أن يكون سمو أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح زائراً لإيران، فهذا يعني أنها زيارة تاريخية بامتياز. لماذا؟ لأنها أول زيارة لسموه لإيران، وبالتالي تكتسب الزيارة جانباً شخصيّاً ينطوي على قدر مهم من الكاريزما. ولأن الكويت تترأس حاليّاً القمتين الخليجية والعربية، وبالتالي فهي تمثل واجهة الخليج والعرب عموماً. ولأن الكويت هي إحدى أهم وأوفر الدول الخليجية الست، والثامنة عالميّاً في الاحتياطي النفطي الخام. وأيضاً، لأن الزيارة تأتي في ظل أوضاع سياسية وأمنية مضطربة، تمر بها المنطقة.
أما في شأن «أهمية»الزيارة، فلأنها ستناقش نتائج المحادثات النووية الإيرانية مع دول خمسة + واحد، والأزمة السورية وتداعياتها، والأوضاع في العراق والتطرف فيه، وتحقيق انفراجة في العلاقات الخليجية الإيرانية، وكذلك مناقشة مسألة الجرف القاري بين الكويت وإيران، وقضايا ترسيم الثروة الغازية في حقل الدرة. هكذا أعلِن صراحة.
زيارة هذه الزعامة الخليجية أمس (الأحد) لطهران، تأتي بعد مئتين وواحد وثمانين يوماً على زيارة الزعامة الخليجية الأخرى المتمثلة في جلالة سلطان عُمان السلطان قابوس بن سعيد لطهران، وبالتالي فإن تلك الزيارتين تعبران عن أقصى نقطة في جنوب الخليج وأقصى نقطة في شماله ترتبطان بعلاقات جيدة مع الضفة الشرقية للخليج.
ومن المفارقة، أن البلدين (عُمان والكويت)، هما الأقرب إلى طهران «جغرافيّاً»من بين الدول الخليجية الست، الأمر الذي خَلَقَ ظروفاً سياسية واقتصادية وأمنية خاصة لهما.
فإذا كانت خصب ومحيطها في الجانب العُماني، فإن اللسان البحري في الكويت، المسمَّى بـ خور عبدالله يشكل نقطة كويتية مهمة في الحدود المائية مع إيران، ضمن المنطقة الممتدة من جزيرة بوبيان نزولاً إلى الزور، ثم الانعطاف شرقاً، باتجاه جنوب الفاو العراقية فالمنطقة البحرية التي تطل عليها أروندكنار الإيرانية حيث يقع فضاء بحري مهم بين البلدين.
الحقيقة، أنه وبعيداً عن فروض الجغرافيا القسرية للدولة، فإن سياسة الكويت الخارجية، تعتبر سياسة متزنة وعلى درجة عالية من الحصافة. هذا البُعد انعكس على علاقة الكويت بإيران، وتحديداً بعد الغزو العراقي للكويت العام 1990، وما أعقبه من موقف إيراني قدَّرته القيادة الكويتية، وبَنَت عليه صيغة علاقات جديدة.
أيضاً، يجب أن نتذكر جيداً، أنه وفي أكتوبر/تشرين الأول من العام 1999 وقَّع الكويتيون اتفاقية للتعاون التجاري مع إيران للمناطق الحرة لتسهيل نقل البضائع عن طريق البحر. وفي يناير/ كانون الثاني العام 2000 وقعوا اتفاقية تجارية أخرى. وفي العام 2001 وقعوا اتفاقية تعاون ثنائي مع الإيرانيين في مجال انتقال الأيدي العاملة والشئون الاجتماعية والتدريب.
وفي يناير العام 2008 وقع الكويتيون مع الجانب الإيراني اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي. وفي مارس/ آذار 2005 وقعوا بروتوكولاً أوَّليّاً لاستيراد الغاز الطبيعي من إيران بكميات تصل إلى 300 مليون متر مكعب من الغاز يوميّاً ولمدة 25 عاماً وبقيمة سبعة مليارات دولار.
ليس ذلك فحسب، بل إن الكويت وقَّعت في سبتمبر/ أيلول من العام 2002 مذكرة للتفاهم الدفاعي مع طهران، تنص على حضور مراقبين من الجانبين المناورات العسكرية التي يجريها البَلَدَان، وأيضاً تبادل الخبرات والمعلومات والدورات التعليمية في المجال الدفاعي.
