قال عضو اللجنة المالية والقانونية في مجلس المحرق البلدي غازي المرباطي إن المجالس البلدية الحالية لا تتحمل وحدها المسئولية عن مشاكلها وقصور أدائها، وإنما تتحمل تلك المسئولية الجهات التنفيذية التي أوصلت البلديات إلى ما هي عليه من عدم التوازن في أدائها. مضيفاً "لقد تسببت الجهات التنفيذية في تحويل المجالس البلدية من جهة منتخبة إلى وسيط بين المواطن وبين وزارة شئون البلديات والجهات الرسمية الأخرى، الأمر الذي أفقدها روح المبادرة وأضعف صفتها التمثيلية".
وأوضح "إن البلديات كانت مكوناً تاريخياً للحكم المحلي عند قيامها عام 1920 لهذا نعتز ونتفاخر ونستعيد تلك التجربة الرائدة على صعيد الخليج والبلدان العربية، ونتألم عند فشلها أو تراجعها".
ودعا المرباطي أصحاب القرار في كلاً من السلطة التنفيذية والتشريعية إلى قراءة التجربة البلدية البحرينية - والتي شارفت على إكمال قرنها الأول- بإنصافٍ وبعيداً عن إرهاصات الواقع السياسي الذي تعيشه البحرين في هذه المراحل.
وقال أنه عند قراءة التجارب البلدية لدول الخليج العربي تصادفنا إشارات تشيد بالتجربة البلدية في البحرين ومنها فقرة وردت ضمن دراسة حول تاريخ ونشأة بلدية الكويت جاء منها: (...قام الشيخ يوسف بن عيسى القناعي بزيارة إلى البحرين في يوليو 1928 حيث شاهد بلدية البحرين التي أنشأت في عام 1919 وبعد ذلك كتب مقال بعنوان الحكم الشرعي في تاريخ البلديات وبعد ذلك طرحت فكرة إنشاء بلدية على حاكم الكويت المغفور له الشيخ احمد الجابر والذي اقتنع بالفكرة، ووافق على إنشاء بلدية الكويت...).
وتابع المرباطي "أدعو البرلمان إلى التمعن في الدلالات الكبيرة التي حملها اقتداء الكويت وإعجابها الشديد بهذه التجربة البلدية البحرينية التي شكلت نموذجاً للبلدان الأخرى في بدايات القرن العشرين حسب تعبير الشيخ القناعي، ويفترض أن تتقدم هذه التجربة بدرجة أرقى مع مطلع القرن الواحد و العشرين، فقد تطورت التجربة الكويتية في مجالات العمل البلدي كما نلاحظ في قانون البلدية لسنة 1960م الذي نصت مادته الثانية على الآتي: "أن تعمل البلدية على تقدم الكويت عمرانياً وصحياً عن طريق تنظيم المدينة وتجميلها ووقاية صحة العامة وتأمين سلامة المواد الغذائية والمحافظة على الراحة العامة في المساكن والطرقات واتخاذ ما يؤدي إلى تقدم الكويت ورفاهية سكانها". بينما نجد العمل البلدي في بلادنا قد انحسر في نطاقه الراهن وفق أحكام قانون البلديات الذي نزع صفته التقريرية وجعله في نطاق مؤسسات الجهاز التنفيذي للدولة مجرداً من أية سلطات وانحدر به إلى مستوى وسيط خدماتي".
وطالب المرباطي المجلس التشريعي بأن يلتفت إلى تطوير التشريع البلدي والذي بالضرورة سيخفف الأعباء عن الدولة المركزية، فالبلدية ينبغي أن تتحمل مسؤوليات أساسية في مجالات المنفعة العامة التي تعزز دورها التنموي بمقتضى توافر اللامركزية الإدارية الحقيقة بدلاً من ارتهان المجالس البلدية بوزير البلديات.
وذكر أن وزير البلديات يمارس وصاية سياسية وتنفيذية تناقض ما تطرحه الجهات التنفيذية بأنها تعتمد أسلوب اللامركزية في التعامل مع المجالس البلدية المنتخبة، والدليل على ذلك القيود المفروضة على أعمال المجالس في أحكام نص المادة (20) من المرسوم بقانون رقم (35) لسنة 2001 بشأن إصدار قانون البلديات والتي جردت المجلس البلدي المنتخب من مقرر إلى وسيط خدمي صرف.
وتابع المرباطي "أن معظم المواطنين لا يدركون الدور الحقيقي المناط بعمل المجالس البلدية، وتنحصر معرفتهم في أن العضو البلدي وسيط لنقل بعض الشكاوى الخدمية المحدودة. وفي هذا الصدد قمت باستطلاع رأي عدد من المواطنين للوقوف على ما يحملونه من معرفة عن محيطهم البلدي، و قد تبين من نتيجة هذا الاستطلاع أن الغالب لا يعرفون ما هو عمل المجالس البلدية ولا حدود صلاحيات العضو البلدي. كما لا يعرفون لماذا أنشأت هذه المجالس، والمؤسف أنهم لا يعرفون طبيعة العلاقة بينهم وبين تلك المجالس علماً انهم ساهموا بحماس في الانتخابات البلدية ...لماذا؟؟ ".
وأكد عضو اللجنة المالية والقانونية "البلديات لم تنشأ لمجرد القيام ببعض الأشغال والخدمات العامة، وإلا أصبحت عبثاً، حيث تقوم المجالس البلدية على فلسفة اللامركزية كمبدأ ديمقراطي في توزيع الاختصاصات بين السلطة المركزية (الحكومة) ومؤسسات مستقلة كالمجالس البلدية. وإن اللامركزية أسلوب في التنظيم تقوم على أساس توزيع السلطات والاختصاصات بين السلطة المركزية وهيئات أخرى مستقلة قد تكون سياسة او إدارية".
وختم المرباطي "يقودنا هذا إلى معرفة الهدف الرئيسي لقيام المجالس البلدية أو الإدارات المحلية في نطاق تحقيق الغاية الرئيسية لقيام مثل هذه المجالس والتي تقوم على قاعدة المشاركة الشعبية في اتخاذ القرارات حول إدارة الشئون المحلية، وذلك تأسيساً على مبدأ حكم الناس لأنفسهم بأنفسهم في إدارة الخدمات، وتوزيع المشاريع الإنمائية، بما يعزز لديهم مهارات إدارة شئون الدولة من خلال إيجاد إدارة قادرة على تحقيق متطلبات وحاجات الأفراد من المشاريع و الخدمات المحلية.".