العدد 4290 - الخميس 05 يونيو 2014م الموافق 07 شعبان 1435هـ

صاحب "السنوات السِمان" كونتشانك... تنبؤ بالرفاهية والقمع الذي تمحوه الذاكرة!

الوسط (فضاءات) - جعفر الجمري 

تحديث: 12 مايو 2017

تعرَّف صاحب متجر صغير لبيع الكتب في هونغ كونغ على المؤلف تشان كونتشانك على الفور. ثمة كتب لمؤلفين صينيين، في مكتبات شعبية متخصصة في بيع الكتب التي يتم منعها في البر الصيني الرئيسي، ولكن ليس في الأرض المستقلة نسبياً من هونغ كونغ.

وجد كونتشانك مجلداته التي يحتاجها على الرف في الجانب الآخر من أمين الصندوق، في حين جلب صاحب المتجر أكواباً من الشاي الممزوج بالحليب.

كونشانغ (61 عاماً) من مواليد شنغهاي نشأ وترعرع في هونغ كونغ، ويعيش الآن في العاصمة الصينية (بكين). حاز وشغل اهتماماً دولياً مع صدور روايته "السنوات السِمان" في العام 2009، وهي رواية خيال علمي، تصور العالم في العام 2013 وقد احتل فيه الاقتصاد الصيني المرتبة الأولى على مستوى العالم، وراح الصينيون ينعمون بذلك الازدهار الاقتصادي، وانتابت الصينيين حال من النشوة والفرح، صاحبها فقدان للذاكرة ونسيان الماضي. إلا أن شخصيات في الرواية أصبحت مهووسة بأن حملة قمع نفّذتها السلطات قد محيت من الذاكرة.

تطرّقت الرواية إلى استخدام الصين بشكل مفرط لعقوبة الإعدام، والرقابة التي تفرضها الشرطة على المعارضين ورقابة الإنترنت.

نشرت الرواية للمرة الأولى في هونغ كونغ وتايوان في العام 2009، وترجمت إلى 12 لغة عالمية؛ إلا أن الكاتب لايزال مغموراً نسبياً في الصين.

نشرت روايته الأخيرة "الأحلام العصيَّة لشامبا"، في مايو/أيار 2014، باللغة الإنجليزية.

في مقابلة أجريت معه، تحدث تشان عن الجنس، والرقابة، والتبت، والحيوانات الأليفة المسروقة وعن أشخاص يفتحون بريده، مادّة الحوار كتبها جويس لاو في صحيفة "نيويورك تايمز" يوم الأحد (25 مايو 2014)، إلى تفاصيل الحوار:

هل حاولت نشر روايتك "السنوات السِمان" داخل البر الصيني؟

- اتصل عديد من الناشرين عندما بلغهم أنني نشرت الرواية. طلبت منهم قراءتها قبل كل شيء؛ بعدها لم يبد أحد اهتماماً بنشرها.

ولكن شخصاً ما - لا أعرف من هو - طبعها في نسختها الصينية المبسطة ونشرها على شبكة الإنترنت، حيث بقيت لمدة ستة أشهر. كانت هناك على الأقل نسختان من الإصدار، واحدة طبعت وتم نسخها ضوئياً وتم تعميمها على نطاق واسع، ومعظمها على ملفات PDF إلى أن تم حذفها. لم تكن الرقابة بهذه السرعة التي نشهدها الآن. ما حصل يعطي مؤشراً إلى أن السلطات علمت بأمر الرواية.

هل حدث شيء مماثل لرواية "شامبا"؟

- هذه المرة، الضوابط صارت أكثر إحكاماً. إنهم يحسّنون إمكاناتهم في عرقلة وإعاقة الأمور. والقرّاء ربما يكونون أقل حرصاً. هناك الكثير من العناوين في الصين الآن. لماذا يريد الناس إهدار طاقتهم في البحث عن العناوين المراقبة؟

من أين تحصل على مواد القراءة الخاصة بك؟

- هناك واحدة أو اثنتان من المكتبات الجيدة حقاً في بكين، بالإضافة إلى "أمازون الصين. وبالنسبة إلى الكتب الإنجليزية، يمكنني النفاذ إلى "أمازون" الولايات المتحدة، والكتب تصل معظم الوقت، لكن المشكلة في الكتب المحظورة. حاولت الحصول على الكتب التي قمت بإنجازها؛ إذ تم إرسالها لي، ولم يسمح بوصولها. إنهم يفتحون صناديق بريدي.