وقد تواصلت الزيارات في الحقب المتوالية، حيث زار الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد الكويت في فبراير/ شباط من العام 2006، حيث كانت تلك الزيارة الأولى لرئيس إيراني منذ قيام الثورة الإسلامية الإيرانية العام 1979.
وخلال النزاع الأميركي الإيراني خلال العقدين الماضيين، وتحديداً في الملف النووي الإيراني، كان الكويتيون من الداعين دائماً إلى حل هذا الملف عبر الوسائل السلمية، ولم يكونوا يوماً أصحاب دعوة للصِّدام، وهو ما زاد من علاقات الثقة والتقارب بين الجانبين.
أيضاً، فإن للكويت مصالح ومشتركات مهمة مع الإيرانيين في العراق. فالكويت، هي من أوائل الدول، التي كان لها حضور قوي في العراق بعد العام 2003. دبلوماسيّاً كانت لها سفارة كاملة التمثيل، عبر سفير مقيم. ولها قنصليتان واحدة في البصرة وأخرى في أربيل، وهي بصدد تعيين قنصلين فيهما.
كما أنها سوَّت العديد من القضايا بينها وبين العراق (بحسب تصريح وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري بعد مباحثاته مع النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الخالد)، ولهما تعاون مهم في مجال الاستثمار. وهي أمور تجعل الكويت في دائرة اتصال طبيعية مع طهران، التي لها نفوذ غير عادي في العراق منذ العام 2003، وتمتلك العديد من أوراق الضغط فيه.
ليس ذلك فحسب، بل إن بغداد تراقب هذه الزيارة عن كثب، كون العراق يتشارك مع الكويت وإيران في حدود جغرافية متداخلة، ولهما ملفات أمنية واقتصادية وسياسية مشتركة، ولذلك، صرَّح وزير الخارجية العراقي بأن بغداد تترقب نتائج زيارة أمير الكويت لطهران والتي بدأت أمس.
أيضاً، الكويت هي دولة خليجية وعربية مؤثرة، وبإمكانها لعب دور محوري في تقريب وجهتي النظر الإيرانية والسعودية، بعد الرسائل الإيجابية التي تبادلها الطرفان خلال الفترة الأخيرة. وكل التقارير التي سبقت زيارة أمير الكويت لطهران، كانت تشير إلى هذا الأمر بشكل كبير. وإذا ما حدث ذلك، فإن الحال في لبنان وسورية سيتغير حتماً.
في المحصلة، فإن الجميع يستبشر خيراً بهذه الزيارة، التي من شأنها أن تساهم في تعزيز الاستقرار في المنطقة، وهو أمر يبقى في صالح الجميع.
إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"العدد 4286 - الأحد 01 يونيو 2014م الموافق 03 شعبان 1435هـ
انا ارى بانها زيارة تاريخية ومبادرة شجاعة بالذهاب
مراكز القوى وبعض الأطراف من مجلس التعاون ضد هذه الزيارة والشواهد كثيرة ليتم مراجعة تصريحات الكبار في بعض عواصم دول مجلس التعاون سترى العجب امير الكويت يمتلك الحكمة وبعد النظر ليقدم على هذه الخطوة والتي ستجلب له وجع الرأس قليلا والخير له وبشعبة للننتظر ونحكم شكرًا امير دولة الكويت
شكرا استاد محمد
بعد قراءة مقالك اليوم للمرة الثالثه زاد ايماني بأهمية دول الخليج سياسيا وليس فقط نفظيا . مادا لو يجتمع قادة الخليج ويضغوا برنامج واضح لايجاد الحلول لأزمات المنطقه ويعملون كدولة واحده لتنفيده ؟
الجواب
لكان حالنا افضل بعشرين سنة
نتامل خيرا
تبقي دولة الكويت الشقيقة بخطوتها الحكيمة مصضر اعتزاز وفخر لنا والله الموفق لكل خير
تحية الصباح
دائما مبدع وبثقافة دسمة اخ محمد
اتفق معك
ما ذكرته صحيح وهو ان الكويت بلد يتمتع بذكاء وحنكة سياسية ولم يستمع لقوى التأزيم الخارجية في علاقته بايران
سؤال؟
لماذا الدول المجاورة و القريبة من بعضها، حدوديا، جغرافيا، اجتماعيا و اقتصاديا في حال الخلاف الدائم؟. بينما علاقاتها ممتازة مع الدول البعيدة عنها في كل الامور.
صحيح
خطر الصديق القريب جداً بمثل خطر العدو . الم تسمع مضمون الحديث: هوناً ما ويوماً ما