في حق المشاركة في الانتخابات أيّاً كانت، رئاسية، برلمانية، بلدية، أو حتى تلك المرتبطة بالجمعيات السياسية والمهنية، أو أية مشاركة من أي نوع، ستطل برأسها مزايدات هنا أو هناك. مزايدات لا علاقة لها - أحياناً - بالحرص على نجاح التجربة التي تظل وليدة ولو كان عمرها قرناً، في جغرافية لو استطاعت أن تُوصد الأفق حتى في البريّات اللانهائية لفعلتْ، ومع فتحها لن ترى غير مدى من متاهة، هي تماماً الصناديق التي تكمن فيها كثير من الوُرَط، حين يحدث الالتفاف والتحايل وبعبارة صريحة «التلغيم». المهم تحصيل الحاصل، والأخذ بالجمعيات السياسية (يتم التعامل معها دون مستوى الأندية) إلى الممارسة: حقك في وضع ورقة في صندوق، ولا يهم بعد ذلك حقيقة الممارسة، وكمّ المكر والخداع الذي يمارس لتمرير العملية بكل سطحيتها ورخاوتها، وفي النهاية لا جدواها وعقْم أثرها.
ما هي مناسبة هذه الكتابة؟ هل نحتاج مناسبة فيما نشهد كي نكتب وننكت جرحاً ونكشفه؟ ربما نتكتّم (في خيار من التأني) على حال من التعمية والتخوين أحياناً يصدران عن الذين تتصدّر شعاراتهم الأولى حق المشاركة، وإذا طفح بهم الكيل لا بأس من طرْفة: تقرير المصير! لكل حق في ذلك، لكن أن يصدر وبصوت صراخ امرأة في لحظات طلْقها، وهو الذي لم يتردّد في استعراض لقائه بقتلة وجزّارين خارج الحدود، وفي حال تذبذب، مرة مع هؤلاء ومرة في جانب تسخيفهم وتهوين مساعيهم وتخوينهم، في محصّلة هو يحدد خطوط نهايتها، فذلك لا يستقيم مع ذوق ولا مع منطق، ولا مع حرص على كل ذلك!
لدينا مشكلة هنا: من له الحق في أن يحدّد خيارات الذين سُلبت خياراتهم؟ من له الحق في الوصاية على مجموعة ولو كانت مسئولة عن مقصف مدرسي، بتحديد حقها وخطوط تلاقيها مع المختلف معها، والذي هو أبعد من ذلك: الذي لم يتردّد في انتهاك حقوقها ومصادرتها؟ هل المتذبذب الذي لا يتردّد في مصافحة قاتل خارج الحدود، ويسخّف ويُسفّه خيارات الناس في مقاطعة أفق في مفازات، وصناديق ملغّمة لشرْعنة ما سيحدث بعدها؟
الذين يريدون المشاركة وممارسة ذلك الحق، يعرفون إلى أين هم يتجهون، ويتحمّلون مسئولية ذلك. والذين يرون حقهم الضروري في النأي بأنفسهم عن ذلك، يعرفون المآلات أيضاً. ما يُفتقد هنا، التخلّص من إدمان تخوين طرف وتنزيه آخر. في بيئاتنا أول ما يبرز في كل ذلك، السهل منه: التخوين. في الحالين معاً: إن شاركتَ، وإن قاطعت!
سيطلع عليك من يضع سيناريوهات من أمّ رأسه وأمّ أفكاره، خطوطها العريضة: تواطؤ للتحصّل على الفتات! وكأن الذين يتحدّث باسمهم مجموعة من اللاعبين على دكّة الاحتياط! لدينا مشكلة أخرى هنا. هذا التذبذب في المواقف، لا يحقق للناس خياراتهم. أعني هنا، أولئك الذين يتخذون التشدّد موقفاً في كل شيء. ولهم الحق في أن يلينوا بعض الوقت، كما يرون هم، ولا يحق لسواهم أن يفعل ذلك بعض الوقت! أو أن يتشدّد طوال الوقت أو بعضه! أو أن يكون وسطياً بحسب ما يستجدّ ويطفو على السطح من قضايا وملفات، تعني الناس بالدرجة الأولى! الناس الذين ليسوا سقْط متاع، وليسوا موضوع متاجرة بآلامهم والمساومة على عذاباتهم التي طال أمدها.
مثل تلك السيناريوهات المطعّمة والموشاة بالتخوين، وقد اتضح خيار فصيل بحقه في ألاّ يكون جزءاً من ممارسة ستثبّت القائم من تجاوزات، وستمرّر ما تم إقراره من قوانين تُحصي على الناس أنفاسهم وحركاتهم، وتحت عناوين فضفاضة، لا تخدم توجّهات الحركة المطلبية التي مازالت إلى اليوم متمسكة بسلميتها التي لا تريد إلا الخير للبلد، ومن أوجه السلمية تلك أيضاً ألاّ تكون جزءاً من تلك العملية التي يُراد لها أن تكون غطاء لما يحدث ولما هو مقبل.
في التخوين والإدمان عليه تتضح مواقف الذين يعزّزون خيارات الناس، والذين يضربون تلك المواقف في مقتل بفعل ذلك التخوين! الحلقة المفقودة هنا: استيعاب أن التخوين لا يصنع واقعاً، ولا يغيّر الشاذ منه!.
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 4286 - الأحد 01 يونيو 2014م الموافق 03 شعبان 1435هـ
مواطن مقهور
نتمنى بناء الوطن بالعداله والمساوات وكل انسان بحريني ينعم بخيرات الوطن في حدود المسموح ولكن حاليا نرى قفز على الحقوق او رمي الاآخر فبعيدا عن حقوقه المشتكى لله
المهم
استيعاب أن التخوين لا يصنع واقعاً، ولا يغيّر الشاذ منه!