عبر الكاتب الاكاديمي عبد علي محمد حسن في دراسة حول قائمة "الممكن" التي يمكن لأطراف النزاع السياسي في البحرين التوافق عليها، وتصنفها في مجال الممكن، وأبرز ذلك: إعلان دولة المواطنة، وإطلاق الحريات العامة، وتأكيد مبادئ الوحدة الوطنية، وتبني اللا عنف، ومحاربة الفساد والمفسدين، وإجراء مراجعة دستورية لبعض المواد الجدلية، وإجراء تعديل في الدوائر الانتخابية يضمن المساواة بين المواطنين، ومنح مجلس النواب سلطات واسعة في منح الثقة للحكومة وسحبها، وإقرار تشكيلتها وبرنامجها، ومحاسبتها، والشراكة في السُلطة التنفيذية، واستقلال السُلطة القضائية، ومراجعة القوانين المثيرة للجدل، وإجراء استفتاء شعبي لنواتج الحوار الوطني والتعديلات الدستورية المقترحة، ومراجعة عامة لقضية التجنيس.
وتستخلص الدراسة قائمة من المطالب السياسية التي يمكن لأطراف النزاع السياسي في البحرين التوافق عليها، وتصنفها في مجال الممكن، وأبرز ذلك: إعلان دولة المواطنة، وإطلاق الحريات العامة، وتأكيد مبادئ الوحدة الوطنية، واللا عنف، ومحاربة الفساد والمفسدين، وإجراء مراجعة دستورية لبعض المواد الجدلية، وإجراء تعديل في الدوائر الانتخابية يضمن المساواة بين المواطنين، ومنح مجلس النواب سلطات واسعة في منح الثقة للحكومة وسحبها، وإقرارتشكيلتها وبرنامجها، ومحاسبتها، والشراكة في السلطة التنفيذية، واستقلال السلطة القضائية، ومراجعة للقوانين المثيرة للجدل، وإجراء استفتاء شعبي لنواتج الحوار والتعديلات الدستورية المقترحة، و مراجعة عامة لقضية التجنيس.
وفي المقابل، تستخلص قائمة غير الممكن في هذا النزاع التي تتضمن: تجاهل المطالب العادلة، واستمرار الحل الأمني، وتهميش مكونات المجتمع، وتجاهل أطراف النزاع السياسي، والانفراد بالحل السياسي، ونجاح العنف في تحقيق أهدافه، وإسقاط النظام.
وتقدم رؤية للحل السياسي في البحرين مكونة من ثلاث مراحل هي: مرحلة التمهيد للحل السياسي وبناء الثقة التي تمهد للحل السياسي بإيجاد أجواء أمنية وسياسية واجتماعية وثقافية. والمرحلة الانتقالية التي تقدم مشروعا للحل السياسي يتم تنفيذه على مراحل، ويتم خلالها تشكيل حكومة وحدة وطنية مشاركة تعمل على تحقيق المصالحة المجتمعية، وإصدار عفو عام، وإجراء استفتاء عام للصيغ العامة التي يتم التوافق عليها. ومرحلة الحل النهائي المستدام التي تعمل تحقيق الوحدة الوطنية، والتأكيد على عروبة البحرين وانتمائها الخليجي، والتركيز على التنمية الشاملة، والاهتمام بالقضايا الخدمية وغيرها.
لا تعبر الأفكار الواردة في هذا التقرير عن رؤية طيف سياسي، فهي أفكار خاصة بالباحث نفسه، ولدتها قراءته للأحداث الجارية، وزادتها عمقا الرؤية الواقعية لطبيعة المجتمع البحريني في علاقاته البينية الداخلية والخارجية، وخصوصا العلاقة في منظومة مجلس التعاون الخليجي التي لا تسمح، على حد قول أحد المفكرين في المنطقة، بأن يفرط عقد أحدها إلى حد عدم القدرة على نظمه من جديد، وأن التساهل يمكن أن يتم في المحيط مع إجراءات سياسية تحديثية، ولكن ليس انقلاباً كاملا .
والنزاع السياسي في البحرين ليس بمستحدث لنقول عنه أنه حراك للربيع العربي الذي بدأت أحداثه في تونس في نهايات العقد الأول من القرن الجاري، فمنذ صدور دستور 2002م الذي دار حوله جدل واسع، كان هناك حراك سياسي واسع يطالب بإحداث إصلاحات دستورية تعزز الممارسة الديمقراطية، وتمنح للسلطة التشريعية المنتخبة سلطات أوسع في التشريع والرقابة، وتُفَعِّلَ مبدأ الشعب مصدر السلطات، ومحاسبة الفساد والمفسدين.
