العدد 4272 - الأحد 18 مايو 2014م الموافق 19 رجب 1435هـ

ما تبقى من أيام للغرب وإيران

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

من أساسيات التحليل للحدث «الإيراني» هو إدراك كونه أمراً مُركَّباً. هذا الأمر ينطبق على كافة المشهد الداخلي والخارجي لإيران. وليس خارجاً عن هذه القاعدة، ما يجري في ملفها النووي، الذي قَطَعَ شوطاً طويلاً، وتخطَّى عقبات كأْدَاء منذ شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.

في الجولة الأخيرة من المباحثات النووية التي جرت بين إيران والدول الست في فيينا، والتي عُقِدَت لصياغة مسودة الاتفاق النهائي بين الجانبين، بدا أن نتيجة الجولة التي استغرقت ساعتين، أنها تحتاج إلى «مزيد من الواقعية» حسب تصريحات مسئول أميركي كبير. «في أية مفاوضات هناك أيام جيدة وأيام سيئة، صعود وهبوط. كانت هذه لحظة صعبة جداً، لكنها لم تكن غير متوقعة». هكذا قال الأميركيون. لكن «الاتفاق النهائي مع مجموعة ستة + واحد أمر ممكن» كما الإيرانيون، وبالتالي الأمر بات متوقفاً على أمرٍ ما.

باعتقادي، أن «يوماً جيداً» سيأتي لتوقيع «اتفاق ممكن» بين الجانبين. هذه توليفة أميركية إيرانية يتم تداولها وإن بدت شاقة. لكن القضية التي لم يُصرِّح بها الجانبان، والتي أفضت إلى اقتصار الاجتماع الأخير على «ساعتين» وليس «يومين» كما جرى في نيويورك والتي من المهم الإشارة إليها في هذه المقالة، تكمن في: إدراج الغرب للبرنامج الصاروخي لإيران ضمن المفاوضات، حيث يعتقد الغرب، أن له علاقة بحمل رؤوس نووية، أو على الأقل ببرنامج عسكري متقدم جداً من نوع ما. وهو الأمر الذي تنفيه طهران وتطالب بتقديم الدلائل عليه. هذا الأمر يُكتَشَف عندما تُجمَع تصريحات الغربيين والإيرانيين بالتحديد، فيما خصّ ذلك الموضوع.

قبل كل شيء، الإيرانيون، (وإلى جانب منظومة شهاب الصاروخية) قاموا بتطوير نظامهم الصاروخي العسكري بشكل كبير خلال السنوات العشر الأخيرة، وإنشاء قوة في الحرس الثوري تحت اسم «القوة الجو فضائية» هدفها تكثيف وتطوير مدَى الصواريخ وقوتها التدميرية.

وربما قَصَدَ الغرب «صواريخ أرض أرض المضادة للسفن، والصواريخ الباليستية وصواريخ: سِجّيل، زلزال، الخليج، هرمز واحد واثنين، وفجر خمسة، ورعد 301، ومنظومات الدفاع الجوي المرتبطة بها كـ ثلاثة خرداد وطبس ورادارات بشير وكاوش».

قبل عقد الجولة «النووية الفْيَنِّيَّة» بستة أيام، زار المرشد الأعلى للثورة الإسلامية آية الله علي خامنئي مقراً للحرس الثوري، وجالَ في معرضه العسكري مدة ساعتين، وألقى كلمة هناك، قال فيها: «إن توقعات العدو بتحجيم البرنامج الصاروخي الإيراني, وهم يطلقون تهديدات عسكرية ضد إيران، هي توقعات حمقاء وبلهاء».

المرشد الذي كان يتحدث وبجانبه طائرة RQ170 بدون طيار الأميركية التي استنسختها إيران بالهندسة المعكوسة بعد أن تم إنزالها قبل عامين شرق إيران، قال: «أنصح دائماً المسئولين (الإيرانيين) ببذل كل ما في وسعهم في السياسة الخارجية والتعاملات الدولية، ولكن يجب أن لا نربط احتياجات البلاد وبعض القضايا مثل الحظر مع التفاوض».

