أكد رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة البحرين خالد عبدالرحمن المؤيد أن السياسات التجارية والاقتصادية التي أقرها المجلس طوال 30 عاماً قد ساهمت في تنمية التجارة البينية فيما بين الدول الخليجية، لتصل الى 88 مليار دولار في عام 2012، مع تزايد الطموحات بوصولها عتبة التريليون دولار في المستقبل المنظور.
وأوضح المؤيد في لقاء مع وكالة أنباء البحرين "بنا" بمناسبة الذكرى 33 لتأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ان التطور الحاصل في مسار التكامل الاقتصادي الخليجي يفوق بكثير المعوقات والتحديات، وهو الأمر الذي يدعو إلى سرعة إزالة ما تبقى من عقبات، والتقدم خطوات أكبر وأسرع لإقامة السوق المشتركة واستكمال مسيرة التكامل الاقتصادي وتعزيز العمل الاتحادي المشترك، بما فيها إقامة منطقة العملة الخليجية الموحدة.
واعترف المؤيد بوجود عراقيل وتحديات قد تحول دون تحقيق الحد الأمثل من التكامل الاقتصادي بين دول المجلس، ولكن تتركز في معظمها في الأمور الإجرائية وذات الطبيعة الحدودية التي يمكن انجازها سريعا وفي وقت قريب لتعزيز الوحدة الاقتصادية الخليجية.
وشدد المؤيد على ان سرعة التحرك نحو إزالة العقبات والتحديات التي تحول دون الوصول لتحقيق الأهداف الاقتصادية التي أُنشأ من أجلها مجلس التعاون الخليجي، تأتي في مقدمة الآمال والأمنيات، من اجل تحقيق الطموحات المستقبلية والوصول إلى مستوى تعاون اقتصادي خليجي أفضل.
وفيما يأتي نص اللقاء الذي أجرته وكالة انباء البحرين مع رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة البحرين خالد عبدالرحمن المؤيد:
ماهي برأيكم المنجزات الاقتصادية وقصص النجاح الخليجية المتحققة خلال 33 عامًا من نشأة مجلس التعاون؟
نعتقد أن مجلس التعاون الخليجي خلال مسيرته التي امتدت على مدى أكثر من 3 عقود، حقق العديد من المنجزات والنجاحات الاقتصادية، سواء في المجالات الصناعة والتجارية والخدمية، أو في مجال الخدمات العامة والاتصالات والزراعة والتخطيط والطاقة والكهرباء والماء وغيرها، ويمكن استعراض بعض منها كقيام المجلس النقدي الخليجي، ودخول اتفاقية الاتحاد النقدي، والنظام الأساسي للمجلس النقدي حيز النفاذ في 27 مارس 2010 في الدول الأعضاء الأطراف. كما تم في ديسمبر 2007 إعلان قيام السوق الخليجية المشتركة بعد استكمال متطلباتها الرئيسة ، وذلك اعتباراً من الأول من يناير 2008. ناهيك عن تشجيع التبادل التجاري ضمن مرحلتين: إقامة منطقة تجارة حرة بين دول المجلس اعتبارا من مارس 1983، الأمر الذي أدى إلى حرية انتقال السلع الوطنية بين دول المجلس دون رسوم جمركية ومعاملتها معاملة السلع الوطنية، ضمن ضوابط معينة، وإقامة الاتحاد الجمركي لـدول المجلـس اعتبـاراً من الأول من يناير2003، والذي يقضي بتوحيد التعرفة الجمركية وحرية انتقال السلع بين دول المجلس دون قيود جمركية أو غير جمركية.
