قال استشاري أمراض الكلى الدكتور علي حسن العرادي إن الكلية عضو صبور في الجسم، ولا يفصح عن الأعطال والإصابات التي تُمنى بها إلا في المرحلة الرابعة أو الخامسة من الفشل الكلوي.
وأضاف الاستشاري في مستشفى ابن النفيس في لقاء مع «الوسط الطبي» أن التقنيات الطبية الحديثة حسَّنت من أدوات علاج أمراض الكلى وعلى رأسها الفشل الكلوي، مشيراً إلى أنه المصاب بالفشل الكلوي يحتاج في المتوسط إلى برنامج استصفاء دموي (غسيل الكلى) لمدة 21 ساعة في الأسبوع.
وشدد على أهمية تعديل النظام الغذائي الذي يتسبب في كثير من الأمراض كداء السكري وضغط الدم السببين الرئيسين لأمراض الكلى، موضحاً أن الوقاية خير علاج.
ودعا الناس إلى تحدي الخوف من أمراض الكلى والخضوع لفحوص دورية والمبادرة بالعلاج إذا ثبتت إصابتهم بهذه الأمراض.
اللقاء تطرق إلى العديد من التفاصيل، نترككم معها:
الكلية صبورة فلا تختبروها
وأبدى العرادي استغرابه من إحجام الناس عن الفحص الدوري للكلى وخصوصاً المصابين بداء السكري، ومرض ضغط الدم اللذين يؤثران بشكل مباشر على الكلى.
وقال: «إن أكثر ما يؤلمني هو عجزي عن تقديم أفضل الخدمات العلاجية لمرضى الكلى، وذلك بسبب تأخرهم في كشف المرض»، موضحاً أن أمراض الكلى تسمى «الأمراض الصامتة»، وذلك «لأن الكلية «صبورة»؛ فهي لا تكشف عمّا أصابها إلا في مراحل متأخرة جداً».
وأضاف: «تظهر أعراض أمراض الكلى بشكل جلي في المرحلة الرابعة من مراحل الفشل الكلوي. وفي بعض الأحيان تظهر في المرحلة الخامسة. هنا تظل خيارات الطبيب في العلاج محدودة وتقتصر على الغسيل الكلوي؛ لأن الكلى وصلت لمرحلة لا يمكن أن تسترجع مهماتها الأساسية».
وشدد العرادي على أهمية الخضوع للفحوصات الدورية، خصوصاً لأصحاب الأمراض العصرية (داء السكري، والضغط)، لافتاً إلى أن هذه الفحوص بسيطة تحلل فيها عينات من الدم، وعينات من البول، مؤكداً ان إجراءها بشكل دوري يُطمْئِن من خلو الجسم من الإصابة بالأمراض أو الكشف عنها مبكراً، والتمكن من علاجها في المراحل الأولى.
12 ساعة «غسيل» في الأسبوع
«الاستصفاء الدموي أو ما يُصطلح عليه شعبياً غسيل الكلى، هو - عادة - العلاج الأول للمصابين بالفشل الكلوي المزمن المتطور». كان هذا رد الاستشاري العرادي حول العلاج للمصابين بالفشل الكلوي، حتى تدرس وضعية المريض الصحية وملاءمة حالته لعملية زراعة الكلى، وهي حالياً العلاج الأمثل لمرضى الكلى المزمن. ولفت إلى أن العملية تجرى في مجمع السلمانية الطبية تحت إشراف جراحين ماهرين.
وقال موضحاً: «مشكلتنا مع أمراض الكلى أنّ المريض لا يحس بها إلا في مراحل متأخرة؛ لأن المرض يتسلل للكلية وينمو فيها ويؤثر على وظائفها. فالكلية لا تُفصح عن أي أعراض».
وأضاف: «حين يأتي المصاب بالفشل الكلوي في المرحلة الرابعة أو الخامسة ليس أمامنا إلا إخضاعه لعمليات «الغسيل»، مع إلزامه ببرنامج غذائي صارم».
وتابع العرادي: «ساهمت التقنيات الطبية الحديثة في تحسين عمليات الاستصفاء الدموي، ومنها وأكثرها تطوراً الغسيل بتقنية (HDF)؛ حيث إن المحاليل المستخدمة في هذه التقنية لا تسبب أضراراً جانبية للجسم»، لافتاً إلى أن هذه التقنيات «متوافرة في مستشفيات البحرين العامة والخاصة، ومنها مستشفى ابن النفيس المجهز بأحدث الأجهزة ويقدم هذه الخدمات بأيدي استشاريين ماهرين».
وأشار إلى أن عمليات الغسيل تُجرى بمعدل 3 مرات في الأسبوع، ومدة الجلسة الواحدة تبلغ نحو 4 ساعات.
وأوضح: «هذا يعني أن عمليات الغسيل التي تبلغ 12 ساعة في الأسبوع تقوم بوظائف الكلية اليومية. ولك أن تتصور أهمية هذه العمليات في تنقية الجسم من السموم، والتخلص من السوائل الزائدة، معادلة حموضة الدم في الجسم، وغيرها من وظائف الكلى المختلفة».
ولفت العرادي إلى أن هناك نوعين من الفشل الكلوي؛ الأول غير المزمن الناتج عن حادث أو تعاطي عقاقير طبية خاطئة، وهذا النوع يمكن الشفاء منه عبر نظام علاجي شامل. أما الثاني فهو الفشل الكلوي المزمن الذي لا يمكن الشفاء منه؛ لأن الكلى لا تستطيع القيام بوظائفها مجدداً.
