بمناسبة الصلح بين السلطة الفلسطينية وحماس وتعليقاً على ما ورد في صحيفة «الوسط»، بتاريخ (28 أبريل/ نيسان العام 2014) في الصفحة الأخيرة في زاوية «قالوا»، كلام منسوب إلى الرئيس الفلسطينى محمود عباس، بأن «الحكومة المقبلة (حكومة التوافق الوطني المستقبلية) ستأتمر بسياستي، وأنا اعترف بدولة إسرائيل وأنبذ العنف والإرهاب، ومعترف بالشرعية الدولية وملتزم بالالتزامات الدولية والحكومة ستنفذها».
ماذا يخيف إسرائيل والولايات المتحدة من بعد هذا التصريح؟ فحركة «حماس» بهذا الكلام دخلت ضمن دائرة الداخلين في مفاوضات السلام مع إسرائيل والمطلوب الآن من أميركا الضغط على إسرائيل لتقديم تنازلات ترضي العرب، والتنازل الأساس الانسحاب من الأراضي التي احتلتها في حرب 67 على أساس أن تحصل مقابل ذلك على ضمانات دولية، واعتراف من الدول العربية بوجودها كدولة شرق أوسطية تعامل كالدول الأخرى في المنطقة.
وإذا حصلت إسرائيل على ضمانات سلامتها، وهي حاصلة على هذه الضمانات دائماً، من أكبر قوة في العالم وهي أمريكا، فممن تخاف؟ إلى جانب أن هذه الخطوة ستسقط كل الذرائع للدول الأخرى التي دخلت على الخط، ونصبت نفسها حامية للأراضي المقدسة في فلسطين، وبعد أن يتحقق ذلك ستقوم كل هذه الدول متعاونة متشاركة في الجهود العالمية لضرب الإرهاب الذي يمثل اليوم أكبر تهديد للعالم أجمع.
لقد تنازل العرب عن طلبهم في استرداد فلسطين بالكامل، والإدارة الأميركية قبلت بوجود دولتين، دولة إسرائيل ودولة فلسطين، تتعايشان بسلام جنباً إلى جنب ولا سبيل إلى تحقيق شيء من هذا إذا لم تضغط أميركا على إسرائيل لتقديم تنازلات، ولو كانت أميركا قد تداركت هذا الموضوع منذ البدء، لربما كان بالإمكان تفادي هجوم (11 سبتمبر/ أيلول 2001)، والحروب التي تلتها ونتائجها الكارثية التة نشهدها اليوم من أعمال إرهابية في غاية البشاعة وهي كلها خسارة للعالم أجمع.
القضية الفسطينية هي المحور الذي تفرعت منه كل هذه المشكلات، فمن المعروف أن جميع الثورات التي قامت في العالم العربي منذ الخمسينات كان قادتها يبررونها بمشكلة احتلال فلسطين، وأن الهدف الأساس منها تحرير فلسطين.
ولكن ما حدث هو العكس، فإسرائيل بدل أن تنكسر توسعت، وهذه الثورات تحولت إلى سلطات شمولية تستخدم المشكلة الفلسطينية كذريعة لتبرر فشلها في إحداث أي تقدم سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي أو علمي، فلا فلسطين حررت ولا العالم العربي التحق بركب التنمية الحقيقية التي تشهدها الكثير من دول العالم اليوم.
وقد نتج عن هذا الفشل أن أصبح التخلف مرتعاً خصباً لظهور الحركات المتطرفة التي صاغت لنفسها من الموروث مبادىء مسوغة للقتل والتدمير. وبالرجوع إلى أصل الموضوع، فليس من الصعب معرفة أن كل هذه المشكلات ستحل وتزول من نفسها إن وجد حل للمشكلة الفلسطينية وتسقط الأعذار والذرائع ويتعرى الإرهاب ويظهر على حقيقته التي هدفها تدمير المجتمعات والوقوف حجر عثرة أمام التقدم والحضارة.
أما إذا استمرت أميركا في دعمها غير المحدود لإسرائيل وساعدتها على الاحتفاظ بالأراضي التي احتلتها العام 67، وإذا استمر العالم العربي في التغاضي عن الضغط على أميركا في هذا المجال، فإن السياسة الحالية تشكل الحرث والسماد والماء والبذر للأراضي التي تنبت الإرهاب أضعافاً مضاعفة تكون نتيجتها ضعفاً لمسيرة الديمقراطية والحداثة مقابل التشدد والظلامية.