كما اشتملت المنجزات على إبرام الاتفاقية الاقتصادية بين دول المجلس لعام 2001 والتي صادقت عليها جميع دول المجلس، وتبني استراتيجيات وسياسات عامة لتكون منطلقًا للسياسات الوطنية في الدول الأعضاء، ومن ذلك الوثائق الصادرة عن المجلس الأعلى في مجالات التخطيط والتنمية والسكان والصناعة والبترول والزراعة، وتوحيد القوانين والأنظمة والإجـراءات في المجالات الاقتصادية، حيث أقر المجلس الأعلى نحو 40 قانوناً موحداً بعضها ملزم وأخرى استرشادي. اضافة الى بناء العديد من المؤسسات الخليجية المشتركة بغية تأكيد التعاون الفني والاقتصادي بين دول المجلس وخفض النفقات، ومن هذه المؤسسات: مؤسسة الخليج للاستثمار، هيئة التقييس لدول مجلس التعاون، مركز التحكيم التجاري، مكتب براءات الاختراع، الشبكة الخليجية للربط بين شبكات الصرف الآلي بدول المجلس، المكتب الفني للاتصالات، مكتب الأمانة الفنية لمكافحة الإغراق، تأسيس هيئة الربط الكهربائي كشركة مساهمة، مكتب سكرتارية مذكرة التفاهم الخاصة بالتفتيش والرقابة على السفن في موانئ دول المجلس، والمركز الإحصائي لدول مجلس التعاون.
ومن المنجزات الخليجية ايضا تنسيق المواقف على الساحة الاقتصادية الدولية، والتفاوض الجماعي والحوار الاقتصادي مع الدول والمجموعات الاقتصادية كالاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية واليابان والصين.
والتعاون والتنسيق في مجال الهياكل الأساسية من طرق ومواصلات واتصالات، وفي مجال المشاريع المشتركة، وتنفيذ
مشروع الربط الكهربائي، والعمل على تنفيذ مشروع سكة حديد دول المجلس. والتعاون على مختلف المستويات وفي شتى الميادين الاقتصادية من تقنية وبنكية وموضوعات نقدية ومالية ومسوح إحصائية ومؤتمرات للصناعيين ورجال الأعمال إلى ندوات ودراسـات في مجالات النفط والغاز والبتروكيماويات والصناعة وغيرها من المجالات.
ما هو حجم التجارة البينية بين دول مجلس التعاون في الوقت الراهن؟ وما هي أوجه المقارنة منذ انطلاقة المجلس وحتى 2013؟
وفق ما جاء في تقارير مجلس التعاون الخليجي، فإن السياسات التجارية والاقتصادية التي أقرها المجلس قد ساهمت في تنمية التجارة البينية فيما بين الدول الخليجية، حيث تضاعف حجمها عشرات المرات فيما بينها خلال الفترة 1984-2012، وبمقارنة بسيطة بين عدة سنوات نجد أن قيمة المبادلات التجارية الخليجية البينية في عام 1984 كانت حوالي 5,9 مليار دولار، وأخذت في الارتفاع والاتجاه المتصاعد سواء من حيث القيمة أو الكمية إلى أن وصلت في عام 2005 إلى 32,2 مليار دولار، ثم إلى 67,3 مليار دولار في عام 2010، ثم بلغت 87,7 مليار دولار عام 2012.
ما هي مساهمات غرفة تجارة وصناعة البحرين في مسيرة التعاون المباركة منذ تأسيسها كأول غرفة تجارية في المنطقة ؟
كما تفضلتم فإن غرفة تجارة وصناعة البحرين تعتبر أول غرفة تجارية تم إنشاؤها في منطقة الخليج العربي، إذ تأسست في عام 1939 تحت مسمى (جمعية التجار العموميين)، وظلت تعرف بهذا الاسم حتى عام 1945 حيث سميت باسم (غرفة تجارة البحرين)، ثم أصبحت تعرف باسم (غرفة تجارة وصناعة البحرين) منذ عام 1967 وحتى الآن، وقد رافقت مسيرة التنمية الاقتصادية في مملكة البحرين منذ بداية تأسيسها حيث كان لها الأثر الفعال في إبراز أهمية ودور القطاع الخاص التجاري والصناعي في عملية التنمية، إذ ساهمت في تقدم المجتمع عن طريق تطوير ودعم فعالياته التجارية والاقتصادية المختلفة، إضافة إلى قيامها بتقديم الخدمات المختلفة لهذه الفعاليات وتوسيع نطاقها مرحلة بعد أخرى لكي تتماشى مع أهداف النمو الاقتصادي في البحرين، ومن الطبيعي أن يكون لها دور ريادي أيضا على مستويات أخرى سواء على المستوى الخليجي أو غيره، إذ عملت غرفة تجارة وصناعة البحرين إلى جانب شقيقاتها في دول مجلس التعاون على تفعيل التعاون والتنسيق الاقتصادي الخليجي من أجل تعزيز العمل المشترك وتعميق العلاقة بين القطاعين العام والخاص في مجالات التجارة والاستثمار والخدمات، ومعالجة الصعوبات ومعوقات التبادل التجاري، وتقوية روابط الاتصال والحوار المباشر بين مؤسسات وشركات القطاع الخاص ورجال الأعمال في دول المجلس وفق أطر مؤسسية ومنهجية دائمة ومستقرة بما يساهم في دعم التعاون بينها في مختلف المجالات.
