قال إمام وخطيب جامع الإمام الصادق (ع) في الدراز، الشيخ عيسى قاسم: «إن ما تريد أن تَقدم عليه السلطة، من الموافقة على شيء تسميه إصلاحاً، هو بعيد عن الإصلاح وعن سقف الإصلاح الذي كلّف الشعب ما كلّف وبذل من أجله ما بذل، إنه إصلاحٌ لا صلة له حقيقية بمطالب الشعب، التي بذل من أجلها كل غالٍ ورخيص، ما ودّع من شهداء، ما لاقى من عذاب، ما ذاق من ضيق السجون، ما فقد من أمن، ما اعتراه من إعلانٍ مشوّه، من آلامٍ لا يمكن أن تحصر في هذا المقام».
وشدد قاسم، في خطبته أمس الجمعة (23 مايو/ أيار 2014) على أن «مطلب الإصلاح في البحرين لا يمثل طفرة في سقفه، ولا يستهدف بالتهميش مكوِّناً كبيراً أو صغيراً من أي اتجاهٍ من مكونات الوطن، وكل ما يحاوله أن يؤسس لحياة العدل والمساواة والإخاء والمحبة، ووضعٌ هذا قوامه، لا يعود بضرر على داخلٍ أو خارج، وإنما كل عائده خير».
وبيّن أن «السلطة تسوّق حجة أخرى لا حاجة لذكري لها، وبغض النظر عن أي انتصار، وضغط رسمي داخلي أو خارجي ضد الإصلاح، يمكن أن يُدعى أنه ضد الإصلاح والتغيير أو معه، فإن حركة شعوب العالم لصالح التغيير والحرية والعدل، وإشراك الشعوب في إدارة شأنها العام، وتقرير مصيرها، وكذلك حركة شعوب الأمة بدأت تخرج عن حدّ السيطرة من قبل الحكومات، وتفرض نفسها في أكثر من مكان، ولا شيء يوقف هذه الحركة، وكل أوضاع العالم تتجه إلى التغيير، ومحاولات منعه لا نجاح لها على الإطلاق».
ورأى أن هناك من لا يريد الحل للأزمة التي تمر بها البحرين، مشيراً تحت عنوان «السيف أو العدل، والإفساد أو الإصلاح؟»، إلى أن البحرين التي يجب أن تكون عزيزة على جميع أبنائها وأبناء الأمة، واحدةٌ من البلدان التي تعاني من أزمة سياسية حادّة مؤثرة سلباً على كل الأوضاع، وفي استمرارها خطرٌ محدقٌ عظيم، والبعض يختار أن يستمر الاحتكام للسيف وأن يزداد فتكه ضراوة وأن يحمى استمرار الفساد بكل أشكاله وصوره ومجالاته من فسادٍ سياسيٍ واقتصادي واجتماعي وكل فسادٍ يُنتجه الخلل السياسي والظلم السياسي ما وجد وطال بقاؤه».
وذكر أن «هذا البعض لا يريد حواراً، لا يريد تفاهماً، لا يريد عدلاً، لا يريد أن يُعترف بحقٍ لمظلوم، باعتبارٍ لمهمّش، لا يريد إصلاحاً للوضع خاصة الوضع السياسي السيئ، وهو منبعٌ لكل المشاكل. يحرص هذا الرأي كل الحرص على بقاء التمييز السياسي الطائفي والعائلي وتسييجه بكل ضمانات البقاء والذود عنه دستورياً وقانونياً ومن خلال كل أسباب القوة وبالبطش والفتك وأعلى درجات القسوة».
وأضاف «تعلن هذا الرأي أقلامٌ وألسنٌ لعلماء دين وسياسيين ومثقفين من مقرّبين للحكم ومتنفذين ونفعيين ومنتهزين ومتسلقين، والسؤال هل هذه الألسن والأقلام التي تصرّ على بقاء الفساد والركون للسيف لحمايته واستمراره وترفض أي عدلٍ وإنصاف وإصلاح وتعلن رأيها الصريح أو المبطن لهذا الأمر، هل هي مندفعة إلى ذلك ابتداءً أو أنها مدفوعة ومأجورة لأن تقول هذا الرأي وترفع رايته؟».
