمية البريطانية في البحرين، وليس (بلغريف)، في قرار اعتقال أعضاء الهيئة وزجهم في السجون، أو نفيهم لآخر الدنيا!

أضف إلى ذلك أنه في أول عهد السكرتير الإداري الجديد لحكومة البحرين (سميث)، تم القضاء على أول مشروع لاتحاد العمل، الوطني البحريني، بتاريخ 15 فبراير/ شباط سنة 1958، حيث أُجبر الاتحاد على حل نفسه «اختيارياً»، وإغلاق مكاتبه ومقره الرئيس على النحو الذي يذكره، تقي محمد البحارنة، أحد مؤسسي الاتحاد كما يلي: «تم إيداع مالية الاتحاد في البنك البريطاني للشرق الأوسط تحت إشراف أمين الصندوق أحمد الجابر. وإعادة الأثاث المستعار من مجلة «صوت البحرين» إلى إبراهيم حسن كمال. وحفظ البطاقات والأثاث المتبقي والسجلات الخاصة بالمكتب لدى نائب الرئيس محمد قاسم الشيراوي. وإبلاغ السكرتير الإداري لحكومة البحرين (سميث) بذلك، والذي وعد بدراسة الموضوع والإجابة عليه ولكنه لم يفعل».