قرر الأحمر بن أوال الانطلاق من جزيرة دلمون السعيدة في زيارة للأهل والأحباب في مختلف البقاع المتمتعين بالأحمر مثله، وهو إنجاز لم يتحقق لبلد آخر سوى جزيرة دلمون السعيدة، حيث رعاياها من جميع أطراف الكرة الأرضية، في دليل آخر على انفتاحها وتعدديتها وتسامحها مع مختلف الأجناس والحضارات.
بدأ الأحمر بن أوال جولته بزيارة عمّان التي تربطها وشائج قوية مع جزيرة دلمون.حالما وصل إلى مطار عليا الدولي، استقبله أحد النشامى بالتحية هلا هلا بالنشمي، وتفحّص جوازه، وطرح بضع أسئلة تلعثم ببعضها الأحمر وبسرعة البديهة طمأنه «كولي من الأول إنك من النشامى وخلاص»، وبسرعة البرق ختم جوازه ومرّر شنطته بسرعة، أيضاً، وما هي إلا دقائق حتى وجد نفسه في مضارب العشيرة، والمنسف يجمع الأحباب والأصحاب.
بعد بضعة أيام في بلاد النشامى، قرر السفر للقاء الأحباب والأصحاب في بلاد بلقيس وسبأ فشد الرحال، وما هي إلا ساعتين وإذا به في مطار صنعاء التي قال فيها الشاعر «لابد من صنعا وان طال السفر»، ولم يطل السفر هذه المرة. استقبله أحدهم متمنطقاً بالضيافة اليمنية، زئة وثوب وعمة وجفية، وتناول جوازه، وبحلق فيه، «بالله خبرني يا خبيري، انت مننا وإلا كيف؟» ومرة أخرى تلعثم، وبالبديهة ذاتها رد عليه صاحبنا «هيا يا خبيري انت مننا، وعلى أية حال ما شي فرق، ولولا النفط اللعين لكانت صنعاء عاصمة مجلس التعاون الجزيري». اول ما لفت انتباهه المسلحون في كل مكان، والكلاشن زينة الرجال، أما النساء فلم ير من ملامحهن شيء، لأن النقاب يحجب حتى الشمس، في رحاب اليمن السعيد تنقل في أرجاء البلاد من صنعاء حتى حضرموت ومن شبره حتى عدن، لكن ويا للعجب فقد وجد حواجز الأمن ذاتها تسد الطرق كما في دلمون، بل أنكى من ذلك فصوت الرصاص يلعلع ليل نهار، والأهل يطمئنون: لا تقلق هذا رصاص الأفراح ابتهاجا بالزواج، بالله عليكم كله زواج بزواج.
تعبت أعصاب الأحمر بن أوال فقال لنفسه، لماذا لا أذهب إلى بلاد الشام ففيها أيضاً الأحباب والأصحاب، وهي معروفة بجمالها ورقة أهلها وبساتينها. لكنه حُذر من اضطرابات شديدة وخطر داهم يتهدد حياته، لكنه صمم على الذهاب و»هي موتة واحدة».
ما أن وطئت قدماه أرض مطار دمشق، حتى أصابته قشعريرة، فقوات الأمن غير شكل، مستنفرة، وحركة واحدة وينطلق الرصاص.المهم تقدم الأحمر بن أوال لضابط الجوازات، الذي غمزه بغمزة ذات معنى. «هلا انتم فوق الريح ونحنا نأكل هوا». «ايه شوعابالكم، مصاري ونغنغة المهم أهلا وسهلا في بلدك». بعد أن اعطاه المقسوم.
