تستمر عملية فرز الاصوات في الانتخابات الرئاسية السورية اليوم الاربعاء (4 يونيو / حزيران 2014)، ويتوقع اعلان النتائج المحسومة سلفا لصالح الرئيس بشار الاسد غدا الخميس.
وعلى وقع سقوط قذائف الهاون في دمشق ومناطق اخرى خاضعة لسيطرة النظام وتواصل اعمال العنف والغارات الجوية المكثفة للجيش السوري في مناطق اخرى في البلاد، اجريت الانتخابات امس الثلاثاء مقتصرة على مناطق النظام، واشاد النظام ب"العرس الوطني الديموقراطي" غير عابىء بوصف واشنطن للعملية بانها "عار"، وتسمية المعارضة لها ب"انتخابات الدم".
واغلقت صناديق الاقتراع منتصف الليل (21,00 ت غ) واعلن رئيس اللجنة القضائية العليا للانتخابات هشام الشعار "مباشرة اللجان الانتخابية بفرز الاصوات"، بحسب وكالة الانباء الرسمية (سانا).
وعرض التلفزيون الرسمي اليوم لقطات لعمليات الفرز وافراغ الصناديق، واضعا العملية في اطار "الرد على من راهن على تعطيل الاقتراع".
وكانت الصناديق فتحت الساعة السابعة (4,00 ت غ) صباح الثلاثاء، ومددت مهلة التصويت خمس ساعات اضافية نظرا الى "الاقبال الشديد"، بحسب اللجنة.
ومن المتوقع ان يعلن رئيس مجلس الشعب جهاد اللحام مساء غد الخميس النتائج، بحسب مصدر مقرب من النظام وصحيفة "الوطن" السورية.
وشكرت الرئاسة في بيان "جميع السوريين الذين شاركوا بكثافة في انتخاب مرشحهم (...) وينتظرون نتائج التصويت ليبدأوا مرحلة جديدة من تاريخ سوريا العزّة والكرامة والإباء"، معتبرة انهم اثبتوا "تمسكهم بثقافة الحياة والأمل والتحدّي في مواجهة ثقافة الموت والإرهاب والانغلاق".
وتقول المعارضة ان النظام يريد من خلال الانتخابات الحصول على شرعية وعلى "رخصة لاستمرار القتل". وكانت الازمة السورية بدأت في منتصف آذار/مارس 2011 بحركة احتجاجية شعبية سلمية تطالب باسقاط النظام تم قمعها بالقوة، قبل ان تتحول الى نزاع مسلح دام حصد اكثر من 162 الف قتيل.
وذكر المرصد السوري لحقوق الانسان ان اعمال العنف الثلاثاء تسببت بمقتل 209 اشخاص، بينهم 71 مدنيا على الاقل.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس الاربعاء انه سجل امس "سقوط اكثر من 130 قذيفة هاون في دمشق وعلى مناطق تحت سيطرة النظام في ريفها"، ما ادى الى سقوط ثلاثة قتلى هم سيدة في ساحة السبع بحرات في دمشق، وسيدة في ضاحية الاسد (شمال العاصمة)، ورجل في جرمانا (جنوب شرق).
كما قتل 24 شخصا آخرين في سقوط قذائف اطلقها مقاتلون معارضون على مناطق اخرى، بينهم 19 شخصا في مدينة حلب (شمال) وحدها.
في المقابل، قصف الطيران السوري والمدفعية الثلثاء مناطق سيطرة المعارضة في اجزاء واسعة من البلاد، وتواصلت المعارك عنيفة على الارض.
وقتل تسعة افراد في طاقم طبي بينهم طبيبان في مستوصف في زبدين في ريف دمشق في قصف من الطيران الحربي.
وأبرزت الصحف السورية الاربعاء الاتجاه المحسوم لاستمرار الاسد رئيسا لولاية ثالثة من سبع سنوات.
وقالت "الوطن" ان "الملايين" خرجوا امس "متحدين الإرهاب وقذائفه وصواريخه وسياراته المفخخة وانتحارييه، ليثبتوا شرعية الرئيس بشار الأسد لولاية جديدة تستمر حتى 2021"، مشيرة الى ان نسبة التصويت في بعض المحافظات "تجاوزت 70 بالمئة".
واضافت "كان واضحاً أمس الحجم الكبير للأصوات التي انتخبت المرشح بشار الأسد وبأنه يتجه للفوز بنسبة عالية في هذه الانتخابات".
واليوم، اصدرت الوفود البرلمانية التي دعيت لمراقبة الانتخابات، والقادمة من دول حليفة للنظام كايران وروسيا وكوريا الشمالية، بيانا مشتركا اعتبرت فيه ان الانتخابات جرت "في شكل ديموقراطي وشفاف ونزيه".
واضافت انها "جرت لاول مرة في سوريا في اجواء تنافسية بين ثلاثة مرشحين، ما يعد تطورا هاما وتقدما لافتا في العملية السياسية".
ونظريا، تعد الانتخابات "اول انتخابات تعددية" في البلاد منذ نحو نصف قرن، لكن قانونها منع عمليا اي معارض مقيم في الخارج من الترشح.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية ماري هارف ان "الانتخابات (...) عار. بشار الاسد لا يملك اليوم من المصداقية اكثر مما كان يملك بالامس"، مضيفة ان اجراء الانتخابات "انفصام كامل عن الواقع".
وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس ان السوريين الذين يصوتون مخيرون "بين بشار وبشار"، في حين اكد الامين العام لحلف شمال الاطلسي اندرس فوغ راسموسين ان دول الحلف "لن تعترف" بنتائج الانتخابات.
ووصف رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية احمد الجربا في مقال نشر له الثلاثاء في صحيفة "واشنطن بوست" الاميركية، الانتخابات بانها "مزورة ونتيجتها محددة سلفا". ورأى ان الانتخابات ستوفر للاسد "واجهة شرعية"، وان الطريقة الوحيدة للوصول الى حل سياسي هي مد المعارضة بالسلاح لتغيير الميزان العسكري.
في مقابلة مع شبكة "سي ان ان" الاميركية، قال السفير الاميركي السابق في سوريا روبرت فورد انه قدم استقالته من منصبه الشهر الماضي، لانه لم يعد يتحمل الدفاع عن السياسة الاميركية.
وقال فورد "لم نتمكن من التعامل مع جذور النزاع في مسالة القتال على الارض واقامة توازن، وبات لدينا الآن تهديد المتطرفين المتنامي".
وتتردد واشنطن في مد المعارضة السورية بالسلاح خوفا من وقوعها في ايدي اسلاميين متطرفين. وانتقد فورد هذا التردد، وقال ان "المعارضة المعتدلة تحتاج الى ادوات من اجل تغيير التوازن على الارض، على الاقل في بعض المناطق".