وتأكيداً للطلب الغربي بضرورة إدراج موضوع الصواريخ الباليستية ضمن مسودة الاتفاق النهائي، قال عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني إسماعيل كوثري، أن الفريق الإيراني المفاوِض، أبلِغَ بأن لا تَطَرُّق لمسألة الصواريخ الإيرانية خلال المفاوضات بأي شكل من الأشكال». كما أن مساعد وزير الخارجية الإيراني للشئون الحقوقية والدولية عباس عراقجي قال أن طهران «لا تريد التوصل إلى اتفاق شامل قبل 21 يوليو بأي ثمن كان».

هذا الأمر يبدو أنه بات واضحاً عبر تجميع صوره وخلفياته. وهو باعتقادي سيكون محل خلاف بين الجانبين. فطهران، تريد من القوة العسكرية والطاقة النووية المتوفرة لديها، أن تتحوَّل من علوم مختبرية إلى صناعة. قبل أيام أعلن الناطق باسم وكالة الطاقة الذرية الإيرانية كمالوندي أنه وبعد أن نجحت طهران في إدخال التكنولوجيا النووية إلى المختبرات «دخلت المجال الصناعي وستتطوَّر بصورة واسعة في القطاع الخاص».

فالإيرانيون وحسب ما تسرَّب من أنباء ومن نثار الأخبار، يخطّطون إلى تحويل الصناعات العسكرية والنووية، إلى مشروع تجاري «مُجاز دولياً» عبر إدخاله أولاً في الدورة الاقتصادية الداخلية «الخاصة» عبر الشركات ثم الولوج إلى أسواق السلاح والعلوم النووية.

هذا الأمر بالتحديد، جاء على لسان الناطق باسم وكالة الطاقة الذرية الإيرانية الذي قال: «الطاقة النووية كأي صناعة تقوم الحكومة بدعمها في البداية، ومن ثم وبعد دخول المرحلة التجارية ينشط القطاع الخاص فيها شيئاً فشيئاً»، وهو ما يؤكّد ما ذهبنا إليه. وربما كان تصريح الأمين العام لمجمع تشخيص مصلحة النظام محسن رضائي قبل أيام مؤكداً لذلك أيضاً، عندما لمح إلى أن إيران يحق لها «نووياً» ما يحق للبرازيل والأرجنتين.

باعتقادي، أن هذا الموضوع هو من أهم بنود الخلاف، بعد أن انتهى الجانبان من تسوية منشأة أراك التي تعمل بالماء الثقيل. لكن ورغم هذه العقدة، يرى الغرب أنه «من الممكن التوصل لاتفاق بحلول العشرين من يوليو لكن على الإيرانيين اتخاذ قرارات صعبة».

أمام هذا الأمر، ترد أنباء عن أن دولاً أوروبية تسعى لتسويته. حيث دَخَلَ الرئيس النمساوي هانز فيشر على الخط، فاتحاً مساراً مع المرشد الأعلى الذي يملك وحده القرار في الشئون العسكرية الإستراتيجية العليا لإيران. وقد صرَّح فيشر علناً من فيينا خلال لقائه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن «دعم المرشد الأعلى للمفاوضات يبعث على الأمل».

في كل الأحوال، أمامنا وقت حتى الحادي والعشرين من يوليو تاريخ انتهاء المدة التي وُضِعت لصياغة الاتفاق الشامل. وأمامنا وقت آخر، إن تطلَّب الأمر بتمديد الفترة إلى ستة أشهر أخرى، لو لم تفلح جهود الطرفين والنمساويين وبقية الوسطاء. وكما جرت العادة، قد يلجأ الجانبان إلى فرض وقائع على الأرض أمام بعضهما للدفع نحو التسوية.

