مهما كانت أسباب التنازل المفاجئ أمس الأول (الإثنين) للملك الإسباني خوان كارلوس (76 عاماً) عن العرش. هذا الملك الذي كسب شعبية كبرى بنقله إسبانيا من الدكتاتورية إلى الديمقراطية عندما اعتلى العرش بعد وفاة الدكتاتور فارنشيسكو فرانكو في نوفمبر/ تشرين الثاني 1975.
إلا أن مراقبين رجحوا أن أسباب التنازل تعود إلى المشاكل الصحية التي عانى منها وأيضاً إلى مسلسل الفضائح الذي لاحق أفراداً من أسرته مع الأزمة الاقتصادية التي تعصف ببلاده منذ خمس سنوات.
إن الخطوة التي ذهب إليها العاهل الإسباني سواء لشخصه أو لدوره التاريخي في التحول الديمقراطي لإسبانيا هو قرار لم يأتِ عن فراغ، وانما بسبب استمرار سياسات أكل عليها الدهر،،لم يعد الإسبان يتقبلونها، الأمر الذي أخذ يفاقم تذمرهم وسخطهم المستمر خاصة في أوساط الشباب. كما ان القرار يأتي في وقت يكافح فيها البلد للخروج من أزمة اقتصادية حادة منذ خمس سنوات جعلت واحداً من بين كل أربعة عمال بلا وظيفة.
إن التحديات الجديدة التي أشار إليها العاهل الإسباني في رسالته لابنه، ولي العهد فيليبي (46 عاماً)، هي التي دفعته للتنازل عن العرش مؤمناً أنه لا يمكن لإسبانيا أن تتطور دون إفساح الطريق أمام الجيل الجديد واستيعاب تطلعاته. هذا القرار لم يأتِ على وجه السرعة، إذ تم اتخاذه قبل عدة أشهر، وأبلغ به رئيس الوزراء ماريانو راخوي وزعيم الحزب الاشتراكي المعارض الفريدو بيريث روبالكابا في أبريل/ نيسان 2014. لكن الإعلان تأخر إلى ما بعد الانتخابات الأوروبية لتفادي التأثير على الأصوات.
واليوم - بحسب ما جاء في تقارير صحافية - يتعيّن على البرلمان الإسباني إعداد تشريع خاص يسمح بتحقيق ما أعلنه العاهل الإسباني عن تنازله العرش لولي عهده، إذ إن القوانين الحالية للبلاد لا تسمح بالتنازل. ويشير الدستور الحالي إلى سن تشريع خاص من أجل التنازل عن العرش، إلا أن البرلمان لم يمرر هذا التشريع مطلقاً. ولذا فقد دعا رئيس الوزراء الإسباني إلى عقد جلسة طارئة للحكومة لحسم القضية. وقال رئيس الوزراء الأسباني: «آمل أن يستطيع البرلمان تنصيب ولي العهد ملكاً جديداً قريباً»، إذ وصف العاهل الإسباني بـ «المدافع المستميت» عن المصالح الإسبانية.
هناك تحديدات كثيرة تنتظر الملك الشاب ومنها مطالب بانفصال إقليم كاتالونيا - التي يبلغ عدد سكانها 7.6 ملايين نسمة - التي تتمتع بأوسع تدابير للحكم الذاتي بين أقاليم إسبانيا، ويأتي ترتيبها السابع من حيث المساحة وتنتج نحو خمس الناتج الاقتصادي للبلاد. وبفعل الأزمة الاقتصادية التي تعصف بإسبانيا، أصبح إقليم كاتالونيا الأكثر مديونية بالبلاد بنحو 44 مليار يورو، أي 22 في المئة من إجمالي ناتجها الداخلي، ويتهم الإقليم الحكومة المركزية في مدريد بأنها مسئولة عن أزمته. إضافة إلى تداعيات الفضائح التي هزّت عرش الحكم الإسباني خلال السنوات الماضية والتي كان عنوانها الأبرز رحلة صيد الفيلة التي قام بها الملك الإسباني إلى أحد البلدان الإفريقية في وقت كانت الأزمة الاقتصادية تضرب أطنابها في بلده، الأمر الذي أثار زوبعة في الصحف الإسبانية.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل كان هناك الهروب عن دفع الضرائب وغسل الأموال وقضايا طويلة من الفساد صاحبت أصغر بنات الملك (كريستينا) التي اتهمت بتهربها من دفع الضرائب في سابقة هي الأولى بأن يتم محاكمة أحد أفراد العائلة الملكية الإسبانية... كل ذلك ساهم في تراجع شعبية الملك، ووصولها لمستوى قياسي منخفض، وكان ما يقرب من ثلثي الإسبان يريدون تنازل الملك لصالح ابنه.
أن الاحتجاجات أصبحت حدثاً متكرراً في إسبانيا مع تمرير الحكومة إجراءات تهدف إلى تقليص العجز في الموازنة، وهو من بين أعلى معدلات العجز في منطقة اليورو، وذلك في محاولة لإقناع المستثمرين بأن البلاد يمكنها أن تتجاوز أزمتها الاقتصادية من دون مساعدات دولية. لكن مع تعطل أكثر من نصف الشبان في البلاد عن العمل، فإن إجراءات التقشف لم تخفض بشكل كبير العجز في الموازنة. وسط هذه الأزمة التي مر بها الأسبان، فإن الأسرة الملكية هناك خيبت آمال الكثيرين منهم، وهو ما حدى بالإعلان المفاجئ... فما الذي ينتظر الملك الشاب في ظل تنامي رياح غضب الشارع الإسباني؟ وكيف ستتجاوز إسبانيا أزمتها؟ هذه وغيرها ننتظر إجابتها عن قريب.
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 4288 - الثلثاء 03 يونيو 2014م الموافق 05 شعبان 1435هـ
كل زعيم يزور البحرين بعد فترة يسقط.
كل ملك او رئيس يزور البحرين بعد فترة بسيطه يسقط ولكم في رئيسة وزراء تايلند وملك اسبانيا خير مثال ولا نريد ذكر الباقين.
شكرا
عطيت معلومات نجهلاها عن هدا البلد علما بانة كان فية عرب