ما الذي تقرؤه؟

- أحاول أن أنهي عدداً من الروايات السميكة التي كتبها جوناثان فرانزين، وخصوصاً "التصحيح" و "الحرية" كما قمت بقراءة رواية "2666" لروبرتو بولانو. أنا لست على تلك الدرجة من الشجاعة كي أكتب روايات السميكة للقراء الصينيين. قرأت أيضاً "أسنان بيضاء" لزادي سميث.

روايتك "شامبا" تبدأ بعلاقة غرامية بين شاب وسيم من التبت وسيدة أعمال ثرية كبيرة في السن. هي "الأم السكّر"، وهو "ذراع الحلوى" بحسب تعبيرك. لماذا قلبت الصورة النمطية بين الجنسين رأساً على عقب؟

- هذا شيء لاحظته في الحياة الحقيقية. عديد من النساء الصينيات في منتصف العمر، عندما يذهبن إلى التبت تحدث تغيّرات في سلوكهن. يصبحن عابثات جداً مع مرشديهن السياحيين أو السائقين، ومثل ذلك لن يحدث في بكين. وأولئك الرجال وسيمون جداً.

بطل الرواية شاب من التبت، ذكي، إلا أنه لا يعرف القراءة والكتابة بشكل جيد. يحب المرأة تلك، ويحب النبيذ وسيارته. حاولت أن أكتب الرواية بشكل مباشر قدْر الإمكان. الرجل (الشخصية) ليس عميقاً. هو عميق من حيث هو معيب للغاية.

كيف هي التبت (المكان) التي وصفتها بشكل مختلف عن الصورة النمطية المعتادة؟

- كان طموحي أن أكتب رواية عن التبت تناهض الرومانسية. لم أكن أريد الكتابة عن الجنة المفقودة، عن تلك البيئة الجبلية، عن ذلك النوع من المكان، والذي يمتلئ بالروحانية والغرابة في الوقت نفسه.

كنت في التبت عدّة مرات. لاسا (العاصمة التقليدية للتبت وعاصمتها المتمتعة بالحكم الذاتي في الصين) هي حديثة جداً. ونصف السكّان هناك ليسوا تبتيين، وعديد من التبتيين يعملون للدولة - على سبيل المثال، كرجال شرطة. هؤلاء الشباب يتصرّفون تماماً مثل الصينيين الآخرين، بما يمتلكونه من مصمّمي الجينز والهوس بالسيارات. أولئك الرجال يحبون سياراتهم. لذلك أردت شخصاً ليس من الرعاة أو المزارعين. شامبا كان كذلك.

إلى أي حد تغيّرت التبت في جيل واحد؟

- أنا بدأت البحث في التبت لأنني كان من المفترض أن أنتج فيلماً لاستوديو فرانسيس فورد كوبولا (فرانسيس فورد كوبولا، مُخرج، مُنتِج، وكاتب سيناريو أميركي من أصول إيطالية. حصل على جائزة الأوسكار خمس مرات. وُلد في 7 أبريل/نيسان 1939 في ديترويت). بدأت زيارة التبت في العام 1992، لقد تغيرت كثيراً. هناك مزيد من الصينيين أكثر من أي وقت مضى قدموا من البر الرئيسي. عدد السياح الصينيين قد كسر كل الأرقام القياسية، وهناك عدد أقل من السياح العالميين، لأنه من الصعب بالنسبة لهم الحصول على تأشيرات دخول. في بعض الأحيان يتيحون للغربيين من كبار السن الفرصة لزيارة التبت في مجموعات صغيرة، ولكن الشباب من أولئك السياح وإلى حد كبير ولّوا ظهورهم. الشيء نفسه مع المنظمات غير الحكومية الأجنبية. هناك عدد قليل جداً منها في التبت.