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 4272 - الأحد 18 مايو 2014م الموافق 19 رجب 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 5:33 ص

      المادة 110

      القرار لا يحكمه متشددون أو معتدلون هناك مرشد أعلى مفوض حسب المادة 110 من الدستور الإيراني وهناك مجلس أعلى للأمن القومي هو من يقرر في القضايا الكبيرة لايران

    • زائر 8 | 4:35 ص

      يحق لها

      لمح إلى أن إيران يحق لها «نووياً» ما يحق للبرازيل والأرجنتين و بين الصطور يحق لها أكثر مما يحق للغدة الخايسة

    • زائر 6 | 2:28 ص

      متابع . . . لماذا هذا ؟

      المتشددون يرحبون بفشل المفاوضات . . . صحيفة كيهان المحافظة تكتب : «لحسن الحظ، لم تثمر تلك المفاوضات» . . . وتقول أن الاتفاق يتضمن «الكثير من التنازلات مقابل القليل من المكاسب»، مشيرة إلى أن الرئيس الإيراني حسن روحاني «وقع في فخ» نصبه الغربيون . . . تتمة الخبر في الوسط نفس عدد اليوم . . . . . .
      هذا الاحتراب الذي يصل للفرح لمجرد فشل الفريق المفاوض في عمل يخدم الشعب الايراني أتراه طبيعيا ؟؟ أم هو ضياع البوصلة ؟
      نريد أن نعرف هذا الصراع بين روحاني والمتشددين ما قصته ؟ وإلى أين سيصل ؟

    • زائر 12 زائر 6 | 7:14 ص

      عادي

      كل انسان موجود عل وجه الارض له معارض له وهاي شي طبيعي وطبعا روحاني شيخ دين ولكن غير متشدد ويعكس انتخابه باغلبيه في الرئاسه

    • زائر 5 | 2:10 ص

      متابع . . . . سؤال مهم

      ماذا سيحدث إن فشلت المفاوضات ؟ ما تأثيره على داخل ايران وخارجها ؟

    • زائر 11 زائر 5 | 7:12 ص

      ول شي

      بترجعون ايران ضدهم وبيتمون يهددون بعض لكن ايران الاقوى كونهه متعوده عل الحرب الاقتصادين الحين ثلاثين سنه وبعد وصلت لأكبر مستويات لكن الغرب يعاني من تكنولوجيا ايران وتقدمها

    • زائر 4 | 1:22 ص

      ما الفائدة??

      مع تقديري للكاتب ما الفائدة من هذه المتابعة الحثيثة للشأن الايراني - الدولي دون ان نخرج منها بسيناريو محتمل لانعكاس نتاج هذه المفاوضات علينا ??

    • زائر 7 زائر 4 | 2:49 ص

      مشكلة بعض البحرينيين

      مشكلة بعض البحرينيين أنهم يعتقدون أن كل مشكلة في العالم لا يتم حلها إلا والبحرين حاضرة في تسوياتها!!! لا يا جماعة المسألة غير غير

    • زائر 10 زائر 4 | 7:11 ص

      الأوهام

      من كثر ما أوامر الناس ايران تسوي وإيران تفعل وإيران بتسوي صار شغلته الشغال ايران عنبر روج ايران جوف ول احد يعطي البحرين ويه عندهه آبار نفط اكبر من البحرين عندهه نووي تشغل عشرين دوله حجم البحرين عندهه ثروه حيوانيه اكبر من ثروات الخليج بكبرهه الحيوانيه عندهه مياه عذبه الخليج بكبره ماعنده فهل كل هاي وبتحتاج للبحرين ايران وإيران عورتو راسنه عندنه مشاكل غير ايران اهم واخطر

    • زائر 3 | 12:52 ص

      نعم لرفعة المسلمين وليس اذلالهم

      لا نريد ان تقول الغرب لنا ان المسلمين والاسلام والعرب دول ثالث ومتخلفين نحتاج لاعتمادتا على انفسنا من ابره الى السياره من انتاجنا وشكرا للكاتب

    • زائر 2 | 12:00 ص

      انصح الايرانيين ان لا يكثروا من العتاد الحربي مثل السوفييت كي لا يخسروا كثيرا

      الايرانيون بحاجة لقوة عسكرية لحماية وطنهم ولكن عليهم ان لا يبالغوا فيها كي لا يخسروا في الاقتصاد

    • زائر 1 | 11:56 م

      شكر

      الاستاذ القدير استاذ محمد احييك بتحية الاسلام وأعبر لك عن اعجابي بما يخطه قلمك الرفيع والراقي من تحليلات تدل على متابعتكم الدائمة للاحداث التي تمر بها منطقتنا واشكر الوسط على تميزها الدائم

اقرأ ايضاً