وقال: «لا شك في أثم هذه الفئة ومسئوليتها أمام الله سبحانه، ثم الوطن والتاريخ، وإضرارها بالشعب سواءً كان تبنّيها لهذا الرأي والترويج له عن اندفاعة ذاتية ابتداءً أو استجابة لأمر آمر وعن تنسيقٍ مع الغير وتوزيعٍ أو تكاملٍ في الأدوار».
وتابع «المُطمأن إليه على كل حالٍ أن هذا الدور السيئ من هذه الفئة غير المستقلّة، لا يمكن أن يأتي بعيداً عن التنسيق مع أهل السلطة نهائياً، وعلى خلاف ما يريدون، فالسلطة هي الأولى بحماية مكاسبها والذود عن مصالحها، وإن كانت على خلاف الحق والعدل، وعلى حساب حقوق الشعب وحريّته وكرامته».
وأردف قائلاً: «التابعُ لسانُ الأصل، ولا منطق للتابع غيرُ منطق الأصل، فالفكرة فكرةٌ نابعةٌ من السلطة ولو بعضها، ويشارك في التعبير عنها من يقوم بذلك بالنيابة، ولعلّ هذه الضجة العالية المعارضة للإصلاح هي نوعٌ من الضغط المشدّد للمعارضة، وتحضيرٌ للاعتذار عن الإصلاح بدرجة مؤثرة وبقصد أن تتفكك المعارضة ويتبعثر وجودها».
وتحت عنوان «لقد دفع الرجل الثمن»، تحدث قاسم عن قرار مجلس النواب بإسقاط عضوية النائب أسامة مهنا، معتبراً أن «النائب المحترم دفع الثمن لكلمة حقٍ قالها في مجلس النواب، بشأن الإساءة في معاملة السجناء، أسقطت عضويته من المجلس النيابي، وكأن هذا المجلس ليس للانتصار للشعب وإنما هو للانتصار لظلم السلطة».
وقال: «دفع بذلك الثمن، لكن لو كان إسقاط عضوية هذا المجلس تعد خسارةً حتى تعد ثمناً لكلمة حقٍ قالها الرجل».
وتحت تساؤل «من أين جوع البطون؟»، تطرق قاسم إلى ما وصفه بـ «الظلم الاقتصادي ونهب الثروات العامة والخاصة»، مؤكداً أن ذلك «لا يستمر ولا يتوسع إلا بدعمٍ من تسلّط سياسي، وإلا لانتهى على يد المنهوبين والمحرومين، والتسلّط السياسي الظالم لا يتركّز، ولا يضمن استمراره ولا يحمي ذاته، إلا بعدد من الترتيبات والإجراءات الباغية المفسدة، من مثل نهب الثروات الطبيعية، وسرقة جهود الأمة واستثمار عرقها بصورة جائرة؛ لسدّ حاجة الجيوش التي تتبع إرادة السلطة من غير مراعاة دينٍ، أو خلقٍ أو إنسانية، مدفوعة في تنفيذها لتلك الفئة الظالمة لحاجة المال ونهمه والإغراء به».
وبيّن أن «مثل الجيوش المستخدمة لإرادة السلطات، أجهزة الشرطة والمخابرات، وأجهزة القضاء والتنفيذ، والتي تحتاج إلى موازنات ضخمة».
