صدر عن وزارة الثقافة في مملكة البحرين، كتابان يوثقان سيرة المسرح عبر شخصياته التي لعبت دوراً كبيراً وفاعلاً في الحركة المسرحية. ويحمل الكتابان عنوان المشروع نفسه (سيرة المسرح)، قام بتجميع مادتهما والشهادات، موسى حسن.
الكتابان صدرا في مايو/ أيار الجاري (2014)، وتناولا في مستهل المشروع، الفنان عبدالله يوسف، صاحب المواهب المتعددة، والفنان المسرحي والتلفزيوني، عبدالله بن وليد.
ولد عبدالله يوسف في العام 1948، وهو عضو مؤسس في مسرح أوال، وشارك في معظم مجالس إدارته لسنوات طويلة، كما إنه عضو مؤسس في جمعية البحرين للفنون التشكيلية، ويشغل حالياً منصب نائب الرئيس.
شغل المسرح اهتمامه الكبير، مع تعدّد اهتماماته ومواهبه؛ وعرف كمخرج مسرحي وتلفزيوني، وفنان تشكيلي، ومهندس ديكور (سينوغراف مسرح وتلفزيون)، ومعلق أفلام وثائقية وإعلانية، ومقدم برامج إذاعية,
نال الفنان عبدالله يوسف عدّة جوائز أولى وتقديرية، وشهادات جدارة عن مجموعة أعمال مسرحية، وأعمال تلفزيونية.
تضمّن الجزء الخاص بعبدالله يوسف عديداً من الشهادات قدّمها فنانون في المسرح والكتابة على تنوعها، من بينهم الشاعر البحريني قاسم حدّاد؛ إذ قدّم شهادته بشفافية لغته التي عرف بها، وهي شهادة لم تخلُ من مساحات شعرية في بعض جوانبها، وجاءت بعنوان "عبدالله يوسف، فن النار الهادئة"، استهلّها حدّاد بالقول: "الأشهَر من مواهبه الفنية، موهبة البطء الشديد في العمل، دون أن تكون مثلبة، فهي ذريعة جودة النوع وجمال الإنجاز، الذي يشهد له من يدركه".
وأضاف حدّاد "الصديق عبدالله يوسف: سأحبّ دائماً اعتباره ذخيرة ورشة الفنون، كلما كان الحديث عن العمل الجماعي الذي يستحوذ عليه مثل السحر. فهو بين القليلين الذين شاركوا في تأسيس وإطلاق عدد من المشاريع الثقافية والفنية الأهلية منذ ستينيات القرن الماضي. وكان لي شرف مرافقته في معظم تلك المشاريع. يتوجّب ذكر هذا وعدم إغفاله لكي ندرك المفارقة والتناقض الجوهري بين ما يُذكر عن صديقنا بطئه في العمل، وبين جاهزيته الدائمة للمشاركة في أي عمل جماعي يُدعى إليه، أو يبتكره ويقوده غالباً".
وجاءت شهادة القاص والروائي أمين صالح بعنوان "عبدالله يوسف... بعيداً في القلب"، مباشِرة، تستظهر ذكرياته معه شهادة عن قرب، عاطفة ورؤيةً لعمله، جاء فيها "عندما التقيت به، للمرة الأولى، وسط جمع من الأصدقاء، في منزل قاسم حدّاد، أسَرَتني بساطته وتواضعه. بعد ساعة، بصوته العميق وضحكاته الرصينة فتح لي باب الصداقة فدخلت غير وجل وبلا حذر... عارفاً أنها لن تكون صداقة عابرة، عادية، أو ثمرة مزاج متقلّب. عرفته مُبدعاً تشكيلياً يستلّ ألوانه الجميلة، وتكويناته المدهشة. من واقع عاش أفراحه وأوجاعه حتى الثمالة، ومن حياة تجرّعها دفعة واحدة".
