دخلنا موسم الصيف وعادت إلينا الحوادث الموسمية بما تشكله من خطر على الأمن الاجتماعي، وبما تشمله من أضرار مادية جسيمة وضحايا بشرية ومآسٍ إنسانية، وشهدت البحرين في مناطق مختلفة سلسلة متواترة من الحرائق متباينة الخسائر المادية والبشرية.
وبحسب ما رصدته «صحيفة الوسط البحرينية - العدد 4282 - الخميس 29 مايو/ أيار 2014م الموافق 30 رجب 1435هـ» لعدد من الحرائق على مدى الأسبوع الأخير من مايو الماضي «فإن ألسنة اللهب اندلعت في ثلاثة مواقع متفرقة، بعضها أوقع أضراراً بشرية وأخرى مادية»، فقد تعرّض عامل آسيوي لإصابات متفرقة، وذلك بعد اندلاع حريق بمحل شحن أسطوانات الغاز بقرية جرداب في المحافظة الوسطى، وفي منطقة سار سرت النيران في قفص للطيور بسطح منزل، واندلع الحريق بسبب تماس كهربائي، كما اندلع حريق في سطح أحد المنازل بقرية الدراز نتيجة تطاير شرار اللحام ما سبب أضراراً متفرقة طالت 7 مكيفات، وبدأ مسلسل حوادث الحرائق في منزل بسترة، وأسفر عن وفاة فتاتين بحرينيتين اختناقاً.
حوادث الحرائق متكررة الحدوث في فترة الصيف وتطرح جملة من الأسئلة المهمة التي هي في حاجة إلى إجابة مهنية من قبل جهة الاختصاص، تشخص بموجبها واقع الإجراءات المرتبطة بالأمن والسلامة، والإدارة السليمة للمواقع الصناعية والمجمعات السكنية، والاسئلة المرتبطة بالوعي المهني للأفراد ومدى كفاءة العاملين ومهنيتهم في مواجهة حالات الطوارئ، والقدرة الإدارية والمهنية في اتخاذ الإجراءات المناسبة لمنع وقوع الكوارث وتفادي الاخطاء المهنية التي يمكن أن تتسبب في وقوع الحرائق والكوارث الشاملة الأضرار المادية والإنسانية.
وفي السياق ذاته الإحاطة بالإجابة على الأسئلة المرتبطة بالوعي الاجتماعي في شأن قواعد الإدارة الرشيدة للمطبخ المنزلي، ومفاهيم الحرص في تجنب وصول الأطفال للادوات التي تتسبب في نشوب الحرائق المنزلية، وترشيد سلوكهم للحد من الأنشطة السلبية المسببة للحرائق في الأحياء والمجمعات السكنية، وكذلك الأسئلة المرتبطة بقضايا الوعي المجتمعي بالطريقة السليمة باستخدام الأجهزة الكهربائية وكيفية التعامل مع حوادث الحريق.
المشكلات المحيطة بواقع حوادث الحرائق كانت محور مقال سابق «الشراكة المجتمعية في مواجهة الكوارث» عالجنا في سياقه الحريق الذي اندلع في المجمع السكني في باربار بتاريخ 11مايو وتسبب في إحداث أضرار مادية كبيرة، وشهدت في محيط واقع الحادث مشاهد ومواقف تجسد في مضامين جوهرها عدم إدراك غالبية أفراد المجتمع المحلي بالوسائل البسيطة والتصرف غير المسئول في التعامل مع هكذا حوادث.
وشهدت في مسرح الحدث أحد أشخاص المجتمع المحلي ترك منزله، ولم يبذل جهداً يذكر للمساهمة في إخراج «عبوات الغاز من المنزل» واكتفى بمعاتبتنا في أننا لم ندخل منزله للمساعدة في إخراج عبوات الغاز، وظل واقفاً يتفرج بالقرب من مصدر دخان كثيف رمادي اللون يشير إلى مكونه الخطير على صحة الانسان، ويمكن أن يتسبب في إنهاء حياته على رغم نداءاتنا وحثه على الابتعاد عن موقع الخطر، وما أثار انتباهنا أيضاً رواية شاهد عيان الذي أشار إلى أنه رصد بدايات الحريق الساعة السادسة وخمس دقائق صباحاً، حيث كان متوجهاً إلى عمله وتحقق من مصدر النار، بيد أن ما هو مثير للاستغراب أنه لم يبدِ أي فعل مفيد أو مبادرة في اتخاد أي إجراء للحد من انتشار النار، حيث كان بالإمكان إخماد الحريق في بداياته.
الحرائق المتواترة تشكل مصدر قلق فعلياً للمكون الاجتماعي، وترك ذلك أثره في تفاعل الحرص الاجتماعي في طرح الرؤى وترويج اجراءات السلامة للحد من هكذا حوادث، وجرى عبر وسائل التواصل الاجتماعي تعميم رسائل توعوية وإرشادية مفيدة للارتقاء بالوعي الاجتماعي في شأن وسائل الحد من ظاهرة الحرائق.
الرسائل والرؤى المجتمعية أكدت في مجموعها ضرورة الحرص في إغلاق محولات الكهرباء واقتصار فتحها وقت الحاجة، والاحكام الجيد لتمديدات الغاز وغلق الأفران، والتأكد من فصل التيار الكهربائي عن أجهزة كي الملابس وعدم وضعها بجوار الستائر وهي في حالة تشغيل، وعدم تشغيل «أجهزة التهوية» في دورات المياه والمطابخ لفترات طويلة ونسيانها في ظل حرارة الجو، وعدم تشغيل شواحن الهواتف والآيباد وتركها مفتوحة عند النوم، وعدم استخدام المحولات الثلاثية لأجهزة تعمل على مدار الساعة، وعدم استخدام محولات الكهرباء رديئة الجودة ويفضل استعمال المحولات عالية الجودة، وعدم ترك الأبناء دون رقابة ومتابعة في المنزل، وفتح أبواب غرف النوم ليلاً وعدم جعلها مغلقة يصعب الوصول إلى من فيها في حالة الطوارئ، عدم تشغيل المكيفات لفترات طويلة وبشكل متواصل، والتحقق من سلامة المفاتيح الكهربية المفتوحة والتأكد من إغلاق الأجهزة الكهربائية غير المستعملة قبل النوم، واستبعاد التوصيلات الكهربائية كشواحن الهواتف التي يشك في تسريبها للكهرباء واستعمال شواحن عالية الجودة، والتأكد من إطفاء الأنوار التي تعمل في الفترات الصباحية وعدم ترك المكيفات في حالة التشغيل في غياب أفراد الأسرة خارج المنزل.
تلك إرشادات على قدر كبير من الأهمية ينبغي أخذها في الحسبان لتجنب مأساة حوادث الحريق، ويتطلب الأمر أيضاً من جهة الاختصاص تشديد الرقابة وفرض الالتزام والتوعية بمعايير الأمن والسلامة للحد من حوادث الحريق.
إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"العدد 4290 - الخميس 05 يونيو 2014م الموافق 07 شعبان 1435هـ