نظام صارم
وكشف أن العلاج لا يتم من خلال عمليات الغسيل فقط، بل يسنده برنامج غذائي مدروس، موضحاً أن المصابين بالفشل الكلوي يخضعون «لبرنامج غذائي لمساندة عمليات غسيل الكلى تحدد فيها المأكولات التي تصلح للمريض. ويُراعى فيها تقليل البروتينات، وتناول السوائل باعتدال، وتجنب الأكلات التي تحتوي على نسبة أملاح عالية، وغيرها».
ولفت العرادي إلى أنه «من المهم أن نعرف أن كل حالة مرضية تُقّيم ويوضع لها برنامج غذائي يناسبها على يد اختصاصي تغذية يُراعي ملاحظة طبيب الكلى». واستدرك «هذا البرنامج يكون صعباً من ناحية التطبيق، فالفرد الذي عاش حياته الماضية يأكل كلما تشتهي نفسه، أصبح مُلزماً بترك الكثير من هذه المأكولات، داعياً «المصابين بالفشل الكلوي إلى الالتزام بالنظام الغذائي الموضوع لهم؛ لأن ذلك يصب في مصلحتهم».
نحمي القلب
وإذا ما كان المصاب بالفشل الكلوي يحمل داء السكر أو ضغط الدم، أو الاثنين معاً، قال العرادي إنه في هذه الحالة «تتضاعف أدوات العلاج؛ إذ يتطلب العلاج متابعة دقيقة ومستمرة للمريض للتأكد من فعالية العلاج، ومراقبة أي تغيرات قد تطرأ وتستلزم تعديل للنظام العلاجي».
وأوضح: «يتحمل طبيب الكلى عبئاً كبيراً في علاجه للكلى، ويعمل جاهداً لتقديم علاج شامل يغطي القصور في وظائف الكلى التي تؤدي في حال تعطلها لأمراض كثيرة ومنها وأهمها أمراض القلب، وعدم انتظام ضغط الدم».
وأكد أن الكلية رغم حجمها الصغير تساهم في الحفاظ على صحة الجسم. وقال: «نستطيع أن نعتبر الكلية مؤشراً لصحة وسلامة الفرد، فأي ضرر أو مرض يصيبها يؤثر على أعضاء أخرى في الجسم كالقلب مثلاً».
احذروا الجفاف
وفيما يتعلق بالأمراض الأخرى التي تصيب الكلى، قال العرادي: «هناك العديد من الأمراض، والأعراض التي تصيب الكلى ومنها تكون الحصيات في الكلى، وتنتج عن أمور عدة أهمها ترسب الأملاح، ونوع التغذية، وهناك العامل الوراثي عند بعض الناس».
وأوضح أن «العلاج المقدم يختلف باختلاف أسباب الإصابة؛ فهناك أنواع عديدة من الحصيات، ومنها حصيات الكاليسيوم، والفوسفات وحصيات «أوكزليت»، والحصيات المتكونة من أحماض اليوريلا».
وأضاف العرادي: «برنامج العلاج يرتكز على أساسين؛ الأول نظام غذائي، وعلاج بالعقاقير الطبية». كما أنه «في بعض الحالات يتم العلاج عبر تفتيت الحصيات باستخدام أجهزة طبية حديثة على أيدي اختصاصيين».
وحول إمكانية تكون الحصيات من جديد، قال: «تكوّن الحصيات في الكلى يمكن أن يتكرر، وهنا نجري مزيداً من الفحوصات على المريض لمعرفة الأسباب بشكل دقيق، وتقديم برنامج علاجي طويل المدى يرتكز على نظام التغذية في المقام الأول».
وأوضح: «ويهدف العلاج لوقاية المريض من الحصيات بالدرجة الأولى؛ لأن تكرار تكوّن الحصيات في الكلى ينتج عنه تليُّفٌ ثم قصور في وظائف الكلى».
التكيس يضاعف حجم الكلية
وعن التكيس في الكلى، قال العرادي: «ينتج التكيس في الأغلب عن أسباب وراثية، فتجده ينتشر في الأسرة الواحدة»، موضحاً أن «التكيس عبارة عن كيس مائي يحيط بالكلى ويساهم في مضاعفة حجم الكلى من 10 إلى 25 مرة، ويتكون وينمو على مدى سنين طويلة تبلغ 25 عاماً».
وأضاف: «يعطل التكيس وظائف الكلى. ويمكن إبطاء آثاره بالتدخل الطبي المبكر».
وفي رده على المخاوف من أن أمراض الكلى تؤثر على الإنجاب، قال: «في الغالب لا تؤثر على عمليات الإنجاب بشكل مباشر»، ناصحاً الناس بتحدي الخوف من أمراض الكلى والمبادرة في الانتظام في برنامج فحص دوري شامل يضمن الوقاية من الأمراض وتصاعد حدة درجاتها.
وأضاف: «إن التفاؤل والمعنويات العالية مهمة جداً؛ حيث تجعل صحة المريض أفضل، وتُحسِّن من فرص العيش بطريقة طبيعية. وبذلك يكون المريض مهيأً أكثر لزراعة الكلى حين يتطلب الوضع».
العدد 4281 - الثلثاء 27 مايو 2014م الموافق 28 رجب 1435هـ