لقد اقتربنا من الدور الثالث التشريعي لمجلسي الشورى والنواب (المجلس الوطني)، دون ان يحقق شيئا بسيطا من طموحات الشعب بكل مكوناته الطائفية والمذهبية والعرقية، نرى في فترة وجود المجلس النيابي زاد الفساد الإداري والمالي، وارتفع الدين العام حتى وصل إلى 5 مليارات دينار، وزادت البطالة في أوساط شباب الوطن الجامعيين، وارتفعت نسبة انتهاكات حقوق الإنسان، وتخلف التعليم في مختلف مفاصله، وتراجعت الخدمات الصحية بشكل مخيف، وكثرت المنابر المحرضة على الطائفية، وفقدت الكثير من الصحافة المحلية مصداقيتها في نقل الحدث، وأصبحت وسائل الإعلام الرسمية بمختلف أنواعها (المقروءة والمرئية والمسموعة) قاسية على طائفة معينة، فلهذا الشعب بكل فئاته مُجمع على ضعف أداء المجلس النيابي.
حتى أصبح هذه الأيام حديث المجالس الاجتماعية في كل مناطق البلاد، فالتكتلات النيابية ذات الأيديولوجيات الطائفية، والأعضاء الذين يطلقون على أنفسهم المستقلين، لم يستطيعوا إقناع ناخبيهم بأدائهم المتواضع جدا الذي يقترب إلى الصفر، فهم لم يستطيعوا القيام بمسئوليتهم التشريعية حتى بالمستوى المتدني، لم يتمكنوا من مساءلة أية جهة حكومية عن الفساد الإداري والمالي رغم تسلمهم تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية، والأدهى من ذلك، راحوا في أحايين كثيرة يقفون بكل إمكاناتهم للدفاع عن الجهات التي ثبت عليها الفساد، وهذا السلوك السلبي قد أفقدهم القدرة على استجواب أي وزير، وجعلهم عاجزين عن أداء مسئولياتهم الرقابية، ما جعلهم يسهمون بإرادتهم تارة ومن غير إرادتهم تارة أخرى بصورة مباشرة وغير مباشرة في تأزيم الأزمة السياسية التي بدأت في فبراير/ شباط 2011.
ولم يسهموا في إيجاد مبادرات سياسية للخروج من الأزمة، لأنهم لا يمتلكون الإمكانات النفسية التي تستوعب كل مكونات الوطن، والأدهى أنهم قد ساهموا في تعقيد الأزمة بصورة لم تخطر على بال أحد من العقلاء، وكان شغلهم الشاغل هو معارضة المعارضة في كل شيء تقدمة لإخراج البلاد من أزمتها السياسية، حتى ولو كان ذلك الشيء يكون في صالح البلاد والعباد، تراهم يرفعون أصواتهم عاليا بالرفض إذا ما تقدمت المعارضة بمقترح قبل أن يفهموا أبعاده، وتجدهم يتسابقون في الاعتراض على المعارضة الوطنية، وكأنهم موعودون بجوائز إذا ما هم نجحوا في تصديهم لها، في أحايين كثيرة يتباكون ويشكون من تجاهل الوزراء لمقترحاتهم برغبة غير الملزمة قانونيا، وفي الوقت نفسه يرفضون إعطاء صلاحيات أكبر للمجلس النيابي ولا يقبلون أن يكون هو المصدر الوحيد في التشريع والرقابة، وعمدوا الى إسقاط مشروع قانون (تجريم التمييز) الذي قدمته المعارضة في الدور الثاني التشريعي، وكأنهم يريدون أن يقولوا للعالم انهم مع التمييز بكل أشكاله ومسمياته الكالحة.
ولا يقبلون تشكيل حكومة بإرادة شعبية، ويرفضون تعديل الدوائر الانتخابية بحيث يكون صوت لكل مواطن، ولا يريدون تنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، ولا توصيات جنيف، ووافقوا على هدم المساجد ورددوا رواية وزارة البلدية والتخطيط العمراني دون أن يتحققوا من صحتها، ولا يوافقون على إطلاق سراح المحكومين والموقوفين لأسباب سياسية، ويترفعون عن تقديم العزاء وطلب الرحمة لعشرات الشباب والأطفال والرجال والشيب والنساء البحرينيين وغير البحرينيين، الذين سقطوا شهداء في 37 شهرا الماضية، وكانوا ضد إرجاع المفصولين إلى أعمالهم وتعويضهم ماديا ومعنويا ومهنيا عن الأضرار التي أصابتهم جراء الفصل والتنكيل، فكانوا دائما يستنفرون كل قواهم إذا ما سمعوا خبرا من هنا أو من هناك عن مبادرة سياسية لحل الأزمة السياسية، دون أن يستبينوا الحقيقة.
فكثيرا ما تراهم يظنون في حدوث أمر ما ويتبين لهم بعد ذلك أن الذي أغضبهم كان سرابا وليس له أي أثر في الواقع، فلهذا تجد جل آرائهم مضطربة وغير سوية، وخصوصا تلك التي تتعلق بمجريات الأحداث، وترى أحكامهم في الاغلب الأعم نفسية وغير منطقية، فلو حسبنا ما أنفق عليهم خلال السنوات الأربع الماضية من موازنة الدولة سنجده يزيد عن سبعة ملايين دينار، دون أن يكون لهم نتاج يوازي ما صرف عليهم ولو بنسبة بسيطة، بعد ثبوت الأسباب التي أدت إلى إخفاقات وتراجع وضعف أداء المجلس النيابي، السؤال الذي يطرح هذه الأيام على ألسن الكثيرين... ماذا بعد؟ هل تتكرر التجربة مرة رابعة بالتركيبة والصلاحية نفسهما أم أن هناك تغييرات جذرية يمكن أن يسمع عنها الناس خلال الثلاثة أشهر القادمة؟
إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"العدد 4287 - الإثنين 02 يونيو 2014م الموافق 04 شعبان 1435هـ
لدلك لن اشارك في انتخابهم
لو كانت وظيفتي ثمن مشاركتي في انتخابهم لو كانت رقبتي ثمن مشاركتي في انتخابهم قسما لما فعلت