شعر أحد الأزواج أن سمع زوجته أصبح ضعيفاً حين لاحظ أنها لا تسمعه عندما يكلمها عن بعد، فقرّر أن يعرضها على الأطباء، ولكنه ذهب إلى أحد أصحابه ليستشيره فيما يفعل خوفاً على مشاعرها، فقال له: لكي تفهم الوضع أكثر قم بالابتعاد عنها مسافة أربعين خطوة عندما تعود إلى المنزل، وأسألها بنبرة صوت عادية فإن لم تجبك فاقترب منها أكثر وكلمها وهكذا.
وبالفعل عندما عاد الزوج إلى المنزل وجد زوجته في المطبخ، فابتعد عنها مسافة أربعين خطوة وقال لها بصوت عادي: ما هو الغداء يا حبيبتي، فلم يسمع منها أي رد، فتقدّم منها ثلاثين خطوة وأعاد سؤاله فلم تجب، ثم تقدم عشرين خطوة، ثم عشر خطوات وهكذا إلى أن تقدّم خمس خطوات وسألها نفس السؤال، فقالت له: للمرة الخامسة ياحبيبي أقول لك إنني أطبخ دجاجاً، وهو في الفرن، وأنت تعيد عليّ نفس السؤال!
وهنا كانت المفاجأة حين اكتشف الزوج أنه هو الذي لا يسمع وليست زوجته.
في كثيرٍ من الأحيان، وحين يوجد خللٌ ما، نظن أن هذا الخلل موجود في الطرف الآخر، خصوصاً حين نمعن في أحادية النظر وننسى أن لكل شيء وجهين، وهو الأمر الذي يزيد من حدة الخلافات بيننا وبين الآخرين، ويفاقم من طول المسافات التي تبعدنا عنهم، ويبني جدراناً تفصلنا عن مشاعرهم وتفكيرهم، فيشعرون كما نشعر: أن كل فردٍ يتحدّث من وادٍ بعيدٍ عن الآخر، فلا هو يسمع ما يُقال له، ولا هم يسمعون ما يقول.
أصابع كثيرٍ من الناس لا تشير إلى أنفسهم أبداً، واعتادت أن تشير إلى غيرهم في كل الأمور التي تنجب خلافات أو اختلافاً في وجهات النظر، أو تلك المواقف التي تولّد مشكلات صغيرةً كانت أو كبيرة. ولو أن كل فرد حاول أن يرى نفسه قبل غيره ويفتش عن الخلل بداخله قبل أن يبحث عنه بعين المخبر في غيره، لما اتّسعت الهوّات بين البشر. ولو أن كل شخص عرف أن الاختلاف بينه وبين الآخرين أمرٌ طبيعي، وأن ما يراه هو ليس بالضرورة ما يراه الآخرون، لما تسبب اختلاف وجهات النظر في خلافات ونزاعات تؤدي في كثير من الأحيان إلى كراهية وبغض واحتقار.
هذه الأمور البسيطة تؤثر في العلاقات على مستوى الأفراد تأثيراً سلبياً، كما تؤثر في العلاقات على مستوى الأحزاب السياسية والتيارات الدينية والاجتماعية والمذهبية وحتى على مستوى الدول أيضاً؛ فكثير مما يحدث اليوم في العالم - والعالم العربي بصفة خاصة - من شتم وتخوين وتكفير وطائفية وبغضاء، سببه التعنت لوجهة النظر الواحدة والتصديق التام بصحة رأي واحد دون غيره، وهو الأمر الذي ينفي المقولة المشهورة المنسوبة للإمام الشافعي: «رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب»، ولو أني ضد تقديم إمكانية خطأ ال آخر على إمكانية صواب رأيه.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 4272 - الأحد 18 مايو 2014م الموافق 19 رجب 1435هـ
لا كل ما يعلم يقال
انما يحدث اليوم ليس اختلافا في وجهات النظر ، لا يا اختي ، الكل يعرف الحقيقة بل حتى القطة تعرف الحلال من الحرام، وانما هي الدنيا والتكالب عليها والمصالح الذاتية ادت الى تصفية الطرف الآخر والتخلص منه ، ليس فقط للاختلاف معه، والحر تكفيه الاشارة
يا سلام
مقال جميل وذو معانى كبيرة ليتنا ننظر إلى انفسنا اولآ قبل غيرنا شكرآ لصحيفة الوسط وشكرآ للاستاذة سوسن صاحبة الزوق الرفيع
الاعتراف بالذنب
كثير من الناس يعتقد بأن الاعتراف بالذنب خطيئة وليس العكس أن الاعتراف بالذنب فضيلة والواقع ان جزأ من حل المشكلة هو الاعتراف بأن خطأ ما حصل أخيرا شكرا لك أستاذه على المقال الرائع .