وجاء في شهادة الفنان المسرحي خليفة العريفي: "جاء إلى المسرح يحمل فرشاته وألوانه، ولوحة خلط الألوان وبدأ يرسم المسرح، وكأنه يرسم لوحة تشكيلية على القماش، يلعب بفراشاته حول الضوء، ويستفز غواية الظل. كنا نصعد إلى غرفته في بيتهم في فريق (المرّي) ونجلس خاشعين في فوضاه الأليفة. جاء إلى المسرح من قرية اللون والفرشاة ولوحة خلط الألوان".
الباحث والمترجم والأكاديمي محمد الخزاعي، تناول في شهادته أحقية عبدالله يوسف في التكريم المضاعف وبما يتجاوز حدود بلاده. وجاء في شهادته: "في مجال التكريم، لو كانت هناك جائزة عربية تمنح لمجمل الأعمال والتجربة الفنية في مجال المسرح، على غرار جائزة الأوسكار الخاصة التي تمنحها الأكاديمية الأميركية لمجمل أعمال المشتغلين بفن السينما، لقمت من غير تردّد بترشيح عبدالله وهو الفنان مرهف الحس، متعدد المواهب الساعي إلى الجودة لهذه الجائزة، فهو بحق فنان من البحرين نفخر به أن يكون حاصلاً على هذا التكريم".
الكتاب الخاص حفل بشهادات كل من: محمد عواد، علي الشرقاوي، عيسى الحمر، راشد نجم، محمد حميد السلمان، إسماعيل فهد إسماعيل، أحلام محمد، وشغلت الصور في مناسبات وفترات زمنية متنوعة الجزء الأكبر من مساحة الكتاب.
عبدالله بن وليد "الفنان الراهب والعازف الشاعر"
ذلك هو عنوان التقديم الذي تصدّر كتاب سيرة المسرح الخاص بالفنان عبدالله وليد، من قبل مجلس إدارة مسرح أوال، عمدت إلى إضاءة جوانب من إنجازاته والأثر الذي تركه على مجمل الحركة المسرحية في البحرين، وما جاورها.
ولد عبدالله حجي وليد طحنون في المنامة العام 1949. حاصل على دبلوم المعهد العربي في القاهرة العام 1977. عمل أخصائي أندية بالمؤسسة العامة للشباب والرياضة، كما عمل مدرساً للتربية الرياضية. والذين لم يعاصروا نهاية الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، ربما لم يعرفوا عنه أنه واحد من أشهر حرّاس مرمى كرة القدم؛ إذ لعب لنادي الترسَانة، وكذلك لمنتخب البحرين؛ إذ شارك في أول دورات الخليج لكرة القدم التي أقيمت على استاد مدينة عيسى.
تضمّن الكتاب شهادات للفنان عبدالله يوسف جاء فيها: "يتحلّى هذا الإنسان الفنان الأصيل بموهبة الدخول إلى الشخصية التي يمثلها، بهدوء ويسْر ورهافة... لا يتأفّف، أو يدّخر جودة أدائه للشخصية المنوطة به إلى ليلة العرض الأولى، كما يعتقد أو يتوهم بضرورة ذلك كثرة كثيرة من الممثلين؛ بل هو من أولئك الممثلين الذين يسكبون الشخصية دفقة دفقة فترة التمارين، ليمتلئ بها كأس العرض عن آخره ليلة الافتتاح... هكذا كان، وهذا دأبه إلى الآن".
تضمّن الكتاب شهادات كل من: عيسى الحمر، محمد حميد السلمان، وأمين صالح.
يُذكر، أن الفنان عبدالله وليد سيتم تكريمه في مهرجان المسرح الخليجي في دورته الثالثة عشرة والتي انطلقت أعمالها يوم السبت (17 مايو/ أيار 2014)، في قصر الثقافة تحت رعاية عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، سمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي. ويفتتح المهرجان وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، ويستمر حتى الرابع والعشرين من مايو الجاري، وتشارك فيه تسعة عروض، منها ستة في المسابقة الرسمية، إضافة إلى ثلاثة عروض إماراتية على هامش المهرجان.