العدد 4289 - الأربعاء 04 يونيو 2014م الموافق 06 شعبان 1435هـ

مستقبل تنظيم إخوان البحرين النيابي والسياسي... إلى أين يتجه؟

سلمان سالم comments [at] alwasatnews.com

نائب برلماني سابق عن كتلة الوفاق

الكل يعلم أن تنظيم الإخوان المسلمين في البحرين بدأ نشاطه بجزيرة المحرق في العام 1941 بعناوين خيرية وإنسانية وثقافية، واستطاع بتلك العناوين الإنسانية أن يستقطب الكثيرين من أبناء البلد الطيبين، وتعمده إخفاء هويته الأيديولوجية والسياسية من أجل بناء قواعده التنظيمية التي تمكنه من التغلغل والتمدد بسرعة فائقة في أوساط المجتمع وفي مختلف المؤسسات الرسمية وفي مراكزها المتقدمة الحساسة، وقبل أكثر من عشرين سنة أخذ التنظيم يتدخل بصورة مباشرة أو غير مباشرة حتى في البعثات والمنح الدراسية، وبدأ يحرم بطرق مختلفة الطلبة المتفوقين من نيل استحقاقاتهم الدراسية وتحقيق رغباتهم الأولية، وقد تمكن من إعطاء أكبر عدد من الطلبة التابعين إلى التنظيم أو من لهم علاقة وجدانية به بعثات ومنحاً في الجامعات في داخل البحرين وخارجها، ليضمن هيمنته في المستقبل المنظور على مختلف المواقع المتقدمة في الدولة.

وبالفعل بعد عشرين سنة من تدخله في البعثات الدراسية، وجدنا أنه تمكن من نشر عناصره الخريجين من مختلف التخصصات المتقدمة في الكثير من الوزارات والدوائر والهيئات الحكومية، وكان تركيزه الأكثر على وزارة التربية والتعليم؛ لأنه يعتقد أنها السبيل الأفضل لبناء كوادره التنظيمية، وفي طوال مسيرته السياسية لم يكشف يوماً عن ارتباطه العقائدي والسياسي بتنظيم الإخوان المسلمين في جمهورية مصر العربية، والمعروف أن جميع فروع التنظيم في العالم ترتبط أيديولوجيا وسياسيا بصورة مباشرة بالمرشد العام للإخوان في مصر، وأنها تنفذ أوامره ونواهيه بكل حذافيرها، وكان يستخدم ورقة الطائفية من أجل حرمان الفئات التي يعتقد أنها تعوقه بتميزها العلمي والأدبي والثقافي من تحقيق مآربه السياسية والإيديولوجية، وليس بمستغرب أن تكون لها ارتباطات اقتصادية بينها وبين إدارة التنظيم المركزية في مصر، ولهذا حاول التنظيم في الأزمة السياسية جاهدا إبعاد أنظار الناس عن ارتباطاته الخارجية، ومارس في ذلك التدليس والكذب والافتراء والبهتان والقذف من أجل أن يتهم قوى المعارضة الوطنية الديمقراطية بارتباطات خارجية.

وركز كثيراً على استخدام مفهوم ولاية الفقيه وعدم الولاء للوطن ليلصقهما زورا وبهتانا بقوى المعارضة، وهذا التصرف يعبر عنه علماء النفس بالإسقاط النفسي، وكان يعتقد أنه لن يستطيع أن يغمض أعين الرأي العام عن ارتباطاته بتنظيم الإخوان المسلمين العالمي إلا بهذه الطريقة المصطنعة، ونجده حتى هذه اللحظة لم يفصح التنظيم عن هويته السياسية والإيديولوجية علناً، ووجدناه في انتخابات 2002 و2006 و2010 النيابية والبلدية في حملاته الانتخابية لم يخبر الناخبين بانتمائه السياسي والإيديولوجي، فكثير من المواطنين الذين أعطوا أعضاء التنظيم أصواتهم في الانتخابات السابقة لم يعلموا أنهم ينتمون سياسيا وعقائديا وأيديولوجيا إلى تنظيم الإخوان المسلمين، ولهذا نجد استغلال التنظيم الناس لتنفيذ سياسة الإخوان الاقصائية والهيمنة على مفاصل الدولة بعناوين طائفية ومذهبية وبأساليب ملتوية غير أخلاقية، لإبعادهم عن معرفة ماهية التنظيم الذي ينتمون إليه عقائديا وسياسيا، وإشغالهم في قضايا طائفية ومذهبية مقيتة، وقد ضاعف التنظيم عشرات المرات من نشاطه الطائفي الذي سبب الضرر للوطن والمواطنين في السنوات الثلاث الماضية، ولم يترك وسيلة غير أخلاقية في تهميش وإقصاء الكفاءات الوطنية المتميزة إلا واستخدمها، فكان يحلم أن يبسط سيطرته على جميع المواقع السياسية والخدمية المتقدمة منذ زمن بعيد.

