يحتفل المسلمون في السابع والعشرين من رجب كل عام، بالمبعث النبوي الشريف، إحياءً للذكرى، وإنعاشاً للقلوب، وتذكيراً بأيام الله الخالدات.
ففي هذا اليوم، أهدت السماء إلى الأرض أروع وأكمل إنسانٍ أنجبته البشرية واصطفته السماء، ليخرجها من ظلمات الجهل والاستعباد إلى نور الحرية والإيمان. قال عن نفسه: «إنّما بعثت لأتمّم مكارم الأخلاق»، وقال عنه خالقه: «وما أرسلناك إلى رحمةً للعالمين».
نزل عليه الوحي في غار حراء، وحين نزل إلى مكة ليحرّر أهلها من الأغلال التي كانت تكبلهم، جابهوه بكل عنت وأغرَوا بهم سفهاءهم وصبيانهم، وحاصروه في شِعْبِ أبي طالب، هو وأهل بيته ومن آمن به، ثلاث سنوات عجاف. ضيّقوا حولهم الخناق في مقاطعة شاملة، فكانوا لا يزوّجوهم ولا يتزوجون منهم، ولا يبيعون لهم ولا يشترون، حتى تفكك هذا التحالف الفاشي وسقط الحصار. وظلّ (ص) يدعو قومه 13 عاماً دون يأس أو كلل إلى أن ضاقوا به ذرعاً. تآمروا عليه حتى أرسلوا له عشرةً من القتلة كي يضيع دمه بين القبائل في ضربةٍ مشتركةٍ واحدة، بحيث يعجز بنو هاشم عن طلب ثأره، فتسلّلوا إلى مخدعه تحت جنح ظلام الليل كما يفعل اللصوص الأوغاد ليقتلوه فأنجاه الله. وخرج مهاجراً إلى المدينة التي آوته ونصرته، ووجد فيها حضناً وردءًا من الأنصار.
هناك لاحقوه بجيوشهم، واشتبكوا معه مراراً، في بدرٍ وأُحُد، ولم يأتِ العام الخامس حتى تجمّعت الأحزاب لمقاتلته، قريش والأحابيش وغطفان وبنوقريظة، حيث فرضوا حصاراً على المدينة لثلاثة أسابيع، فردّهم اللهُ بالخندق الذي اقترحه سلمان، وبما حدث من قتالٍ فردي أطاح به علي بن أبي طالب بقيادة أركانهم، حين قضى على عمرو بن عبد ود العامري (وهو الوحيد الذي استطاع اختراق الخندق بفرسه من إحدى النقاط) في جولةٍ سريعةٍ خاطفة، وكفى الله المؤمنين القتال. ورغم اندحارهم استمرت المؤامرات ضد الدولة الفتية حتى وقّع صلح الحديبية، فتلاه عام الفتح بعدما نقضت قريش الاتفاق.
حين دخل محمد (ص) مكّة لتخليصها من سلطة الأوثان والأوباش، وتدفقت كتائب التحرير، وقف القوم مصدومين، فاغري الأفواه، فقد «غدا ملك ابن أخيك عظيماً» كما قال أبوسفيان للعباس عمّ الرسول، فردّ عليه: «إنها النبوة». وفي الوقت الذي كانوا ينتظرون إنزال العقاب، خاطبهم قائلاً: «ماذا تظنون أني فاعل بكم»؟ فقالوا: «أخٌ كريم وابنُ أخٍ كريم». كانوا يعرفونه ويعرفون أخلاقه، وأنه لم يخلق من معدن الغدر والبطش والانتقام. قال لهم: «اذهبوا فأنتم الطلقاء». لقد نشر على رؤوسهم ظلال الأمن والسكينة، بعد ثلاثة عشر عاماً من العداء والإيذاء، وعشر سنوات من الحروب والغزوات، تعرّض في بعضها إلى الموت حتى شُجّ رأسه وسقطت بعض أسنانه. لم يفكّر في الانتقام وإنّما بسط لهم يده بالرحمة، وكان يقول: «جئتكم بالحنيفية البيضاء».
طوال القرنين الماضيين (19و20)، ابتلي هذا الرجل بالكثير من المستشرقين ممن حاولوا تزييف تاريخه، وتشويه صورته. وفي السنوات الأخيرة خرج قسيسٌ أميركي أحمق متباهياً بحرق القرآن، وقبله خرج رسام كاريكاتير دنماركي ليمارس صبيانيته على حساب تاريخ أعظم رجلٍ خلّده التاريخ. وتبارت صحفٌ غربيةٌ كبرى في إعادة نشر تلك الرسوم المسيئة لأصحابها وناشريها، قبل أن تسيء لهذا القمر المنير.
على أن الإساءات الأكبر كانت من إبداعات المسلمين أنفسهم. فبعض من ألّف في السيرة أساء إليه في مروياته غير الصحيحة، ومنهم من ألّف في الحديث وقال عنه ما لم يقله. ومنهم من نقل الكثير من الخرافات والأباطيل، فيما يُعرف في تراثنا بـ «الإسرائيليات»، عن جهل أو سوء قصد.