ولم يتركه عمياني بل قال «أنصحك ما تأخذ طريق البر لدير الزور، الطيارة أحسن، لكن هالأيام قليلة، والحل تسافر في قافلة محروسة من الجيش، وبالفعل اتبع النصيحة، ولكن لهول ما رأى والقافلة تذرع البراري من دمشق إلى دير الزور، كأن قنبلة نووية ضربت البلاد، الأحياء مهدمة، والشوارع مقفرة، والمسلحون في كل مكان، والحرب قائمة فعلاً، المهم وصل بعد جهد جهيد واكراميات بالهبل عند كل حاجز إلى دير الزور لكن المفاجأة هي أن الباص توقف قبل عبور نهر الفرات؛ لأن الجسر المعلق محطم.ما العمل إذًا؟ نصحهم السائق بحمل أمتعتهم، وعبور النهر باللنجات، وهو ما لم يكن في الحسبان. وأخيراً وصل إلى بيت العائلة ليراه مقفراً، فقد تهجر الأهل، وسأل أهل الحي وإذا كل واحد يشكو له ما حل بهم من قتل وتهجير تارة بسبب الجيش العقائدي وتارة بسبب جيش التحرير الإسلامي، اللذين يتناوبان على قصف المدينة والقتال للسيطرة عليها. عندها قال الأفضل ان أهرب بجلدي، ومر بمغامرات خارقة، حتى استطاع مغادرة ما كان يدعى ببستان هشام، وشامة الدنيا، الشام، ووصل إلى بيروت. هذه المرة سأذهب إلى الأهل والأحباب ذوي العيون الزرقاء بعيداً عن العرب ونكدهم.
سأذهب إلى بلاد الكنتره، بلاد معازيب مال أول، فهم الأصل.وبالفعل عبر الحدود الوهمية إلى لبنان الأخضر، وتوقف في بيروت قليلا للقاء مع بعض الأصحاب، وطار إلى لندن.وما أن ابتعدت الطائرة عن بلاد العرب، إلا وتغيرت الأرض من صحراء بنية مغبرة، إلى ربوع خضراء وعلى امتداد ست ساعات من الطيران تتناوب الألوان لكن كلها مفرجة، من الوديان والسهول والجبال والانهار والبحيرات، حتى حطت الطائرة في مطار هيثرو. هنا الوضع مختلف... طوابير طويلة بانتظار الوصول إلى كونتر الهجرة، لكن الكل يسير بانتظام وصبر، ولا أحد يزاوغ... حالما وصل إلى ضابطة الهجرة وهي ويا للعجب في لباس مدني، فبادرته بابتسامة متحفظة (Welcome to UK) وبدأت تسأل بعض الأسئلة لم يفهمها؛ لأن لغته الانجليزية على قد حاله، ما استدعى جلب مترجم. فسألته:»هل لديك أقارب في المملكة المتحدة» حك رأسه وقال بتردد: «ما أدرى، يمكن»، فسألته الضابطة «كيف ما أدرى وكيف يمكن»، تردد مرة أخرى ورد بعفوية «أصلا يا مدام الأحمر مطشر في كل مكان، بما في ذلك بلدكم بلد المعازيب، يعنى يمكن انجليزي عنده الأحمر، واسم عائلته مثل اسم عائلتي، وتفتكرون أنه قريبي وهو مو قريبي وأنا ما أريد أكذب» فعلا إنها قضية محيرة أن يتحول الأحمر إلى ظاهرة كونية منطلقاً من جزيرة دلمون العجيبة.
إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"العدد 4286 - الأحد 01 يونيو 2014م الموافق 03 شعبان 1435هـ
اي والله راح البحر وراحة الخضرة وراح الحمر بعد
الله عين
حتى داعش وماعش والنصر والهر كلهم عندهم
دقة!
أحسنت أستاذ عبد النبي. كم هي ممتعة و دقيقة مقالاتك.
دقة!
أحسنت أستاذ عبد النبي. كم هي ممتعة و دقيقة مقالاتك.
الدولي المنتشر هو الجواز الاحمر
لدينا ميزة وهي تصدرنا الكثير من المراكز الأولى في التنمية البشرية وغيرها ويستوجب اضافة توسع إنتشار الجواز الأحمر على العالم كله وتسجيل بلدنا في موسوعة جينيس للأرقام القياسية وذلك لحصول افراد من قارة امريكا الشمالية والجنوبية ايضا على الجواز الأحمر اما بخصوص باقي القارات فحدث بلا حرج هذه واقع دلمون واوال حاليا انترنشينول مواطنيها
شكرا
وصلت الفكره
نسي باكستان وبلوشستان والمغرب والجارة الكبرى
سيعود كل الى حيث اتى بالطيب او الغصب تجربة العراقيين اجربة تاجحة في تهحيرهم بعدما عملوا ونشروا الفساد