وخَلص في ختام حديثه في هذا الجانب بالقول: «خذ البحرين مثالاً صغيراً في هذا المجال، فكم كلّفت المواجهة للحراك الشعبي على سلميته من موازنة ضخمة، وإلى حدّ دفعت السلطة للاعتماد على الخارج في تغذية الموازنة لهذه المواجهة، بما تطلبت من شراء العقول والضمائر، وجيوش التجنيس وتوفير المغريات الجاذبة لهم، وإقامة السجون واستئجار شبكات العلاقات المكلفة وغير ذلك؟ وانظر كم تسببت هذه المواجهة للحراك السلمي من تعطيل لطاقات عاملة منتجة وأضرّت بحياة عائلات، وضيّقت على أرزاق الكثيرين».
أما في تساؤله الآخر «أهكذا سياسة في أرض الإسلام؟»، فتساءل قاسم: «أين الإرهاب ومن هو الإرهابي؟ الإرهاب في تشييع شهيد أو قتيل مسلم أو في القتل للمشارك في تشييعه وإمطار المودّعين له إلى مثواه برصاص الموت؟ أين الإرهاب؟ في ذاك الموقف أو في هذا الموقف؟
وأضاف متسائلاً: «الإرهابي هو من شارك في تشييع جنازة مؤمن مشاركة سلمية أم أن الإرهابي من قتله عمداً برصاص غادرٍ حاقد دنيء لينال جائزة من آمر؟ وكم ضاع على يدكِ يا سياسة من حق دمٍ بريء وأخفيتِ قاتله أو برّأتيه وكان بدل قتله لضحيته على يدكِ التكريم؟ وكم حُكم بالسجن المؤبد أو الإعدام، وكم عُذّب على يدكِ من بريء باسم الإرهاب؟ أهكذا سياسة باسم الإسلام؟، لأن قيل عن هذه السياسة أنها سياسة، فهي سياسة غابٍ جاهلية مفرطة في الوحشية لا تعرف القيم».
العدد 4277 - الجمعة 23 مايو 2014م الموافق 24 رجب 1435هـ
أحسنت وأطال الله عمرك
وجزاك الله ألف خر
ورحم الله والديك
حفضك الله ياشيخنا
كله كلامه حكم ولصالح الناس لاكن هناك على المنابر سب فى الطائفة المغضوب عليها المشتكى لله من امة ابتليت بالجهل
بحريني غيور
وما الله بغافل عما يعمل الظالمون
كل ما يحدث هو بعين الله الذي ينتقم للمظلومين في الدنيا والآخرة ...
«الإرهابي هو من شارك في تشييع جنازة مؤمن مشاركة سلمية أم أن الإرهابي من قتله عمداً برصاص غادرٍ حاقد دنيء لينال جائزة من آمر؟ وكم ضاع على يدكِ يا سياسة من حق دمٍ بريء وأخفيتِ قاتله أو برّأتيه وكان بدل قتله لضحيته على يدكِ التكريم؟ وكم حُكم بالسجن المؤبد أو الإعدام، وكم عُذّب على يدكِ من بريء باسم الإرهاب؟ أهكذا سياسة باسم الإسلام؟، لأن قيل عن هذه السياسة أنها سياسة، فهي سياسة غابٍ جاهلية مفرطة في الوحشية لا تعرف القيم».
من كان مع الله كان الله معه
«تعلن هذا الرأي أقلامٌ وألسنٌ لعلماء دين وسياسيين ومثقفين من مقرّبين للحكم ومتنفذين ونفعيين ومنتهزين ومتسلقين، والسؤال هل هذه الألسن والأقلام التي تصرّ على بقاء الفساد والركون للسيف لحمايته واستمراره وترفض أي عدلٍ وإنصاف وإصلاح وتعلن رأيها الصريح أو المبطن لهذا الأمر، هل هي مندفعة إلى ذلك ابتداءً أو أنها مدفوعة ومأجورة لأن تقول هذا الرأي وترفع رايته؟».
احسنت شيخنا وبارك الله فيك لقولك كلمة الحق
وسيعلم الذين ظلموا أي منقلبٍ ينقلبون والعاقبة للمتقين