فوجد في الأزمة السياسية فرصة سانحة للوصول إلى أهداف التنظيم السياسية، ووزارة التربية والتعليم إحدى ضحاياه، حيث قام بالتلاعب بمصير التربويين في التعيينات والترقيات والحوافز والمكافآت، وأخذ في مراحل مختلفة من عمر التعليم يتصرف بالبعثات والمنح الدراسية ويعطيها إلى عناصره التنظيمية، حتى يحقق بهم مآرب التنظيم الإيديولوجية والسياسية، وكأن ما قام به ونقصد تنظيم الإخوان المسلمين في مملكة البحرين في السنوات الأخيرة من ممارسات سياسية واسعة بعناوين طائفية ومذهبية تسعد كثيراً المرشد العام في التنظيم، وكان يطمح إلى أن تمتد الأزمة السياسية سنوات طويلة من دون حل؛ لأنه يعتقد أن في حل الأزمة خسارة كبرى للتنظيم على رغم ما فعله من ممارسات خارج القانون، وليس بمستغرب إذا ما قام بتوزيع تعميم على أعضائه في المجالس البلدية يأمرهم فيه بعدم السماح ببناء مساجد لطائفة معينة، ونعتقد من اليوم الذي وضع فيه التنظيم على قائمة الإرهاب في مصر العروبة وفي أكثر دول مجلس التعاون الخليجي، جعل المواطن يبحث عن الحقيقة التي عمد التنظيم لتغييبها عنه 73 عاماً.

وبدأ الكثير من الناس الذين استغل طيبتهم سنوات طويلة يراجعون مواقف وسلوكيات وممارسات التنظيم في حق الكفاءات الوطنية، وأخذوا يتفحصون الأشخاص الذين مكنهم التنظيم في مواقع متقدمة على رغم قلة خبرتهم ومؤهلاتهم على حساب الكفاءات البحرينية المؤهلة ذات الخبرات الواسعة، وقد تبين للكثيرين منهم أن التنظيم الذي غيب عنهم منذ وجوده في البلد هويته السياسية وأظهر إنتماءه المذهبي لدغدغة مشاعر البسطاء من الناس، أثبت أنه لم يكن يعمل في يوم من الأيام للوطن، كان جهوده وإمكانياته جميعها وظفها لتمكين التنظيم في كل مفاصل الدولة، وقد نجح بنسبة كبيرة في تحقيق أهدافه السياسية بالتلون المذهبي والمخادعة السياسية والتملص من كل تعهداته، والتزاماته مع من تحالف معهم في انتخابات 2006.

لن يستغرب أحد لو أعلن رموز التنظيم في البحرين البراءة منه، وقد يدعون أنهم لم يكونوا يعلمون أنهم ينتمون إلى التنظيم، وأنهم خدعوا واستغلوا طوال السنوات الماضية، وقد يتهمونه بالمروق كما فعل غيرهم عندما اتهموا من دعموهم بالسلاح والمال والإعلام وأسموهم مجاهدين بالأمس القريب بالمارقين، وكأنهم نسوا أو تناسوا أنهم يعيشون في الألفية الثالثة التي يرصد فيها كل سكون وحركة في هذا العالم الفسيح، فكيف إذا كان هم الذين وثقوا ونشروا على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي وجودهم في ميدان القتال مع من نعتوهم بالمارقين، هل تبين لهم بعد خوضهم التجارب العديدة معهم أن أولئك ليسوا كما كانوا يعتقدون فيهم؟

في جميع الحالات فإن الرأي العام تكوّنت لديه فكرة واحدة أنهم معهم قلباً وقالباً حتى لو نفوا عن أنفسهم ذلك مئات المرات، كذلك عناصر تنظيم الإخوان لو نفوا عن أنفسهم انضمامهم إلى التنظيم لن يصدقهم أحد من المتابعين السياسيين، فالسؤال الذي يطرح في الساحة السياسية اليوم، إلى أين يتجه مستقبل التنظيم في المرحلة المقبلة؟ هل سيبتعد عن الظهور المباشر في الانتخابات البلدية والنيابية المقبلة أم أنه سيدفع بعناصر أخرى غير معروفة انتماءاتها الأيديولوجية والسياسية، لتلبي له طموحاته السياسية؟ لا شك أنه في هذه الأيام يعيش القلق الشديد على مستقبله، ولا يدري هل تسكت دول الخليج العربي عن وصفه بالإرهاب أم أنها ستتعامل معه بوصفه جزءاً من تنظيم الإخوان العالمي؟