كما ساهمت غرفة تجارة وصناعة البحرين منذ تأسيس مجلس التعاون الخليجي في نجاح مسيرة المجلس من خلال تنفيذ العديد من الفعاليات والتي من بينها على سبيل المثال تنظيم المؤتمرات والندوات التي تعالج القضايا والمسائل التي تحد من تحقيق النمو الاقتصادي والتكامل الخليجي، واستضافتها للوفود التجارية العربية والأجنبية التي تربطها مع دول المجلس علاقات تجارية واستثمارية لمناقشة القضايا المشتركة بين كافة الأطراف وتحقيق المزيد من التعاون مع الأسواق الخارجية، ومساهماتها في مجال إصداراتها الاقتصادية المتنوعة والتي لم تقتصر على التعرض إلى الجانب البحريني وإنما تناولت الدول الخليجية في كيفية زيادة حجم التبادل التجاري البيني الخليجي- الخليجي من جهة والخليجي العربي والدولي من جهة أخرى. اضافة الى مساهمات فاعلة من خلال عضويتها في اللجان الخليجية المشتركة التي تتعرض إلى مناقشة العديد من القضايا والمحاور المحاور الخليجية المشتركة، والمشاركة مع غرف دول مجلس التعاون الخليجي واتحاد الغرف الخليجية في العديد من المعارض المشتركة التي تشتمل على المنتجات الخليجية ذات القابلية للتصدير والتي تتمتع بميزة نسبية من ناحية الجودة والسعر في الأسواق الدولية.
ما هي أبرز العراقيل أو التحديات التي ما تزال تحول دون تعظيم التكامل الاقتصادي الخليجي ؟
يمكن التنويه بداية بأن هناك تقدم وتطور كبير جدًا وملحوظ في مسار التكامل الاقتصادي الخليجي وفقاً للمؤشرات الإحصائية، وبمقدار يفوق بكثير المعوقات والتحديات، وهو الأمر الذي يدعو إلى سرعة إزالة ما تبقى من عقبات، والتقدم خطوات أكبر وأسرع لإقامة السوق المشتركة واستكمال مسيرة التكامل الاقتصادي وتعزيز العمل الاتحادي المشترك، بما فيها إقامة منطقة العملة الخليجية الموحدة وغيرها.
ولا شك أنه توجد عراقيل وتحديات قد تحول دون تحقيق الحد الأمثل من التكامل الاقتصادي بين دول المجلس، ويمكن القول أنها تتركز في معظمها في الأمور الإجرائية وذات الطبيعة الحدودية، كما تتمثل أيضاً في عدة أمور هي: ضعف المساواة بين المنتج الوطني بالخليجي، وعرقلة السماح لها بالتسويق بيسر وسهولة داخل بعض أسواق دول مجلس التعاون.
قلة وجود مراكز جمركية كافية في المنافذ البرية مما يبطئ من عملية إنهاء إجراءات التخليص الجمركي.
عدم مزاولة المنافذ الجمركية البرية العمل لمدة 24 ساعة وهو الأمر الذي يؤدي إلى تعطيل عملية انتقال الشاحنات وتأخير وصول البضائع والمنتجات في وقتها المناسب، مما يُكبّد شركات النقل خسائر ضخمة ويؤدي بدوره إلى ارتفاع تكاليف البضاعة.