عبدالعزيزعلي حسين
بعد أن بحثت عن الأصول والجذور التاريخية للرأسمالية في مجتمعنا العربي أنطلق بآلة الزمن لأبحث في زمان ومكان ليسا بعيدين عني والزمن هو عشرينات القرن الماضي والمكان هو البحرين، المجتمع في البحرين عربي مسلم محافظ، وبطبيعة الحال هذا المجتمع غير منفصل عن واقع المجتمع العربي المليء بتراكماته التاريخية وخصوصاً من الزاوية الاقتصادية لذلك ليس مستغرباً أن يكون النظام الاقتصادي في البحرين مشابهاً لباقي الدول العربية المحيطة به، يذكر العالم الانثروبولوجي فؤاد اسحق الخوري الذي درس المجتمع في البحرين لعقد كامل أنه مع بداية نشوء البيروقراطية في البحرين وهي فترة العشرينات تراجعت تجارة اللؤلؤ بسبب منافسة اللؤلؤ الصناعي الياباني للؤلؤ الطبيعي الذي يستخرج من المغاصات ما أدى إلى تدهور الاقتصاد على رغم وجود النفط آنذاك، ولكن البحرين لم تستطع استخراج النفط وتصديره بسبب كونها دولة مستعمرة، ولا تملك سيادتها وقد تذرع البريطانيون بمنعهم من استخراج النفط بحجة أن الاقتصاد العالمي لا يحتاجه حالياً، ولكن في الثلاثينات تم تأسيس شركة نفط البحرين (بابكو) وهي التي تولت استخراج النفط وتصديره وبالتالي كان ذلك إنقاذاً للاقتصاد في البحرين، وقبل استخراج النفط كان الاقتصاد قائماً على تجارة اللؤلؤ كما ذكرت والزراعة وصيد السمك وبعض الحرف البسيطة كصناعة الفخار والسفن إلا أن هذه المهن أخذت تتراجع شيئاً بعد شيء بسبب عزوف الأفراد عن العمل في هذه المهن وتوجه الغالبية للعمل في الصناعة كمصنع تكرير النفط ووصلت ذروة العزوف تلك في نهاية الستينات وبداية السبعينات عندما استقلت البحرين وأنشأت أول مصنع للألمنيوم في الخليج «ألبا»، إضافة إلى مشروع إصلاح السفن «الحوض الجاف»، فتلك الفترة الممتدة من الثلاثينات إلى بداية السبعينات كانت الفترة الزاهرة لحركة العمال كون غالبيتها من العمالة المحلية التي تشترك في التطلعات والأهداف إلا أن زيادة الطلب على العمالة وخصوصاً في مجال البناء فرض استقدام العمالة الأجنبية بصورة كبيرة بسبب التوسع العمراني وهذا الاستقدام تسبب بعبء ثقيل للدولة الحديثة، أضف إلى ذلك أن الحكومة شجعت الاستثمار الأجنبي فتهافتت رؤوس الأموال الأجنبية على البحرين لإنشاء البنوك والفنادق والشركات والتي قامت بتشغيل العمالة الأجنبية مستغلة رخص أجورها، وأضف إلى ذلك سياسات التمييز تجاه السكان الأصليين من قبل الحكومة وعدم إشراكهم في السلطة وحرمانهم من الخدمات الأساسية وتهميش مناطقهم كل ذلك ساهم في غياب العدالة وتفشي الظلم، وبزيادة عدد العمالة الأجنبية التي شكلت ضعف عدد العمالة الوطنية آنذاك ساهم ذلك بإفشال أنشطة الحراك العمالي من اضطرابات واحتجاجات ما جعل الظروف المزرية لعمال البحرين تتضاعف فإذا كانت العمالة الأجنبية في السابق ضعف العمالة الوطنية فالأخيرة الآن لا تتجاوز العشرة في المئة!
حديثي عن العمالة الأجنبية والوطنية ليس من باب العنصرية أو الكراهية إنما نقد لسوء تخطيط السياسات الاقتصادية في الدولة، فالأجدر بالاتهام بالعنصرية هي الدولة لتحايلها على الاتفاقيات الدولية التي تبرمها والتي تتضمن بنوداً بعدم التمييز بين العمالة الوطنية والأجنبية في الأجر، والتفافها على ذلك بعدم تحديدها حداً أدنى للأجور في التشريعات الوطنية.
في عيد العمال نطمح إلى إلغاء الطبقية من مجتمعاتنا بتحقيق المساواة التامة بين الأفراد وأن يشترك الجميع في ملكية وسائل العمل والإنتاج لتتحقق العدالة المادية.