يظهر من تحركاته السياسية والله العالم أن كل الأمور باتت عنده واضحة وجلية، وكأنه يشعر أن مستقبله أصبح في مهب الريح، وأن رهانه على استطاعته تغيير جلده التنظيمي والاستمرار في الحياة السياسية كما كان ليس مضموناً، لم يكن في يوم من الأيام يتصور أنه يوضع في مثل هذا الظرف السياسي القاسي، كان يعتقد بعد تمكن التنظيم من الوصول إلى السلطة في أكثر من بلد عربي يجعله أكثر قدرة على المناورة والمراوغة السياسية، وفرض رأيه السياسي بكل وضوح على خصومه السياسيين والنظام السياسي في البلاد، وتكون له القدرة على المطالبة بأكثر مما يستحق من المناصب والمراكز المتقدمة، وهو في نشوته المفرطة لم يكن يتوقع ما حدث من تغييرات سياسية، وأن الوضع السياسي سينقلب عليه رأسا على عقب من دون مقدمات بهذه الصورة السريعة، لعل ما حدث يجعل التنظيم في البلد يتفهم جيداً أن أسلوب الإقصاء والتهميش والخداع والتملص من كل التعهدات تؤدي إلى الفشل الذريع، نسأل الله أن يمن على البلاد والعباد بالأمن والأمان، وأن يجعل الوطن للجميع والأمن للجميع، ويكون الشعب مصدر السلطات جميعاً كما جاء في ميثاق العمل الوطني والدستور، وأن تنتهي الأزمة السياسية بتحقيق المطالب المشروعة، وإنهاء مسبباتها وتداعياتها وآثارها القاسية، ويعم الود والحب بين مكونات الوطن، ويسهم الجميع في تنمية وتطوير بلادهم في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإنسانية والحقوقية والقانونية والقضائية والتعليمية والصحية والإسكانية والرياضية والفنية، وأن يبعد عن المواطنين التمييز والفساد والطائفية البغيضة التي تدمر البلاد والعباد.

إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"

العدد 4289 - الأربعاء 04 يونيو 2014م الموافق 06 شعبان 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 14 | 9:32 ص

      ويش الغرق انتم مثلهم

      كل الاحزاب في العالم العربي والاسلامي يريدون ان تكون البلاد و العباد ملكهم واتصور الصورة واضحه بسعي الجنعيات في البحرين السيطره على دور العبادة مساجد وماتم و صناديق وجمعيات خيريه ووو الخ واتصور ما علينا الا ان نحذف اسم الاخوان ونضع اي اسم لاي تيار سياسي في البحرين

    • زائر 13 | 6:41 ص

      جمعية المنبر تستحوذ على المحرق ومدينة حمد بالدائرة السادسه

      شيء بغيض ان ندرك حقيقة الاخوان في وقت متاخر ولكن ردة الفعل بعد كشفهم كانت سريعة بالنسبة لنا كأهالي المحرق ومدينة حمد وكنا نظن سابقا ان دولة مقصرا في كل شي ولكن تبين لنا بان الجمعيات الحزبية مثل جمعية الاصلاح وذراعها السياسي المنبر وشباب المنبر هم اساس الطائفية والتحزب وهم من استحوذ على الاراضي باسم التبرعات المشبوهة لسوريا وقاموا الان بانشاء جمعية الاهليه بمدينة حمد وهي مدعومة من الاخوان ويعملون على توسعها كجمعية مستقلة من اجل ابعاد الشبهات عن جمعية المنبر وسيتضح ذلك في الانتخابات القادمه 2014

    • زائر 12 | 6:40 ص

      لا

      لا تستبعد يا استادى انهم السبب فى هدم مساجد الشيعة الله اخلصنه من اولاد الشيطان الجهلة

