قال إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي، الشيخ عدنان القطان، إن الأطفال «أمانة» يتحمل الجميع مسئولية رعايتهم، وحسن تربيتهم؛ ليكونوا خير خلف لخير سلف، مؤكداً أن لهم الكثير من الحقوق التي يجب إعطاءهم إيّاها، إلى أن يصلوا سن الرشد.
وخلال خطبته أمس الجمعة (16 مايو/ أيار 2014)، والتي عنوانها بـ «حقوق الطفل في الإسلام»، أشار القطان إلى أن الإسلام اعتنى بالطفل من قبل وجوده؛ فهيّأ له أسرة طيبة، تتكون من والد تقي، ووالدة صالحة...، كل ذلك من أجل تنشئة الطفل بين أبوين كريمين يهتديان بشرع الله، ويرسمان الطريق السوية لحياة الأبناء؛ فأول حق للطفل، أن يوفق الله أبويه لحسن اختيار أحدهما للآخر.
وبيّن أن الإسلام حث على حفظ حق الطفل من الشيطان قبل أن يولد، ففي المعاشرة الزوجية، لم ينسَ النبي صلى الله عليه وسلم حق الطفل فقال: (لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَه فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبْ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا، فَإِنَّهُ إِنْ يُقَدَّرْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فِي ذَلِكَ، لَمْ يَضُرُّهُ شَيْطَانٌ أَبَداً).
فإذا تكوّن الطفل في الرحم أعد الله له فائق الرعاية والعناية، وحرّم الاعتداء عليه. وأجاز لأمه أن تفطر في رمضان؛ رحمة ورأفة بها، وتمكيناً له من أحسن ظروف النمو وتمام الخلق، فإذا حل الطفل بأرض الحياة، جعله الله بهجة وزينة في قلوب من حوله، وأحسن استقباله.
وذكر أن للطفل الحق في التمتع بنسبه الصحيح، وليس لأحد حرمانه من ذلك لمجرد شبهة عرضت إليه، مشيراً إلى أن مواثيق حقوق الطفل الدولية لم تشِر إلى حق الطفل في أن يكون نتيجة علاقة طبيعية بين رجل وامرأة، وهذه العلاقة الشرعية هي الزواج التي تكفل للطفل حياة كريمة، وتلزم والديّ هذا الطفل برعايته والعناية به والإنفاق عليه. وكان من نتاج إهمال هذا الجانب المهم أن أهدرت حقوق ملايين الأطفال اللقطاء في العالم، لأن هذه المواثيق لم تجعل للأسرة المحضن والراعي الأساس للطفل أي مكانة أو قيمة.
وأوضح أن من حق الطفل في الإسلام: أن يرضع من حليب أمه؛ وقد ثبتت قيمة هذه الرضاعة وأثرها على الطفل صحياً ونفسياً، وبذلك استحقت الأم، أولوية حسن المصاحبة.
وقال: «إن من حقوق الطفل تسميته باسم حسن. ومن أهم حقوق الطفل في إسلامنا العظيم، حقه في التربية... وأساس التربية، أن نرعى فيه من أيامه الأولى بذرةَ لا إله إلا الله، محمد رسول الله (ص)، التي جعلها الله - تبارك وتعالى - في فطرة كل مولود؛ فكل مولود يأتي إلى دنيا الناس مسلماً موحداً، يأتي محباً لله ولرسوله، وعلى الأبوين رعاية تلك الفطرة.
ولفت إلى أن انسجام الأبوين داخل الأسرة، وتعاملهما بما أمر الله ورسوله في كل شأن من شئون الحياة، هي الطريق التي يسلكها الطفل خلف أبويه، وهذا حقه على والديه؛ فمن حقه أن يجد المودة والرحمة، قائمتين في البيت، ومن حقه أيضاً أن يجد توجيهه نحو الخير والصلاح».
واستطرد القطان في بيان حقوق الطفل، مبيناً أن من حقه أن يرى حمايته من كل شر وافد، وأن يكون في حصن الخلق الرفيع؛ لأننا نعيش في زمن كثرت فيه وسائل الاتصال المختلفة، والمفسدة في كثير منها للأخلاق، الواردة علينا من كل حدب وصوب؛ فماذا نفعل لنحمي أبناءنا من هولها؟
وأشار إلى أن الملاذ هو التمسك بهذا الدين الحنيف، هو إشباع الأبناء من الغذاء الروحي، هو أن نحصنهم بدقة تعاملنا بشرع الله أمامهم، بأن يعيشوا الألفة والمحبة الأسرية؛ حتى نقيهم الشرور المحيطة، وهذا حقهم علينا.
وأضاف «من حقهم علينا أيضاً: أن ندعو لهم، أن نبتهل إلى الله في كل حين، أن يهديهم سبيله القويم، وأن يجمعنا وإياهم على البر والتقوى.
وتابع «من حقوق الطفل في الإسلام، حقه في الرحمة والحنان والحياة الكريمة، فإن الحياة الكريمة، هي التي يتمتع فيها الطفل بجميع حقوقه من العطف والرحمة والرعاية بأشكالها كافة.
وشدد على أن من حقوق الطفل في الإسلام حقه في عدم التمييز بينه وبين إخوانه من الأطفال، فقد كفل النبي (ص) حقوق الأطفال ذكوراً كانوا أم إناثاً، وحرم جميع أشكال التمييز بين الأطفال، وأبطل عادة كراهية الإناث وتفضيل الذكور عليهن، ونهى (ص) عن إيثار بعض الأبناء بالعطايا على حساب آخرين، لأن هذا يؤدي إلى الكراهية والعقوق والتحاسد والتباغض بين الأبناء.
وأوضح القطان أن من حقوق الطفل في الإسلام، حقه في اللعب واللهو البريء، فقد أتاح النبي (ص) للأطفال فرصة للعب والمرح؛ لأن سن الطفولة تتطلب هذا النوع من الممارسة، فكان الحسن والحسين يجلسان على ظهره (ص) وهو ساجد فيطيل السجود حتى يأخذا حظهما من المتعة واللعب.
وأردف قائلاً: «من حقوق الطفل في الإسلام حقه في رفع الظلم والعنف عنه، جميل أن تتكاتف جهود المنظمات الدولية، لإعطاء الأطفال حقوقهم، ورفع الظلم والعنف عنهم.
وتطرق القطان إلى حق النفقة، وحق الميراث، «فمن محاسن التأصيل النبوي لحقوق الطفل أنه أثبت له الميراث بمجرد اكتمال ولادته، وانفصاله عن أمه حياً. ولذلك لو مات المورث عن حمل يرثه، أخر توزيع التركة لحين ولادته، فإن طالب بقية الورثة القسمة لم يعطوا كل المال، ووقف للحمل جزء من المال بحسب درجة قرابته من الميت كل ذلك شكل حفظاً لحقوق هذا الطفل وهو لايزال جنيناً في بطن أمه.
العدد 4270 - الجمعة 16 مايو 2014م الموافق 17 رجب 1435هـ