كما ان تكدس الشاحنات من أكثر المشاكل شيوعـًا والتي يمكن مشاهدتها بشكل مستمر، قد تختفي فترة إلا أنها تبرز مرة أخرى، وهو الأمر الذي يكبد أصحاب شركات النقل والشركات المصدّرة، الكثير من الخسائر المادية وزيادة كلفة النقل، وتأخير تلبية طلبات العملاء وتعرض المواد للتلف والفساد خصوصـًا الغذائية منها، وهو مما يعيق بالتالي توجهات الإسراع في إقامة السوق الخليجية المشتركة.
اضافة الى ان تشابه الهياكل الإنتاجية يؤدي في بعض الأحيان إلى محدودية السلع والمنتجات القابلة للتبادل التجاري فيما بين دول التعاون، ولا بد هنا من تنويع المنتجات والاهتمام بالميزة النسبية في الإنتاج. وجود بعض الاختلافات في المعايير المعتمدة للمواصفات والمقاييس المطلوبة للسلع دول المجلس.
علاوة على تأخر مشروع التكامل الاقتصادي بين دول المجلس كالسوق الخليجية المشتركة والربط الكهربائي وتعثر الاتحاد الجمركي الخليجي على الرغم من أن هناك فئة تجارية ترى أن وجود الاتحاد الجمركي بين دول المجلس قد ساعد على تسهيل التجارة البينية في دول مجلس التعاون.
كما لا زالت هناك فروق في رسوم النقل عند المنافذ الجمركية الخليجية مما يحول دون وجود التكامل المنشود.
ناهيك عنتأخر توحيد القوانين والتشريعات التجارية والاقتصادية الوطنية بما يتوافق مع قرارات المجلس الأعلى، يحول دون تحقيق التكامل الاقتصادي المنشود. ووجود الازدواجية والتشابه في المشاريع الخليجية المشتركة بدلاً من التكامل في المشاريع الوطنية.
ما هي طموحاتكم لمستقبل أفضل لمجلس التعاون من الناحية الاقتصادية بجوانبها التجارية والصناعية والاستثمارية ؟
يمكن القول بأن سرعة التحرك نحو إزالة العقبات والتحديات التي تحول دون الوصول لتحقيق الأهداف الاقتصادية التي أُنشأ من أجلها مجلس التعاون الخليجي، تأتي في مقدمة الآمال والأمنيات، إذ أن من شأن ذلك المساعدة على تحقيق الطموحات المستقبلية والوصول إلى مستوى تعاون اقتصادي خليجي أفضل ومتقدم في مجالاته التجارية والصناعية والاستثمارية والمشاريع الوحدوية، وعلى نحو الإجمال لا الحصر التعجيل بإقامة مشروع الربط الحديدي من خلال إنشاء سكة حديد بين دول المجلس سواء لنقل البضائع أو الأفراد، وتوسيع القاعدة التجارية والاستثمارية بين دول المجلس وزيادة حجم الاستثمارات البينية عبر تبادل الاستثمار وإقامة المشاريع المشتركة لتنشيط التعاون والتكامل الاقتصادي بين مختلف دول مجلس التعاون.
نحن بحاجة كذلك الى المزيد من الاهتمام بجوانب التخصص والتميز عند إقامة المشاريع الوطنية لتحقيق التنسيق والتعاون حتى لا يكون هناك تنافس بدلاً من التكامل، إذ أن لكل دولة خليجية طابع مميز للاستثمار، فمثلاً هناك تميز سياحي وعقاري وصناعي وخدمي، فضلاً عن ضرورة الابتعاد عن الازدواجية في إقامة مشاريع متشابهة في القطاع الواحد.اضافة الى تكامل الأسواق المالية بدول المجلس، وإقامة العملة الخليجية الموحدة، وتقريب وتوحيد التشريعات والقوانين الاقتصادية الخليجية. والدعوة الى تأسيس محكمة تجارية خليجية بحيث تكون الآلية القانونية الوحيدة التي تعمل على إصدار التشريعات ومختلف القوانين التجارية والاستثمارية وأنظمة المواصفات والمقاييس وفض المنازعات بحيث تكون قراراتها نافذة وملزمة بالنسبة للحكومات وشركات القطاع الخاص الخليجية. وتوفير الفرص الاستثمارية الخليجية المتاحة في المجالات الصناعية والتجارية لتكون في متناول المستثمرين الخليجيين.