    • زائر 11 | 6:10 ص

      العبد لله

      جميل جدا ما تفضل به الاستاذ سلمان سالم في هذه المقالة..المطلوب من جميع الوطنيين كشف الستار عن هذا التنظيم وتوثيقة ونشرة في وسائل التواصل الاجتماعي .
      اقترح من الاستاذ سلمان الاستمرا في الكتابة عن هذا التنظيم الطائفي الذي كرس ولازال يكرس الطائفية البغيضة والاصطياد في المياه الاسنة وتقديم مصالحه الضيقة على مصلحة الناس والوطن بل مستعد ان يتاجر بها في سوق النخاسة وبيع الوطن والمبادئ في سبيل الاستمار في كسب الامشروع من الامتيازات والنفوذ في الدولة وفي المجتمع.
      شكرا لك يا استاذ سلمان ومن القلب

    • زائر 10 | 3:10 ص

      سلمت يداك على هذا المقال

      صراحة موضوع اكثر من رائع وتحليل منطقي لجماعة الإرهاب

    • زائر 9 | 2:25 ص

      الاخوان و ولاية الفقيه وجهان لعملة واحدة

      الاخوان و ولاية الفقيه وجهان لعملة واحدة فكلاهما يدين بالولاء لمرشد في الخارج و كلاهما محبوبان من قبل الأمريكان و اكبر دليل العراق الذي سلمه الأمريكان لولاية الفقيه و مصر التي حاولوا تسليمها الاخوان

    • زائر 16 زائر 9 | 3:57 ص

      أمريكا لا تحب الإخوان

      الإخوان يكادون يكونون على شاكلة تنظيم القاعدة، فكان واضحاً من تصرفات محمد مرسي بأنه يتعامل مع إسرائيل بشكل سطحي مكروه. أمريكا تساند إسرائيل ولا تريد أن تكون مصر، أقوى دول العالم العربي بشرق أفريقيا، أن تقف ضد إسرائيل. أمريكا "أدارات أعينها" عن ما قام به عبد الفتاح السيسي لأن ذلك في مصلحتها ومصلحة الغرب. كادت مصر أن تخرج من الحلقة البغضاء بعد تولي مرسي الحكم، ولكن أخشى بأنها تعود إلى المربع الأول مع المشير السيسي حاكماً عليها. والله أعلم.

    • زائر 8 | 1:23 ص

      شكرا استاذنا

      شكرا على الموضوعية ونتمنى ان تكون لكم كتابات مماثلة لجماعات اخرى ما لها وما عليها فهذا يجعل المشهد يكون اكثر وضوحا

    • زائر 7 | 1:22 ص

      انا اري ان جمعية الوفاق وجمعية المنبر الاسلامي (إخوان مسلمون)

      هما وجهان لعملة واحدة فالاولي تأتمر بتوجيهات وارشادات واوامر الولي الفقيه والثانية تاتمر بالمرشد العام...إختصارا إختك مثلك

    • زائر 6 | 1:18 ص

      تنظيم اللااخوان هو الاسم الصحيح

      بالاضافة الى ما ذكرته ا سلمان فانه من الملاحظ ان أصول جميع عناصر تنظيم الاخوان في البحرين ليست بحرينية. واختر اي عينه منهم وسترى هذه القاعدة صحيحة. وهذا يعطيك انهم لا يبحثون عن مصلحة البلد وإنما يلهثون وراء مصالحهم الفئوية ولتحترق الارض ومن عليها.

    • زائر 5 | 1:04 ص

      (( طلاق غير معلن.))

      صعب على الحكومة أن تدخل في صراع مع شريحة كبيرة من المكون السني في حين أنها تعيش أزمة خانقة مع الأكثرية الشيعية ( المعارضة) ، وعلى هذا الضوء ستبقى الحكومة تتعامل معهم بحذر من غير إضافات جديدة لهم في المواقع التنفيذية العالية وستزيح الوزراء المحسوبين على الإخوان في التعديل الوزاري القادم.

    • زائر 1 | 10:25 م

      الامارات ادركت خطة الاخوان في اختراق اجهزة الدولة

      الاخوان في الامارات في الكويت و قطر و البحرين و تركيا و بالطبع مصر يحاولون يكون لهم اذرع متمكنة القرار في مفاصل مهمة في الدولة و تثير شهيتهم في دول الخليج وزارة التربية اولا ثم المؤسسات المصرفية ولا يكترثون ان كانت ربوية المهم السيطرة .في الامارات ادركوا المخطط فعالجوه بطريقتهم اما في البحرين و الكويت لظروف خاصة وربما لحجم التغلغل فانهم يجدون صعوبة في محاكاة ىلطريقة الاماراتية

اقرأ ايضاً