أصدر مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، صباح اليوم الخميس (22 مايو / أيار 2014) التقرير المرحلي الأول لمرصده الإعلامي، حول تقييم أداء وسائل الإعلام ( 15 وسيلة إعلامية) خلال فترة الدعاية للانتخابات الرئاسية المصرية.
وذلك خلال الفترة من 20 ابريل(غلق باب الترشيح) وحتى 20 مايو الجاري، إذ يتابع المركز باهتمام بالغ المسار السياسي للاستحقاق الانتخابي الثاني على رئاسة الجمهورية في أقل من عامين في خضم حالة من الاستقطاب والعنف الأمني والسياسي ليس له مثيل في تاريخ مصر الحديث.
وتعتبر هذه الانتخابات الرئاسية مختبر لمبدأ التنوع والتوازن الإعلامي كغيرها، إلا أن التنوع غائب عن المشهد سواء على مستوى وسائل الإعلام أو على مستوى الأطراف الضالعة في العملية الانتخابية، لاسيما في ظل استمرار افتقار البيئة الإعلامية للتنوع نتيجة للتحيز الواضح لطرف في العملية الانتخابية من جهة، وبعد غلق القنوات الدينية ووقف طباعة جريدة الحرية والعدالة من جهة أخرى .
وعليه تعتبر هذه الانتخابات اختبار لقدرة الإعلام على تحقيق التوازن الحقيقي بين مرشحين اثنين، يعزز السياق العام من فرص احدهما على حساب الأخر.
يبحث التقرير مدى التزام وسائل الإعلام بمبدأ التوازن وعدم الانحياز، والذي يتخطى في معناه فكرة التساوي في المساحات الزمنية وعدد الأخبار، إلى صياغة تلك الأخبار ومقدماتها والاستنتاجات المبنية عليها، وطريقة إخراجها وإبرازها، وكذا تقييم طبيعة الأسئلة الإعلامية الموجه لكل مرشح، واختبار قدرة المحاور على تطوير الأسئلة التكميلية والتوضيحية التي تلبي تطلعات المتلقي.
كما يستعرض التقرير ملامح السياق العام المصاحب لتلك الانتخابات، وابرز قرارات وممارسات اللجنة العليا المشرفة عليها،كما يلقي الضوء على مستجدات البيئة الإعلامية المواكبة لها، وأهم الأشكال البرامجية والأنماط الحديثة التي استدعتها وسائل الإعلام في تغطية هذه الانتخابات، وانعكاسات ذلك على اتجاهات التغطية.
التقرير الذي جاء في 25 صفحة، يرصد وبشكل يومي 9 ساعات للبث في فترات ذروة المشاهدة لثمان قنوات تلفزيونية، هي الفضائية المصرية، قناة النيل للأخبار، CBC، ONTV، MBC مصر، الجزيرة مباشر مصر، صدى البلد، والقاهرة والناس.
وكذا يرصد 9 ساعات يومية من البث الإذاعي لمحطتي راديو مصر و90:90، كما يرصد العدد اليومي لـ5 صحف هي (الأهرام، الجمهورية، الشروق، المصري اليوم، والوطن). ملقيا الضوء على القواسم المشتركة التي جمعت بين كل هذه الوسائل، وأبرز أشكال الانحرافات المهنية التي ارتكبتها كل وسيلة.
وبشكل عام أقر التقرير من الناحية الكمية تفوق المرشح عبد الفتاح السيسي على نظيره المرشح حمدين صباحي في معدل الاهتمام الإعلامي في جميع وسائل الإعلام ( بما فيها قناة الجزيرة)، فحاز بعدد أكبر من الأخبار ومساحات ورقية وزمنية أكبر، ناهيك عن الإعلانات والفواصل وشريط الأخبار ، التي تعكس تحيزا كميا واضح له.
أما على مستوى المحتوى والمضمون فثمة انحياز واضح للمرشح نفسه اتخذ مناحي عدة، بدءا من الإصرار على نعته الدائم بـ"المشير" ، وليس المرشح، وإعلان عدد من الإعلاميين والقنوات بشكل صريح تأييدها له، ومرورا بالحرص الدائم على استدعاء مواقفه وانجازاته أثناء فترة توليه لوزارة الدفاع، ووصولا إلي التفاوت الواضح في عمق الأسئلة وتوظيف الأسئلة التكميلية والإيضاحية الموجه له مقارنة بمنافسه، حول البرامج الانتخابية، وتوظيف العوامل الإخراجية لخدمة انحياز الإعلام للمرشح، ناهيك عن توظيف قناة الجزيرة للعوامل نفسها ولكن في إطار الهجوم على المرشح وتنميط صورة سلبية له لدى المتلقي، بشكل يجعله يسيطر على المساحة الكمية لمحتواها أيضا.
إلا أن التقرير يؤكد صعوبة تعميم النتائج على كل قطاعات الإعلام سواء الخاصة أو المملوكة للدولة، حيث أن ثمة تفاوت واضح بين الوسائل القومية بعضها البعض وكذا الوسائل الخاصة، كما أن هناك العديد من الممارسات المرتبطة بإعلاميين وكتاب وبرامج محددة، تصنع تفاوتا في تقييم الوسيلة الواحدة ربما على مدار اليوم نفسه.
لذا عهد التقرير إلى التدليل على الانحيازات بأسماء البرامج وعناوين المواد الصحفية ومواعيد وتواريخ نشرها وإذاعتها، كلما أمكن ذلك. كما حرص التقرير على الإشارة للوسائل والمواد الإعلامية الأقل انحيازا والأقل ارتكبا للأخطاء المهنية.
يذكر ان المرصد الإعلامي لمركز القاهرة اضطلع بمراقبة التغطية الإعلامية للانتخابات البرلمانية والرئاسية والاستفتاءات الدستورية منذ عام 2005، حيث اضطلع بمراقبة أداء وسائل الإعلام المصرية إبان فترة الانتخابات.