على أن الأسوأ من ذلك كله، ما ابتُلِي به هذا الجيل الحاضر، من خروج جماعاتٍ تحمل عناوين الإسلام الذي لم يبلغ تراقيهم، ويردّدون شعارات «الجهاد» الذي انحرفت بوصلته وأخطأ هدفه، فارتد إلى صدور المسلمين، حتى رأينا القتل يستعر في بلاد العرب والمسلمين، وأغلب ضحاياه من شعوب المنطقة.
جيلٌ ضائع، ومجاميع كبيرة يتم تحريكها بين الدول، بلا وعي ولا بصيرة، ويجري استخدامها في مشاريع تقوّض حياة الأمة، في «لعبة أمم» كبرى. ويخرج من بينهم من يصرخ قائلاً: «لقد جئتكم بالذبح»، ناسباً هذا الكلام إلى نبي الرحمة الذي كان يقول: «إنما أنا رحمة مهداة».
جهله هؤلاء الغلاظ الجفاة فتصوّروه ذبّاحاً، فأباحوا لأنفسهم قتل الأبرياء في الشوارع والأسواق وبيوت الله، في بلاد المسلمين، بينما وصفه معاصروه بقولهم: «كان أجود الناس كفاً، وأصدق الناس لهجةً، وأوفاهم ذِمّةً، وألينهم عريكة، وأكرمهم عشرةً، ومن رآه بديهة هابه، ومن خالطه فعرفه أحبه، لم أز مثله ولا قبله ولا بعده».
ما أحوج هذا الجيل الضائع، وهذه المجاميع التي تُساق للمحارق وسفك الدماء، لمعرفة هذا النبع الصافي من الرحمة، فما أشقانا لبعدنا عنه في هذا الزمان.
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 4283 - الخميس 29 مايو 2014م الموافق 30 رجب 1435هـ
صلوا هليه...
واصنع كما صنع..
فن التعايش...عش ودع الناس تعيش
شكراً سيدنا للتذكير ...اخواني ابتعدوا عن الطائفية.. نحن صح وغيرنا مخطئا. .تعلموا فن التعايش ...عش ودع الناس تعيش وتعبد بالمذهب التي تعتقد بانه يقربك لله عز وجل
وقفو مع الطفل جهاد سميع
الطفل ينتظر جميع الجمعيات وسياسين وقفتهم معاااااه الرجااااء كتابه موضوع عن ظلم هل طفل وبالغ عمره 11 ليش ساكتين والموضوع كبر وقاعدين يلعبون في اعصااااب اهله
رد على زائر 3
السيد الخمينى احيى الاسلام من جديد التخلف جاء من الوهابيه والتكفيريين الى دمرو الاسلام وحللو دم الشيعى واضهرو الفتاوى الشيطانيه هؤلاء هم المتخلفين يا جاهل . رحمة الله عليك ياحفيد رسول الله ياسيد الخمينى اشهد انك نعم الرجال المخلصون الى الله رزقنا الله زيارتك والله كريم والله اخلصنه من الجهله الحاقدين على اسياد اهل البيت
لقد
لقد اتبعو الشيطان وابتعدو عن الرسول واهل بيته الصادقين المخلصين لله اللهم صلى على محمد واله محمد وابعد عنه شر الاشرار وانصر من نصر الدين واخدل من خدل الدين واتبع شهواته الله ياخد الحق المسلوب واصبر شعب البحرين الطيب وشكرا للكاتب الشريف
شكرا لك
يالله!! كيف تكتب يا رجل!! والله كنت أقرأ المقال ودموعي تجري، في الوقت الذي أشعر فيه بحلاوة الكلمات، وعبق التاريخ، والاختزال الذي تجيده.. لو كنت قربي لقبلت رأسك أيها العزيز..
ألف شكر على هذا المقال الرائع
ألف تحية وشكر على هذا المقال الرائع فقد كفيت ووفيت....فهل وصلت الرسالة إلى بعض العقول المتحجرة
لم يعرف المسلمين التخلف إلى بعد عام 1979
لم يعرف المسلمين التخلف إلى بعد عام 1979 عندما وصل الخميني للحكم و نشر الطائفية كي يفتت الشعب العربي, حسبنا الله و نعم الوكيل فيه و في كل من ساعده في تأجيج الطائفية
سلاما سلاما
يا لجهلك المدقع
السيد الخميني رضوان الله عليه بثورته المباركة ضد الطغيان والاستبداد، اخرجك وامثالك من الجهل والاستعباد الى نور الحرية والعلم.. مثلك وامثالك كانوا يركعون خاضعين للجبابرة والمتسلطين إلى ان حانت الساعة المباركة.
من فتت شمل الشعوب العربية هم الحكام الاوباش عبيد اميركا واسرائيل.. يسيرون بإشارة من حاقد على العرب والمسلمين كالاداة المسلطة فقط لتمزيق امتنا ووحدتنا.
الحمد لله الذي جعل اعدائنا من الحمقى
اللهم صلي على محمد وال محمد
كلما اقرا الايه الكريمه وانك لعلى خلق عظيم اقول في نفسي ماهذه الاخلاق العظيمه التي كان يتحلى بها سيد البشر حتى ذكره الله بهذا الوصف الرائع اللهم احشرنا معه ومع اهل بيته الطيبين الطاهرين
تسلم سيدنا
بارك الله في هذا القلم الواعي