العدد 4289 - الأربعاء 04 يونيو 2014م الموافق 06 شعبان 1435هـ

"الأهازيج الشعبية المرتبطة بحياة الأطفال في البحرين" لأحمد مبارك سالم... إضافة جادّة

الوسط (فضاءات) - جعفر الجمري 

تحديث: 12 مايو 2017

قليلة هي الدراسات التي تبحث في المرتبط بالذاكرة؛ وخصوصاً تلك التي تتعلق بالأطفال. عربياً، الطفل العربي هو الأقل اهتماماً فيما تضخّه المطابع ودور النشر سنوياً، وكثير مما يتم ضخّه لا يُعوّل عليه كثيراً من حيث قيمته والأثر. خذ مثلاً، عدد الشعراء وكتّاب الأعمدة، وكتّاب القصة القصيرة وحتى الرواية في الوطن العربي يشكّلون جيشاً جرّاراً. من يكتبون للأطفال في أي منحى بالأهمية التي ننشد ونتوخّى لا يشكّلون فريقاً في لعبة كرة القدم مع الذين على دكّة الاحتياط! وتلك مأساة مستمرة، أو يبدو شبه عقْم قائم!

الكاتب والباحث البحريني أحمد مبارك سالم، يتصدّى لموضوع ليس حاضراً في اهتمام من هم من المفترض على دراية واختصاص فيه أكثر منه: "الأهازيج الشعبية المرتبطة بحياة الأطفال في البحرين"، الصادر عن مجلة "البحرين الثقافية" ضمن مشروعها المتميز في الإصدارات. الأطفال تحديداً على انشداد بالإيقاع. كل إيقاع يبدو جديداً بقليل من التحايل ولو تكرر. نحن إزاء ذاكرة في المقام الأول. الأهازيج التي تتصيّر من البيئة بكل ما يربط بها من مفردة ولهجة وإيقاع هي مخزون على مستوى كبير ومساند لتلك الذاكرة.

في معجم المعاني نقف على أهزوجة: جمع أهزوجات وأهازيجُ: أغنية، ما يُترنَّم به من الأغاني "للأعراس أهازيجُ خاصّة بها". للأطفال أهازيجهم الخاصة، وستكون بمنأى عمّا يسلبهم قيمة فرح وانفتاح ومرح. يتم النأي بهم عمّا هو على النقيض من ذلك. قيمة فرح تمنحها مناسبات هي منجم يفيض بالفرح.

قسّم الباحث كتابه إلى فصلين، تناول الأول منهما "قراءة مختلف جوانب الحياة الاجتماعية والثقافية في البحرين قبل مئة عام، والتي كانت تسود حياة الأطفال، وعرض صورة علاقة الناس كما عكستها العادات والتقاليد، وحياة الناس في مصايفهم، وفي تنقلهم وترحالهم، والصورة التي كان عليها تعليمهم ومستوى ثقافتهم"، فيما المبحث الثاني من الفصل، يتناول المهن وعلى رأسها الملاحة وصيد اللؤلؤ، والفخار، وصناعة النسيج والتطريز. وفي المبحث الثالث يستعرض صورة إحياء المناسبات، شهر رمضان، الفرحة بالعيد، الزواج، تتمة حفظ القرآن. وفي المبحث الرابع، يستعرض أحمد مبارك سالم البيئة متمثلة في الفنون، الوافد منها والأصلي.

وفي الفصل الثاني من الدراسة، يسلط الضوء على ما يتمخّض عن تناوله السابق من أهازيج شعبية، متناولاً إياها تعريفاً وسمات. كما يتناول في المبحث الثاني قراءة أنماط تلك الأهازيج، نثراً وشعراً عامياً موزوناً من شطرين، وكذلك الشعر الفصيح، فيما يتناول المبحث الثالث أغراض تلك الأهازيج وعلاقاتها.

ويورد الباحث في ثنايا دراسته نماذج لتلك الأهازيج نورد هنا جانباً منها:

النظم الشعري الموزون والمقفّى: قرقاعون عادت عليكم... أيا الصيام... من بعد اقصيّر ... أويه الرمضان... يا الله يا الله يا الله يا الله... يا الله تسلم ولدكم... ولدكم يا الحباب... وسيفه يرقع الباب... سنة الغلا ما صكه... ولا صكّ بوابه... قرقاعون.

ومنها ما ينظم بقافية مختلفة لكل بيت:

حبيبي ما تعشى كل صافي محشى

كل سولي وسوليه. وكل مَنين شعريه

ومنها القليل مما ينظم فصيحاً:

الحمد لله الذي هدانا

للدين والإسلام واجتبانا

سبحانه من خالق سبحانا

بفضله علّمنا القرآنا

نحمده وحقه أن يحمدا ... الخ

أحمد مبارك سالم من الأسماء التي تشتغل بجلَد وصبر وتأنٍ وصمت، لا تملك إلا أن تحترم وتقدّر كل ذلك فيه. باحث جاد ومتنوع في تناولاته موضوعات هي في كثير من الأحيان مهملة وغير ذات أهمية حتى بالنسبة إلى المختصين في مجالهم، يقتحمها محققاً إضافة فيها ولو كانت بسيطة لكنها تظل إضافة. كتابه الذي تم تناوله في الكثير من تلك الإضافة.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً