العدد 4276 - الخميس 22 مايو 2014م الموافق 23 رجب 1435هـ

مجلس التعاون والانتقال إلى الإستراتيجيات الكبرى

علي محمد فخرو comments [at] alwasatnews.com

مفكر بحريني

تكثر الكتابات والأحاديث حول المخاطر التي يواجهها مجلس التعاون الخليجي والإشكالات الإقليمية والعربية التي يجد المجلس نفسه منغمساً في أتونها وتعقيداتها ومسئولياتها. وفي المدة الأخيرة كثر اللّغط حول التجاذبات في داخل المجلس بصور حادّة وخطرة.

إذن فالمجلس أمام تحدّيات ثقيلة في الحاضر والمستقبل القريب، تستوجب المراجعة الموضوعية لمسيرة المجلس من جهة وتستوجب النَّظر في أفكار وخطوات قد تساهم في جعل المجلس أكثر قابلية وقوة لمواجهة الأخطار والتحديات.

في اعتقادي أن النقاط التالية تستحق النظر فيها بشجاعة وصدق، إذ أن بعضها نقاط مفصليّة.

أولاً: لا يشعر الإنسان بأن متخذي ومنفّذي قرارات المجلس يعطون أهمية لعامل الوقت. لقد ترسَّخت منذ قيام المجلس مقولة تنادي بأن تكون مسيرة المجلس نحو أهدافه حذرة، ومن ثمَ بطيئة، حتى لا تفشل تجربة المجلس مثلما فشلت غيرها من التجارب العربية الأخرى.

هذا المنطق يمكن التعايش معه لو كان عامل الوقت ملكنا نتحكَّم في سرعته أو في بطئه دون أن ندفع ثمناً باهظاً لقرارات التعامل معه، لكنه مرتبط بما يفعل به الغير من جهة وبالظروف المحيطة بنا من جهة أخرى. فإذا كان أعداء الأمة العربية، وبالتالي أعداء شعوب المجلس، يتحركون بصورة مذهلة نحو تمزيق وتفتيت وطننا الكبير، فهل يجوز أن يسير المجلس نحو هدفه الرئيسي الذي نصّ عليه نظامه الأساسي، وهو وحدة دول المجلس، أن يسير نحوه بالبطء الشديد الحذر الذي سار عليه المجلس طيلة الثلاثين سنة الماضية؟ ألا يرى المجلس أن ما يحيط به من أخطار من قبل قوى إقليمية، وعلى الأخص العدو الصهيوني المتربِّص الطامع في أن يكون القائد المهيمن في الاقتصاد والتكنولوجيا والمعرفة، ومن قوى دولية، هي الأخرى طامعة في ثروات المجلس البترولية وأسواقه وسيولة أمواله، أن تلك الأخطار تستدعي الإسراع في خطوات وحدته الاقتصادية والأمنية والسياسية؟

ثانياً: ترتبط حقبة البترول بعامل الوقت أيضاً، إذ أنها ثروة في طريقها إلى النّضوب مع مرور الوقت. فهل تدرك دول المجلس أن عائدات هذه الثروة لدولها الست، والتي تقترب من التريليون دولار سنوياً، هي فرصة تاريخية إن ضاعت فإنها لن تعود؟

إنها فرصة تاريخية لبناء تنمية إنسانية شاملة في مجتمعاتها، ولمساعدة بقية أجزاء وطنها العربي الكبير في بناء تنمية مماثلة. إن الاستعمال العاقل المتَّزن لتلك الثروات يستطيع بناء اقتصاد إنتاجي ومعرفي قادر على حل مشكلات البطالة والفقر، وإقامة أنظمة تربوية وتعليمية وصحية وثقافية تخرج إنسان المجلس، وإلى حدٍّ معقول إنسان الأرض العربية، من الجهل والمرض والتخلف الحضاري.

لكن دول المجلس مع الأسف تتعامل مع هذه الثروة وكأنها لن تنفذ قط. من هنا مظاهر البذخ والاستهلاك النَّهم والاستثمار في المضاربات العقارية وفي نشاطات خدمية مظهرية غير منتجة وعلى الأغلب ستكون مؤقتة.

ثالثاً: يشعر الإنسان بأن المجلس غير معني بهوية شعوبه وبلدانه، وإلا فلا يستطيع الإنسان أن يفهم عدم وجود سياسة واحدة، على أسس مشتركة، بالنسبة لنوع ومصدر العمالة المستوردة للعمل في دول المجلس. ولا حاجة هنا لإعادة ما قيل وما كتب بشأن الإلتجاء إلى العمالة غير العربية التي تزداد أعدادها بسرعة مذهلة إذا قيست بالنسبة لأعداد العمالة الوطنية والعمالة العربية.