ومع تفجر ثورات الربيع العربي، اشتد هذا الحراك وانطلق في 14 فبراير 2011 رافعا ذات المطالب السابقة، وسقط في هذا الحراك ضحايا كثيرون، واعتقل الآلاف، وصاحبته فظائع ومآسي كثيرة، سجل بعضها تقرير اللجنة الأممية التي شكلت بأمر ملكي رقم 28 صادر بتاريخ 29 يونيو 2011م .
وتذهب بعض الآراء إلى أن البحرين كانت أكبر الخاسرين من الربيع العربي، حيث بدأت المطالب الشعبية الأولى محقة ومشروعة، وكانت قاب قوسين أو أدنى من تحقيق مطلب التحول إلى ملكية دستورية عصرية، وسرعان ما انحرفت المطالب الإصلاحية المشروعة إلى سلوكيات ثورية، ونجح التشدد في جر المجتمع البحريني إلى اصطفاف طائفي يهدد وحدته الوطنية .
وفشلت كل المبادرات والحوارات في الوصول إلى حلول توافقية، وانسدت آفاق الوصول إلى حلول سياسية. ومع تفضيل السلطة لخيار القبضة الأمنية، وتعالي الأصوات الداعية إلى العنف، تتباين الرؤى، ويتباعد أقطاب النزاع، ويتوارى العقل، وتغيب الحكمة، ليصبح الوطن نهبا للتطرف، وعرضة للدمار.
ونحاول في هذا التقرير، أن نعرض بإيجاز، لأطروحات ومطالب أطراف النزاع السياسي، وتصنيفها إلى أطروحات ومطالب ممكنة، وأطروحات ومطالب غير ممكنة، وتقديم رؤية للحل السياسي الممكن.
ونقصد بالممكن، تلك المطالب والرؤى التي يمكن لأطراف النزاع السياسي التوافق حولها، والوصول إلى حل توافقي ينصف جميع أطراف النزاع. أما غير الممكن، فهي المطالب والرؤى التي يتبناها أطراف النزاع ويصعب الوصول إلى اتفاق حولها في الظروف الراهنة، لأسباب متعددة أبرزها العامل الطائفي المذهبي، والوضع الإقليمي المتأزم. ولا تعول الدراسة في تصنيف الممكن وغير الممكن على الأقدار والغيبيات، ولا تذهب للقدرة الإلهية القادرة على كل شيء.
الممكن في النزاع السياسي في البحرين:
يمكن اعتبار ميثاق العمل الوطني الذي صوت عليه شعب البحرين، والمبادئ التي أعلن عنها ولي عهد البحرين في 13 مارس 2011م أساسين رئيسين للممكن في حل النزاع السياسي. وتتضمن هذه المبادئ: مجلس نواب كامل الصلاحيات، وحكومة تمثل إرادة الشعب، ودوائر انتخابية عادلة، والتجنيس، ومحاربة الفساد المالي والإداري، وأملاك الدولة، ومعالجة الاحتقان الطائفي، وغيرها .
ومع هذه المبادئ المشار إليها، تضمن الإعلان مجموعة أخرى من المبادئ لم تلق حظا وافرا من الإعلام، وفي اعتقادي أنها تشكل القاعدة الرئيسة التي يجب أن تستند عليها كل الرؤى والحلول السياسية الممكنة. وهذه المبادئ هي:
- الحق في الأمن والسلامة للجميع،
- الوحدة الوطنية ،
- الحوار المنتج،
- تأكيد الإرادة الشعبية.
وبحسب اعتقادي، فإن هذه المبادئ الأربعة تدخل في قائمة الممكن التي يمكن لكل أطراف الصراع السياسي التوافق عليها، واعتبارها القاعدة العريضة لأي حراك سياسي ومجتمعي. وأنها يجب أن تؤصل لكي تصبح حقا عاما، وثقافة مجتمعية، ونمطا حياتيا في سلوك الأفراد والجماعات، كما يمكن أن نشتق منها مجموعة من القيم التي تصبح حاكمة للمواطنة الصالحة، ونُقَوِّمَ بها السلوك العام والخاص.
وعودة للمباديء السبعة المذكورة أعلاه، التي نعتقد أنها طرحت آنذاك لتشكل أجندة للحوار بين أطراف الصراع السياسي، وأنها تدخل في باب الممكن، فهي تقترب كثيرا من أطروحات المعارضة السياسية، ولا تبتعد كثيرا عن أطروحات الجمعيات والجماعات السياسية التي تقترب من خط السلطة.
ومما يجب ملاحظته، والتمعن فيه، واستلهام مضامينه للحلول الممكنة في النزاع السياسي في البحرين، أن الجمعيات السياسية الوطنية المعارضة التي أصدرت وثيقة المنامة باعتبارها سقفا للمطالب السياسية، ربطت بين تلك المطالب السياسية المتمثلة في: حكومة منتخبة، ونظام انتخابي عادل، وسلطة تشريعية من غرفة واحدة تنفرد بصلاحيات التشريع والرقابة، وسلطة قضائية نزيهة، وأمن للجميع، ومعالجة للتجنيس، وإيقاف لسياسة التمييز، وإعلام للجميع؛ وبين واقع الحياة الجارية، اقتصاديا، واجتماعيا، وهي ترى أن تلك القضايا وغيرها من المشكلات إنما هي إفرازات لانعدام الديمقراطية التي تمثل الإرادة الشعبية، وغياب القضاء المستقل . وبررت تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي بالحالة السياسية السائدة التي تسببت في الآتي:
- استمرار الفساد المالي والإداري،
- تأصل الدولة الأمنية،
- مصادرة حقوق المواطنة،
- تفاقم التمييز،
- الفشل الاقتصادي،
- تفاقم مشكلة الإسكان،
- شيوع ظاهرة الفقر،
وتتمسك الجمعيات السياسية المعارضة بالملكية الدستورية، وتنأى بنفسها عن المطالبة بإسقاط النظام، وتحصر مطالبها في إصلاحات سياسية ترى أن مشروعيتها تنبثق من ميثاق العمل الوطني الذي صوت عليه شعب البحرين في 14 فبراير 2001م، وأقره بنسبة 98.4%، ومن الدستور نفسه.
ولا تبتعد الجمعيات والجماعات السياسية القريبة من السلطة في رؤاها عن الرؤيتين السابقتين لولي العهد والجمعيات السياسية المعارضة، فتجمع الوحدة الوطنية يؤطر رؤيته للحل السياسي بالمواطن المدرك للمواطنة، وبمجتمع متوافق رافض للفساد والاستبداد والانفراد بالقرار والعبث باللحمة الوطنية، وبحكومة عادلة مساءلة تمثل الإرادة الشعبية، ومجلس نيابي كامل الصلاحيات، ومجلس للشورى يتكامل ولا يعطل، وبقضاء مستقل نزيه، ومؤسسات فاعلة تكرس المواطنة وتدافع عن كيان الدولة وسيادتها.
وتقدم وثيقة المشروع السياسي لإئتلاف الفاتح ، رؤيتها في: حكومة تمثل الإرادة الشعبية وتخضع للمحاسبة والمساءلة البرلمانية يعينها الملك، يوافق البرلمان على برنامجها، وتخضع للمساءلة البرلمانية، ومجلس للنواب كامل الصلاحيات، مع مجلس شورى معين من الكفاءات وأصحاب الخبرة والرأي، وتعديل للدوائر الانتخابية لتحقيق تمثيل شعبي وفقًا لمعايير التوسع السكاني والنمو العمراني والاقتصادي، وقضاء مستقل.
وبناء على ما تقدم، نستطيع أن نذهب إلى قائمة الممكن في حلحلة النزاع السياسي في البحرين، التالية:
1. إعلان دولة المواطنة التي تساوي بين المواطنين وتجرم التمييز وسياسات الإقصاء،
2. إطلاق الحريات العامة التي تكفلها المواثيق الأممية،
3. تأكيد مبادئ الوحدة الوطنية، واللا عنف، ومحاربة الفساد والمفسدين،
4. مراجعة دستورية لبعض المواد مثار الجدل،
5. إجراء تعديل في الدوائر الانتخابية يضمن المساواة بين المواطنين،
6. منح مجلس النواب سلطات واسعة في منح الثقة للحكومة وسحبها، وإقرارتشكيلتها وبرنامجها، ومحاسبتها.
7. الشراكة في السلطة التنفيذية التي تضمن مشاركة الجهات الفاعلة في الساحة السياسية،
8. استقلال تام للسلطة القضائية،
9. إعادة النظر في القوانين المكبلة للحريات،
10. استمرار الحوار الجاد حول القضايا الجدلية،
11. استفتاء شعبي لنواتج الحوار والتعديلات الدستورية المقترحة،
12. مراجعة عامة لقضية التجنيس.
غير الممكن في النزاع السياسي في البحرين:
وفقا لاعتبارات كثيرة، محلية وخارجية، أبرزها: التوجه نحو المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار بوسائل وآليات ديمقراطية، والشعور العام بوجوب التخلص من الظلم والاستبداد، ومحاربة الفساد، والمساءلة الاجتماعية للنظام السياسي، ونظرا لطبيعة التركيبة السكانية في البحرين وتاريخها السياسي، وللوضع الإقليمي المتميز للبحرين في منظومة مجلس التعاون الخليجي، وارتباطاتها الإقليمية والدولية، وأخذا في الاعتبار كل التغيرات السياسية الحاصلة في المنطقة والعالم، وما يجري من صراعات وثورات سياسية مسلحة،ساهمت في تدمير المجتمعات المتحضرة، ونظرا للمواقف الهزيلة من المنظمات الأممية والدولية التي لم تستطع خلال تاريخها المديد إيجاد حلول واقعية للصراعات السياسية في العالم؛ يمكن للباحث المتأمل في النزاع السياسي الجاري في البحرين أن يتوصل إلى قائمة غير الممكن وأبرزها الآتي:
1. تجاهل المطالب العادلة: حين يتمسك الشعب بنهجه السلمي المطالب بالحقوق العامة، ويبتعد عن كل محاولات التطرف والعنف، ويرفع مطالب عادلة، ويحافظ على وحدته الوطنية، فإنه من غير الممكن تجاهل تلك المطالب. وقد تطول المدة، وتعظم الخسائر، ويدفع الوطن أثمانا لذلك، لكن الزمن لا يجري لصالح الاستبداد.
2. استمرار الحل الأمني: من غير الممكن استمرار الحل الأمني، فهو قد يستطيع إخماد أنفاس الحراك الثوري في فترة ما، لكنه لا ينجح في إلغاء الرغبة في تطوير النظام السياسي، ويمكن أن ينفجر الوضع مرّة أخرى، ما لم يصار الى حلول سياسية تنزع بؤرة التوتر .
3. تهميش مكونات المجتمع: من غير الممكن لأي حل سياسي تهميش مكونات المجتمع، أكثرية كانت أم أقلية، ولا يمكن إغفال الجماعات التي تعيش على أرض الوطن التي أضحت فاعلة في مسار حراكه الاقتصادي والاجتماعي. ولعل ما يجري في شبه جزيرة القرم وأوكرانيا في الوقت الراهن مثال لتوضيح هذه الفكرة. فلم تستطع ثورة الشعب الأوكراني بأغلبيته الكاسحة التي استطاعت أن تغير النظام السياسي أن تحقق الأمن والاستقرار للوطن، وأن تنأى به عن الصراعات الداخلية، ذلك لأنها لم تلتفت إلى المكونات الصغيرة للمجتمع.
4. تجاهل أطراف النزاع السياسي: من غير الممكن أن يتجاهل الحل السياسي الأطراف السياسية الفاعلة في الساحة، بمن فيهم بعض القيادات الموجودة في السجن، بأي حجة وسبب، ذلك لأن هذه المكونات قد بنت لها قواعد في البناء الاجتماعي، وتغلغت أفكارها بين الناس، وأضحى لها مؤيدون ومريدون، وبات من الصعب إبعاد هذه الجماعات عن دائرة الحلول السياسية.
5. الانفراد بالحل السياسي: من غير الممكن لأي طرف سياسي في النزاع الجاري في البحرين، كان في المعارضة، أم في السلطة، أن ينفرد بتقديم حل سياسي، ويقنع به الآخرين. وتجربة البحرين في عام 2001م شاهدة على أن الحل المنفرد لا ديمومة له، فلقد نجح ميثاق العمل الوطني حين ساهمت في إنتاجه كل أطراف المجتمع، وأصبح دستور 2002م موضع رفض حين انفردت السلطة باصداره.
6. نجاح العنف في تحقيق أهدافه: لا يمكن للعنف في البحرين، بكل أدواته ووسائله، ومن أي جهة جاء، أن يفرز حلا سياسيا، وأن ينحو بالبلاد إلى بر الأمان. وبحسب اعتقادي، فإن كل صيحة للعنف والاحتراب في البحرين هي صيحات ذات مصالح خاصة، أو طائفية أو حماس مؤقت، وكلها لا تطيق خيرا للبحرين وأهلها.
7. إسقاط النظام: لا يمكن لكل الدعوات المطالبة بإسقاط النظام السياسي أن تنجح في تحقيق هدفها، وذلك لاعتبارات محلية، وإقليمية، ودولية، وفوق ذلك لاعتبارات جغرافية، وطبوغرافية، ومذهبية، واقتصادية، واجتماعية، .
رؤية للحل السياسي الممكن:
تنبثق هذه الرؤية من مراجعة لعدد من الرؤى، أبرزها وثيقة المنامة، ووثيقة تجمع الوحدة الوطنية اللتان أشير إليهما سابقا، ووثيقة ائتلاف شباب الفاتح ، والرؤية التي قدمتها جمعية المنبر الديمقراطي في سبتمبر 2012م ورؤية القوى الوطنية الديمقراطية المعارضة في البحرين لحل الأزمة السياسية . وإلى بعض الكتابات والمقالات السياسية التي لامست الموضوع مثل: مقالة الشفيعي (2013) ، والشفيعي (2013). ، والرميحي ، والشافعي، وخليل (2014) .
وتتضمن هذه الرؤية ثلاث مراحل رئيسة هي:
- مرحلة التمهيد للحل السياسي وبناء الثقة (من ثلاثة إلى ستة شهور)،
- المرحلة الانتقالية،
- مرحلة الحل النهائي المستدام.
وفيما يلي توضيح بذلك.
المرحلة الأولى: التمهيد للحل السياسي وبناء الثقة: ( من ثلاثة إلى ستة شهور):
تمهد هذه المرحلة للحل السياسي بإيجاد أجواء أمنية وسياسية واجتماعية وثقافية، وتتم في أجواء بعيدة عن الإعلام، وتنأى بنفسها عن الصخب والضجيج، ويجب أن تفرز هذه المرحلة مشروعا للحل السياسي من خلال حوار منتج بين الأطراف الفاعلة، مؤازرة بمشورة من أطراف حكماء، ومساندة إقليمية ودولية. وتتحمل أطراف النزاع السياسي المسؤولية في إنجاحها، وإنجاح المراحل التالية لها. وفيها يتم التوافق على خارطة طريق الحل السياسي بمراحله التالية بين السلطة والجمعيات والجماعات السياسية الموالية لها، وبين الجمعيات السياسية المعارضة ومواليها. وحين يتعذر الاتفاق على كل هذه الأطراف، يمكن للسلطة أن تتفق مع الجمعيات السياسية المعارضة. وفي هذه المرحلة تعمل كل من السلطة والجمعيات السياسية المعارضة واطراف النزاع على التهيئة لإعلان مراحل الحل السياسي. ويتم خلال هذه المرحلة الآتي:
1. تخفيف القبضة الأمنية المتمثلة في الاعتقالات ومحاصرة القرى والأحياء السكنية، وإزالة كثير من مظاهر البروز الأمني لقوات مكافحة الشغب والأجهزة الأمنية الأخرى، وفي المقابل تعمل الجمعيات السياسية المعارضة على تقليل فعالياتها السياسية وخصوصا الجماهيرية منها التي تلهب الحماس.
2. ترشيد الإعلام السياسي، الرسمي وغير الرسمي، لدى السلطة ومواليها والمعارضة ومناصريها، ويشمل ذلك وقف الحملات المغرضة، والأخبار المسيئة للوحدة الوطنية، والبرامج والمنابر الطائفية، والصفحات الصفراء المثيرة للفتنة، ومواقع التواصل الاجتماعي الطائفية، وكل وسائل الإعلام والتواصل التي تساهم في تعكير الأجواء السياسية.
3. تعليق المحاكمات السياسية والأمنية، وتهيئة طوائف المجتمع كلها، وكأن عفوا عاما يلوح في الأفق، ومصالحة اجتماعية ستحدث في المجتمع البحريني المتحضر الذي لا يقل في تحضره عن مجتمع جنوب أفريقيا، أو شعب إيرلندا، أو أي شعب من شعوب الأرض آثر السلم على الحرب، ورفع راية الحب بدلا من رايات الحقد والكراهية.
4. إطلاق سراح بعض المعتقلين والمحكومين السياسيين والأمنيين وخصوصا الأطفال والنساء وكبار السن، وإرجاع جنسية من سحبت جنسيتهم، وإعادة المفصولين عن العمل ومن مقاعد الدراسة، وإبراز ذلك دليلا على التسامح المجتمعي، والقيم الاجتماعية السامية للمجتمع، وعنوانا عاما للأخوة المجتمعية، وصفحا عن تجاوزات الماضي.
5. إحداث نوع من التواصل المجتمعي بين السنة والشيعة، وخصوصا بين القيادات السياسية والدينية، والتأكيد في ذلك على الوحدة الوطنية، والأخوة الإسلامية، والقيم السامية للمجتمع البحريني، وعلى الحب والتسامح، ونبذ العنف، والكراهية، والطائفية، مما يمهد لخطاب جماهيري عاقل ومتزن، وتقبل اجتماعي عام للمصالحة الوطنية.
6. اختراق حواجز المعتقلات والسجون السياسية بإجراء حوارات مع قادة الفكر السياسي، وإعادة تكرار تجربة تسعينيات القرن الماضي حين أجرت السلطة حوارات مغلقة مع قادة المعارضة السياسية المعتقلين أسفرت عن الوصول إلى توافق على مبادرة سياسية ساهمت في وضع أساسات ميثاق العمل الوطني.
7. تشجيع مؤسسات المجتمع الأهلي على طرح مبادرات للحل السياسي، وتنظيم مؤتمرات وندوات جامعة لأطياف المجتمع تبحث في قضايا الوطن وتقدم الحلول المقترحة لها.
8. توجيه العملية التعليمية في الجامعات والمدارس إلى النحو نحو إزالة الاحتقان الطائفي، والعمل على إذكاء الروح الوطنية والحب والتسامح.
المرحلة الثانية: المرحلة الانتقالية
تعلن السلطة وموالوها والجمعيات السياسية المعارضة مشروعا للحل السياسي يتم تنفيذه على مراحل زمنية، تبدأ من مرحلة انتقالية مدتها سنة على الأكثر، ويتناول هذا المشروع القضايا السياسية الرئيسة، والملفات الاجتماعية والاقتصادية المتصلة بها، والملف الأمني، وقضايا المعتقلين والمسجونين، وقضايا التعذيب، وقضايا تعويض المتضررين، والفترة الانتقالية اللازمة لتطبيق المشروع. ومن أهم ما يجب التركيز عليه هو الآتي:
• الملكية الدستورية: التأكيد على الملكية الدستورية التي نص عليها ميثاق العمل الوطني ، بمجلس منتخب، له وحده فقط حق التشريع والرقابة ومحاسبة السلطة التنفيذية، وما سواه فهو للمشورة. ويمكن التدرح في تطبيق الملكية الدستورية، فيما يتعلق بتشكيل الحكومة، ومنحها الثقة، وتعيين رئيس الوزراء، ووزراء السيادة، بطريقة تحفظ التوازن بين سلطة الملك في تعيينها، وبين الإرادة الشعبية في الموافقة عليها، وإقرار برنامجها. لكن النهاية يجب أن تفضي إلى مملكة دستورية تضاهي الممالك الدستورية العريقة، أو كما هي عليه في بريطانيا.
• النظام الانتخابي العادل: التأكيد على نظام انتخابي عادل يقوم على المساواة بين المواطنين، ويتيح لكل مواطن فرصة الترشح للانتخابات والتصويت فيها دون عوائق. وبموجبه يتم تعديل الدوائر الانتخابية بما يضمن تحقيق العدالة. ويجب أن يضمن هذا النظام إبعاد المجنسين حديثا عن المشاركة في الانتخابات النيابية والبلدية.
• التعديلات الدستورية: يجب أن يتضمن مشروع الحل السياسي إجراء تعديلات دستورية على المواد المختلف حولها بين السلطة ومواليها، والمعارضة السياسية، بما يضمن نوعا من التوافق الشعبي على دستور 2002م. ولا يجب أن تقف هذه الإشكالية أمام الحل السياسي.
• ضمان استقلال السلطة القضائية ونزاهتها: يجب التوصل إلى صيغة دستورية تضمن استقلال القضاء ونزاهته وإبعاده عن التجاذبات السياسية والمذهبية . وهناك رؤية قدمها شباب ائتلاف الفاتح يمكن أن تكون منطلقا للتوافق حول هذا الموضوع.
• معالجة جادة للملفات المهمة: يجب أن يتضمن مشروع الحل السياسي معالجة منصفة للملفات الساخنة مثل ملفات: التمييز الطائفي، والتجنيس السياسي، والفساد، والاستئثار بالثروة والمال العام، والعاطلين، والمفصولين عن العمل، والتعذيب، والشهداء، والمعتقلين السياسيين، والمحكومين بقضايا سياسية، والإسكان، وغيرها.
وخلال هذه الفترة تبادر السلطة والجمعيات السياسية المعارضة، بتنفيذ مشروع الحل السياسي بالإعلان عن فترة انتقالية يتم فيها الآتي:
• تشكيل حكومة وحدة وطنية مشاركة: لكي تتحمل كل فئات المجتمع مسؤوليتها في إنجاح هذه المرحلة، يجب تشكيل حكومة مشاركة، وتتحمل الجمعيات السياسية المعارضة والموالية، مسؤولية فيها. وأن يركز برنامج عملها على تحقيق السلم الأهلي، وحلحلة الملفات العالقة، وتنفيذ توصيات لجنة بسيوني، والتوصيات الدولية الأخرى، والخروج بالمجتمع من حالة الاحتقان السياسي إلى حالة السلم والعمل المنتج، والتنمية الشاملة.
• حل المجلس الوطني بغرفتيه: والإعلان عن موعد جديد لانتخابات مجلس النواب، يبدأ مع قرب انتهاء الفترة الانتقالية، ويرافق ذلك إعلان الجمعيات السياسية المعارضة مشاركتها في الانتخابات النيابية القادمة.
• تحقيق المصالحة المجتمعية: وأهم ما ينبغي التركيز عليه هنا، هو إحداث تغيير قيمي إيجابي، تستبدل بالقيم الفاسدة التي عشعشت في أوساط المجتمع. وعلى السلطة والمعارضة الاستعانة في ذلك بخبرات علماء الاجتماع، والنفس، والتربية، والأخلاق. ومن الواجب هنا تحييد الدين والمذهب والعرق والانتماء، والنظر إلى المواطنة ذات الحقوق والواجبات، والنظر بعين متساوية إلى الجميع. ويجب إعلاء ثقافة الانتماء الوطني، والسلم الأهلي، والأخوة، والوحدة، وحب الوطن، والعفو والتسامح. والنأي عن ثقافة التجهيل، والتضليل، والدس، وإشاعة الكراهية وغيرها من القيم الحاطة بكرامة المجتمع.
• صدور العفو العام: بتبني سياسة عفا الله عما سلف، يجب أن يصدر عفو عام عن كل المسجونين والمعتقلين في قضايا سياسية، وأن يتم تأهيل بعضهم لتمكينهم من ممارسة حياتهم الاعتيادية.
• جبر الضرر: تتطلب هذه المرحلة جبر الضرر الذي تعرض له المواطنون، كل المواطنين بدون استثناء، إبان الأحداث المؤلمة، ومنهم عوائل الشهداء، والمعتقلين، والمسجونين، والمفصولين عن العمل، وغيرهم.
• المساندة الأهلية: تتحمل جمعيات المجتمع المدني، والمؤسسات الدينية، والجامعات، والمدارس، والمؤسسات الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي، والخطباء، ورجال الدين، وكل أصحاب الشأن مسؤوليتهم كاملة في تحقيق الأهداف المعلنة لهذه المرحلة، وإنجاح البرنامج الخاص بها.
• معالجة واقية: يعالج كل تشنج مضاد، وكل معارضة لهذه المرحلة بالحوار الهادئ، بعيدا عن التخوين، والتصنيف المزري.
• التقويم المستمر للخظى: يتم تقويم مسارات المرحلة أولا بأول وتعالج الأخطاء فورا، ولا يسمح للأخطاء الصغيرة أن تكبر.
• الاستفتاء العام: يجب أن توضع الصيغ العامة التي يتم التوافق عليها خلال هذه المرحلة في هيئة مشروع مجتمعي، شبيه بمشروع ميثاق العمل الوطني الذي صوت عليه شعب البحرين في عام 2001م، وأن يعرض هذا المشروع للتصويت العام ليحظى بثقة الشعب، تأكيدا لمبدأ الشعب مصدر السلطات.
المرحلة الثالثة: مرحلة الحل النهائي المستدام:
تبدأ هذه المرحلة مع إجراء انتخابات نيابية وبلدية، وفقا للضوابط التي تم التوافق عليها، لتفرز مجالس بلدية فاعلة، ومجلس نيابي كامل الصلاحيات، ومن ثم تشكيل حكومة توافق وطني، تحظى بثقة مجلس النواب وبمصادقته على برنامجها وخطوطها العامة. ويؤكد على هذه الحكومة العمل على:
• تحقيق الوحدة الوطنية: يجب أن تعمل الحكومة الجديدة على تأليف القلوب، وتناسي الماضي المثقل بالهموم، وتفتيت الصخور التي تعوق الوحدة الوطنية.
• التأكيد على عروبة البحرين وانتمائها الخليجي: يجب أن تعمل الحكومة على توطيد علاقتها بمنظومة مجلس التعاون الخليجي، والتأكيد على انتماءها الإسلامي والعربي.
• التركيز على التنمية الشاملة: يجب التركيز على إحداث تنمية مستدامة شاملة في جميع القطاعات، لا سيما القطاع الاقتصادي.
• الاهتمام بالقضايا الخدمية: يجب الاهتمام بقضايا الإسكان، والعاطلين الجامعيين، والصحة، وتجويد التعليم، والتطوير الحضري، والفقر، وغيرها من المشكلات التي يحس بها المواطن.
• الخروج من المأزق الاقتصادي: يجب الاهتمام بإيجاد حل للمشكلات الاقتصادية القاسية، وخصوصا المديونية العامة السيادية والحكومية التي وصلت إلى حد مرتفع جدا .
• النأي عن الصراعات والنزاعات الدولية: يجب أن تنأى الحكومة بنفسها عم كل مواطن التوتر والنزاع الدولي والإقليمي، قولا وفعلا.
• الاهتمام بالتعليم الفني والعالي: يجب أن توجه الحكومة تركيزها على استثمار العنصر البشري، بتأهيل الكوادر البشرية الفنية، ورعاية أصحاب الطموح الهادفين إلى مواصلة تعلمهم العالي.
• الإدماج التدريجي في أجهزة الأمن: بإعلاء الروح الوطنية يمكن للحكومة أن تقوم بإدماج عنصر الشباب البحريني في أجهزة الأمن المختلفة، بالضوابط التي تراعي الوحدة الوطنية، والحفاظ على الأمن العام.
• إصلاح الإعلام: يجب أن يوجه التركيز نحو إصلاح الإعلام بكل وسائله وأدواته، وأن يوجه توجيها وطنيا منضبطا بعيدا عن التجاذبات السياسية.
• محاربة الفساد: على الحكومة أن تولي اهتماما أكبر لمحاربة الفساد بكل أشكاله، ومحاربة المفسدين.
• إصلاح القضاء: التأكيد على استقلالية القضاء، ونزاهته، وقدرته على إحداث توازن بين القوى المختلفة. وهناك رؤى متعددة لذلك أشرنا إليها أعلاه. وما يجب التنبيه له والتأكيد عليه هو: اعتماد هيكلية متطورة تواكب مثيلاتها في دول العالم المتحضر، مع مراعاة الصفة الخاصة للمجتمع البحريني المسلم، واعتماد قانون متطور ينظم العمل القضائي، واختيار وزير يتمتع بالكفاءة والحيادية، واختيار القضاة وفق معايير متحضرة، والاعتماد على العنصر البحريني بخلق كوادر قضائية كفؤة، تنتمي لكل فئات المجتمع وطوائفه، واستثمار الخبرة الأجنبية في تأهيل هذه الكوادر، والنأي بالقضاء عن كل التجاذبات السياسية والمذهبية والعقائدية، تأكيدا لمبدأ كونه سلطة مستقلة.
وفي الختام يلخص الكاتب التالي:
• يستوجب الخروج من الأزمة السياسية في البحرين، النظر إلى طبيعة المجتمع، وعمقه التاريخي، وعلاقاته المتشابكة الداخلية والخارجية، ووضع المصلحة العامة للوطن فوق كل الاعتبارات، ونسيان مآسي الماضي، والسعي لحل سياسي مستدام.
• ويبقى الأمل معقودًا على حل سياسي شامل، لكل القضايا موضع الجدل والنزاع، تشارك فيه القوى الفاعلة في المجتمع، بدون استثناء، ويسعى لتعزيز اللُحمة الاجتماعية، والحريات العامة، والكرامة الإنسانية.
• وحيث يتطلب الحل السياسي الشامل حكمةً، وصبرًا، وعزيمةً، وإخلاصًا وتوافقًا، فلا بدَّ له من أن يمر في مراحل متعددة تتدرج من إنهاء حالة العنف، وتغييب الخيار الأمني، وتمكين الحوار الجاد، ومعالجة كل القضايا بما يضمن تحقيق ملكية دستورية تستند على مبدأي "الشعب مصدر السلطات والفصل بين السلطات الثلاث: التشريعية، والتنفيذية والقضائية."
الشعب
الشعب لن يتنازل عن حقوقه مهما فعلت السلطة وسناخد حقنا باذن لله والله افرج عن شعبنا المظلوم خسارة ماعرفو الى هاده الشعب الطيب وفضلو الاجانب عليه المشتكى لله
كلام سليم
اوافقك الراي اخي الكريم اذا اردنا ان نتوصل الى حل في البحرين دعونا نذهب الى وثيقة المنامه التي اصدرتها الجمعيات المعارضه فهي حل مقبول ويصنف من ضمن ((الممكن)) في وضعنا الحالي.