علي جاسم
فضا الإحساس ماخذني لحالة قلت أداريها
وعزومي تفشل وصمتي قبل ما أنطقه قايل
بإني أكثر إنسانة مع الإحساس ماضيها
وحاضرها وباچرها وكل لحظة إذا تسايل
تعال وانتزع روحي وشوف اللي مأذيها
تعال وحرك أضلاعي تشوف القلب متآكل
وش أشرح حالتي تصعب علي لاجيت أطريها
وشعوري ينغبن مني وأحس بغصة وأتجاهل
تجاهل يذبح الميت وصوت الآه يعليها
وأنا مثل الطفل لامن مدحته جاك يتخايل
عساني أفهق عيوني وأدلك وش هو باليها
وعسى تتشقق ضلوعي وتشوف القلب وش شايل
أنا طفلة ومحرومة كبرت وقلت أعديها
لقيت العمر يركني على ضفة ألم قاتل
على صفحات إحساسي جراحي قلت أوديها
وعلى كلمات موجوعة وقفت بطولي أتحايل
لمحت إظلالي مكسورة يروحي بس سنديها
شَمت فيني شموخي لين قلبي منه إتنازل
وضيف المشرحة ماضي يشاهد قصتي فيها
وحاضر منحني راسه على جثة عمر راحل
خذلت النفس والإحساس وروحي واللي يحويها
خذلت القلب وماباقي سوى مشهد حزن كامل
يتابعه الألم فيني بنهاية كان يرجيها
ويصفق له على إبداعه وضعفي بروعته اتمايل
بنت المرخي
إِنَّ الحديث بشأن الشخصيَّات العظيمة ذات الحضور والتأثير في مجريات الحياة والتاريخ يعتبر مهمة شاقة وصعبة، ذلك أَنَّ الكلمات تقصُر عن إنصاف هذه الشخصيَّات وإيفائها حقها، ومن بين هؤلاء العظماء عقيلة الطالبيين السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب أمير المؤمنين (ع) وما حفلت به سيرتها العطرة وقامت به من أدوارٍ بطولية وتضحوية في سبيل المبادئ والقيم التي آمنت واعتقدت بها.
البطاقة التعريفية
ولدت السيدة زينب في بيت النبوة والرسالة في الخامس من جمادى الأولى في السنة الخامسة الهجرية، تنتسب من جهة الأب إلى الإمام علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب شيبة الحمد سيد بني هاشم وجدتها السيدة الجليلة فاطمة بنت أسد، ومن جهة الأم فهي بنت سيدة نساء العالمين فاطمة وجدها رسول الله (ص) وجدتها أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد.
ورد أنها تكنَّى بأُم كلثوم، وأُم الحسن، وتلقب بعدة ألقاب أبرزها: الصدّيقة الصغرى، زينب الكبرى، عقيلة الطالبيين، عابدة آل علي، وغيرها من ما ذكره أرباب السير والتراجم. تزوجها ابن عمها عبدالله بن جعفر – الطيار - بن أبي طالب، وأنجبت منه علي وعون ومحمّد، وقد قتلوا مع خالهم الإمام الحسين (ع)في واقعة كربلاء.
زينب في كلمات التراجم
كثيرة هي الكلمات التي تكشف لنا عن عظمة هذه الشخصية وجلالة قدرها وسمو منزلتها، وهذا لأنها مستحقة لهذه الكلمات، وبالغة لهذه المقامات والتي هي من أهلها، فروي عن الإمام علي بن الحسين السجاد أنه خاطبها قائلاً: «وأنت بحمد الله عالمة غير معلّمة، وفَهِمَةٌ غير مُفهّمَه»، وهذا ما نلحظه في ما قاله ابن الأثير في أسد الغابة: «كانت زينب امرأة عاقلة لبيبة جزلة»، وما قاله السيّد محسن الأمين في أعيان الشيعة: «كانت زينب (ع) من فضليات النساء، وفضلها أشهر من أن يُذكر، وأبين من أن يسطر، وتُعلم جلالة شأنها وعلو مكانها وقوّة حجّتها ورجاحة عقلها وثبات جنانها وفصاحة لسانها وبلاغة مقالها حتّى كأنّها تفرع عن لسان أبيها أمير المؤمنين (ع) من خطبها بالكوفة والشام، واحتجاجها على يزيد وابن زياد».
وعن غير واحد من المحدثين قال إنها كانت تروي عن أبويها والحسنين وغيرهم، كما روى عنها ابن عباس وعلي بن الحسين (ع) وغيرهما. وفي هذا الصدد يروي أبوالفرج الأصفهاني في مقالته: «زينب العقيلة بنت علي بن أبي طالب (ع) وأمها فاطمة بنت رسول الله (ص)، والعقيلة هي التي روى ابن عباس عنها كلام فاطمة (ع) في فدك فقال: حدثتني عقيلتنا زينب بنت علي (ع)». وكذلك روى الشيخ الصدوق طاب ثراه: «كانت زينب (ع) لها نيابة خاصة عن الحسين (ع) وكان الناس يرجعون إليها في الحلال والحرام حتى برئ زين العابدين (ع) من مرضه. وكانت لها مجالس تفسير للقرآن الكريم منذ حياة والدها». فَسَلاَمُ عَلَيهَا يَوْمَ وُلِدَتْ وَيوْمَ تُوُفِّيِتْ وَيوْمَ تُبْعَثُ بَينَ يَدْيِّ اللهِ تَعَالَى. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
أحمد عبدالله
العدد 4270 - الجمعة 16 مايو 2014م الموافق 17 رجب 1435هـ