لقد ترك المجلس هذا الموضوع لكل دولة لتتصرف حسبما تشاء، في حين أن هناك حاجة لمعايير وضوابط تأخذ بعين الاعتبار ما تحمله تلك الزيادات غير العربية من أخطار حقيقية على هوية المنطقة العروبية وعلى تركيبة مجتمعاتها الثقافية والاجتماعية والأمنية.

وموضوع فقدان الهوية ينطبق في مجال آخر، مجال التعليم في المدارس الخاصة، فهناك دلائل متزايدة بأن نسبة كبيرة من خرّيجي تلك المدارس من بين المواطنين تعاني ضعفاً شديداً في قدراتها اللغوية العربية. وهو موضوع أخطر من أن يترك لكل دولة لتعالجه بطريقتها الخاصة. إنه يحتاج لعلاج مشترك من أجل الحفاظ على هويّة الفرد والمجتمع العروبية التي إن ضعفت أدّت إلى موت الثقافة العربية التدريجي.

رابعاً: هناك عدة مواضيع تنظيمية تحتاج إلى حسم بالنسبة لها، منها موضوع التنازل عن جزء من السيادة الوطنية لكل دولة من أجل السيادة المشتركة. إن أحد أسباب الخلافات والصراعات في داخل المجلس هو تصرُّف البعض من منطلقات السيادة والمصلحة الوطنية الكاملة دون مراعاة لمصلحة الآخرين وللسيادة المشتركة. ومنها توسعة المجلس لحل إشكالية العمالة المستوردة من جهة وحل بعض الجوانب الأمنية من جهة أخرى.

ومنها موضوع الإنتقال السلمي إلى الديمقراطية من أجل ترسيخ الشرعية الديمقراطية من جهة، ومن أجل تجنّب انفجارات المستقبل من جهة ثانية.

ومنها وجود مجلس لرؤساء الوزارات وتعيين وزير لشئون مجلس التعاون في كل مجلس وزراء. وهناك تفاصيل أخرى كثيرة لا يسمح المجال للدخول فيها.

لقد آن الأوان أن ينتقل المجلس من التركيز على الفروع إلى التركيز على الإستراتيجيات الكبرى وعلى حل قضاياه المفصلية.

إقرأ أيضا لـ "علي محمد فخرو"

العدد 4276 - الخميس 22 مايو 2014م الموافق 23 رجب 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 12:50 م

      الفاتحة

      رحم الله من اعاد الفاتحة.

    • زائر 5 | 12:48 م

      لا تقول للميت

      الا الله يرحمة...

    • زائر 4 | 2:55 ص

      امة لا تحيا بالنقد يموت غير انا نبني الجهل بيوت

      التطور والرقي والانتصار على الاعداء هو اعطاء الانسان الخليجي والعربي اين دولته وموقعه حقوقه السياسية والادمية ومنها ينتصر الشعب الخليجي والعربي على كل الاخطار من الجهل وتربص الدول المارقة ولكن اسرائيل (حبابة) انظمتنا مع الاسف والاجنبي معشوق عند اداراتنا علي المواطن الغلبان والعلم لا يصل الا لمن يرتضي ارباب المليارات واصحاب السياسات الاوحدية انت اسود انت ابيض انت من ولد من و من هنا سقط العرب في اتون التخلف عندما تقسمنا على اساس عرقي مذهبي ظالم

    • زائر 3 | 11:50 م

      مقارنة

      مجلس التعلون كأنه بالون الداخلية بضعة شهور إمحلق في الجو وتالي شطف إبروحة ولا قامت
      له قائمة الفاتحة.

    • زائر 2 | 11:33 م

      اذا عمي البصر جاء اقدر

      جمعة مباركة ... ربما المشهد اليوم يقول بأن نذر انفجار البراكين قد اقترب وخصوصا بمن بركانه ينفث حمما دون توقف لمدة الأربع سنوات تقريبا ولم يستوعب الى الآن مآل هذه الحمم !

    • زائر 1 | 11:11 م

      ادا عرف تاريخ ولادته عرفت اهدافه

      معرفة تاريخ ولادة المجلس والدول المؤسسة وطبيعة انظمتها تعلن عن الاهداف وما يقال ويكتب ليس بغائب عن القادة وهم ليسوا في حاجة الى تدكير . ومن هو في موقع المسؤولية يرى ما لا يراه المتفرج هل كان يمكن ان تقول دلك يوم كتت في الة النظام مثلا ؟

اقرأ ايضاً