هناك نوعان من المشاهد التصويرية يبدو فيهما شامبا فارضاً نفسه على النساء، بما في ذلك سيدة الأعمال وابنتها. هل تسمي هذا اغتصاباً؟

- في حالة واحدة، لديك فتاة شابة غير متأكدة تماماً من حياتها الجنسية، والشاب القادم من التبت والذي لم ينل تلك المتعة. هي حقاً منطقة رمادية. في حين أن كلا المرأتين لا ترغبان في ذلك، إلا أنهما لا تقاومان ذلك كثيراً.

أردت خلق علاقات جنسية معقدة قدر الإمكان. إنها كناية عن العلاقات الصينية والتبتية. التبت والصين مرتبطتان بشكل مركّب ومعقد جداً في ما يتعلق بالتبعية. يجب أن تشعر بعدم الارتياح حين قراءة تلك المقاطع.

مع ملامحه التبتية وأوراقه الدّالة عليه، يجد شامبا صعوبة في العثور على مكان للإقامة. هل تريد القول إن الصينيين كانوا عنصريين تجاهه؟

- إنهم براغماتيون. الفنادق تريد تجنّب المتاعب، لهذا السبب يبالغون. الملّاك أيضاً. والنتيجة ليست خفية جداً.

الوظيفة الوحيدة التي يمكن لشامبا الحصول عليها في بكين هي العمل كموظف أمن بفندق، وفي ذلك كناية عن "البلطجة في السجن الأسود" - وهو مركز اعتقال خارج نطاق القانون - إلى أي حد هي منتشرة مثل تلك الممارسة؟

- شيء واحد يمكن للتِبتي القيام به في بكين هو أن يكون حارس أمن. في الواقع، قامت بكين بحملات لتجنيد شبان لاسا للقيام بهذا العمل في العاصمة. لذلك شامبا يذهب من أجل أن يعمل في واحد من تلك الفنادق.

عندما اتخذت الحكومة الصينية إجراء جمع ملتمسي العمل، وضمن قطاع محدّد، تريد بذلك أن يكونوا سجناء في تلك "الفنادق" حتى يمكن إعادتهم إلى محافظاتهم بسهولة ما داموا ضمن نطاق العمل ذاك. وهناك أيضاً الفنادق التي تستخدم مسئولي الأمن المحليين عندما لا تريد توجيه اتهامات رسمية للبعض. إنه اللامكان.

تورَّط شامبا مع نشطاء في محاولة لإنقاذ حمولة شاحنة من الكلاب في طريقها إلى المسلخ. هل يحدث هذا حقا؟

- أكل الكلب هو قانوني في الصين، والمطاعم التي تقدم لحم الكلاب تحتاج إلى إمدادات. ولكن لا أحد في الواقع يربّي الكلاب اللاحمة - إنها مكلفة للغاية - لذلك تتم سرقتها.

هذه الحوادث تأخذ مكانها. مجموعة من النشطاء ستقوم بإيقاف شاحنة التسليم من خلال اعتراضها بسياراتهم - لديهم سيارات لأنهم عادة ما يكونون من الطبقة المتوسطة. ويقومون بعد ذلك بشراء ذلك المخزون من الكلاب المسروقة. أجد أنه من المشجّع أن يقوم الناس بأمور لا علاقة لها بمصالحهم المباشرة.

عملتَ مع "غرينبيس" (السلام الأخضر)، والجماعات البيئية المحلية. يمكنك أيضاً التنبؤ بمستقبل مظلم للبيئة في رواياتك. ما هو مدى سوء الوضع في الصين؟ هل انعكس الضرر؟

- لايزال من الممكن تنظيف بعض الأنهار. بعض، وليس جميعها. ويمكن تحسين نوعية الهواء إذا تم بذل جهد للتخلص التدريجي من الفحم. الغابات تقريباً انتهت. لقد فات الأوان. لا يمكنك إعادة إحياء التنوع البيولوجي. ولكن المشكلة الرئيسية هي في المياه الجوفية - إنها ملوثة بذلك. وتلك أخطر أزمة: إمدادات المياه.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً