البحرين التي تحتفي هذا العام بالجمال وأروع الإنسانيّات من خلال الفنون عبر برنامج (الفنّ عامنا)، أفصحت في اليوم العالميّ للمتاحف الذي صادف يوم أمس الأحد (18 مايو / أيار 2014) عن مشروع متحف الفنّ الحديث الذي وجّه رئيس الوزراء صاحب السّمو الملكيّ الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، بإنشائه في مدينة المحرّق في اجتماع مجلس الوزراء يوم أمس.
وقد كلّف سموّه وزارة الثّقافة بالتّنسيق مع الجهات ذات العلاقة بهذا الشّأن، منوّهًا بأهميّة إحياء دور المتاحف في إبراز حضارات الشّعوب والحفاظ على الهويّة الإنسانيّة للمكان.
وبهذه المناسبة، أعربت وزيرة الثّقافة الشّيخة ميّ بنت محمّد آل خليفة عن سعادتها بهذا التّوجيه، مبديةً عميق شكرها وتقديرها للفتة سموّه، قائلةً: (هذا التّمسّك الجميل بالفنون والالتفاف الحميم حول هذه الثّقافة يشير إلى شخص سموّه وإنسانه الذي يتواصل مع الشّعوب والإنسانيّات من خلال أجمل ما تنتجه وأكثر ما يعبّر عن قضاياها واهتماماتها. الفنّ ملمح أنسنة أرّخ تاريخًا عميقًا وحضارات إنسانيّة بعيدة، ولا زال رهاننا حتّى اليوم في الثّقافة كي نصنع لوطننا عمرًا جميلاً ينتقي أروع الخطابات واللّغات، وهذا التّوجيه يضع أمامنا مسؤوليّة كبيرة لأن نتبنّى الفنّ تعبيرًا عن هويّتنا ولأن نختاره كلغة شفيفة للتّواصل مع دول العالم).
وأوضحت أنّ هذا التّوجيه ليس غريبًا، فسموّه مهتمٌّ بالحركة الفنّيّة التّشكيليّة، وقد تبنّى برعايته الكريمة منذ أربعين عامًا وحتّى اليوم معرض البحرين السّنويّ للفنون التّشكيليّة، مشيرةً إلى حضور سموّه الشّخصيّ للمعرض والتّواصل مع الفنّانين بصورة مباشرة، وأكّدت: (إقامة متحف خاصّ بالفنّ الحديث سيعمّق العلاقة مع الفنون وسيحوّل الموسم السّنويّ أو المعارض المتفرّقة إلى مختبر دائمٍ للجمال والفنون وروائع ما ينتجه الفنّانون من مختلف المدارس والتّيّارات).
وأوضحت إلى أنّ متحف الفنّ الحديث ببنائه وتصميمه سيحوي سلسلة من الفضاءات المعماريّة المتوالية لتدعم متطلّبات المتحف المختلفة، ومن أهمّها توفير قاعات عرضٍ ذات ميزات متنوّعة، ليتسنّى للزّائرين والفنّانين الاستمتاع بزيارته، وأكّدت أنّ خطوة تأسيس متحف ستكون ذات أثر بالغ في جمع أهمّ المقتنيات الفنّيّة وبدء توثيقها تاريخيًّا وإنسانيًّا، وسيكون كذلك أوّل متحف مخصّص للفنون في البحرين ضمن سلسلة المتاحف التي تعتني بها وزارة الثّقافة. وأكّدت معاليها: (هذا المتحف إضافة إلى المشاريع والمنجزات الوطنيّة، خصوصًا وأنّ متاحفنا تُعنى بالتّراث والتّاريخ والتّوثيق الإنسانيّ الحضاريّ، وتبنّي هذا الحلم الكبير يعني أنّ صنيعنا وبنيتنا الثّقافيّة والسّياحيّة بدأت تتّسع وأنّنا أمام نهضة سنصنعها بأحلامنا وحراكنا الثّقافيّ والفنّيّ). هذا وستقوم القوارب، التي تتوجّه حاليًّا من متحف البحرين الوطنيّ إلى مركز زوّار قلعة بو ماهر (مشروع طريق اللّؤلؤ المدرج على لائحة التّراث الإنسانيّ العالميّ لليونسكو)، بالتوجّه لاحقاً إلى متحف الفنّ الحديث في لقاء يجمع هذه البنى التحتيّة الثّقافيّة السّياحيّة.
ويشكّل متحف الفنّ الحديث، المتحف التّخصّصيّ الأوّل في المملكة، وأحد مشاريع البنية الثّقافيّة التّحتيّة المشتركة لدول الوطن العربيّ، ومن خلاله تنسج الثّقافة اشتغالاتها في مجال العمل المتحفيّ الذي يوثّق الإنسانيّات عبر مختلف أدواتها، ويلتحق بالأدوار التي تقوم بها المتاحف الأخرى في حفظ التّراث والنّتاج الفكريّ الشّعبيّ والتّواصل مع الشّعوب والإبداع.
وتتوازى خطوة إقامة هذا المتحف مع احتفاء المنامة بأربعين عامًا على إقامة معرض البحرين السّنويّ للفنون التّشكيليّة من خلال برنامج الفنّ عامنا، وبالتّوازي كذلك مع أدوار المتاحف والمساعي لتفعيلها أعمق في المجتمع البحرينيّ وعلى مستوى العالم، كما يحدث الآن مع متحف البحرين الوطنيّ الذي يتمّ الاشتغال على تطوير العروض المتحفيّة فيه بمناسبة استكمال ربع قرن على تأسيسه في ديسمبر / كانون الأول الماضي. في الوقتِ الذي يقدّم برنامج متحف موقع قلعة البحرين الذي يُشرف على أوّل موقع مسجّل على قائمة التّراث الإنسانيّ العالميّ العديد من الأنشطة والفعاليّات المفتوحة للعامّة، والتي تدعوهم للتّواصل والتّفاعل مع عمرانه وتاريخ المكان، وكذلك قلعة الشّيخ سلمان بن أحمد آل خليفة والمعروفة بقلعة الفاتح، والتي تحتضن متحفًا جميلاً يتناول تاريخ العائلة الحاكمة.