تواصل وزارة الأشغال استراتيجيها المتعلقة بتنمية المياه البديلة وغير التقليدية كمصدر لتنمية الموارد المائية، والتي تعد أحد التحديات الحيوية والأمنية في ظل الأزمة المائية في العالم أجمع، لقدرتها على إحداث تأثير سلبي بارز على إمتداد الكثير من القطاعات، كما ينظر إلى تنمية المياه البديلة غير التقليدية على أنها أحد الأخطار البيئية التي صنفها المنتدى الاقتصادي العالمي في تقريره للعشر سنوات المقبلة والتي أشار إليها على انها يحتمل أن تتسبب في حدوث صدمة منهجية على الصعيد العالمي حسبما تم استعراضه في المنتدى الاقتصادي العالمي الأخير.
وتنظر مملكة البحرين إلى قضية المياه بوصفها واحدة من القضايا المتعلقة بأمنها القومي،ويندرج اهتمامها بقضية المياه الجوفية ضمن اهتمامات باقي دول مجلس التعاون الخليجي في هذا الشأن والذي تم الاعلان عنه في ختام أعمال القمة الخليجية الحادية والثلاثين التي انعقدت في ديسمبر 2010.
وقد جسدت حكومة مملكة البحرين هذا الاهتمام بترشيد استهلاك المياه الجوفية في القطاع الزراعي والزراعة التجميلية، فمنذ عام 1988 وهي تتخذ الخطوة تلو الأخرى في استدامة المياه الجوفية كمصدر أمني وقومي للأجيال القادمة.
ومن ضمن المبادرات الموضوعة لمواجهة التحديات المقبلة والمتعددة توفير مصدر مائي غير تقيلدي بديل للري وغيرها من الوسائل التي تساهم في الحفاظ على خفض استهلاك المياه الجوفية في الري.وبالرغم من العلاقة غير المباشرة، إلا انه لوحظ أن معدلات استهلاك المياه الجوفية المستخدمة في الري سجلت إنخفاضا ملحوظا، حين باشرت وزارة الأشغال في عام 2004 في توصيل المياه المعالجة ثلاثيا للحقول المرتكزة في دمستان ومقابة وغيرها والواقعة في المنطقة الغربية من البلاد،رغم أن هناك حيزاً إلى إضافة عوامل أخرى قدتساهم في خفض استهلاك المياه الجوفية في الري. وعليه يمكن اعتبار ان متوسط استهلاك المياه المعالجة في الري قد بلغ حوالي 21% مما يعني أن هناك قدرا مساويا من المياه الجوفية المستغلة في الزراعة تم الحفاظ عليها،وبهذا يكون مشروع إعادة استخدام المياه المعالجة في الري قد حقق أحد أهدافه الموضوعة عام 1997.
وبالرغم منأن المياه المعالجة تعد عنصرا غير مباشراً يساهم في الإنتاج الزراعي،فإن استخدام المياه المعالجة حقق ما نسبته 0.054% (أي حوالي 5 مليون دينار) من ناتج دخل القطاع الزراعي في عام 2011، على إفتراض أن كمية المياه المستخدمة في زراعة الخضروات تساوي كمية الخضروات والفاكهة والتمور المنتجة، أي أن هذا الرقم يعد دقيقا فقط في حالة استبعاد العناصر الأخرى المؤثرة كالجو وسوء الاستخدام وغيرها من العناصر.
الجدير بالذكر أن وزارة الأشغال تعتبر إعادة استخدام المياه المعالجة ثلاثيا من المشاريع البيئية الاجتماعية (بيئي – مجتمعي) حيث ان هناك قبول مجتمعي لهذا المصدر المائي غير التقليدي والبديل لاستخدامه في الري بدليل زيادة الطلب على المياه المعالجة في القطاع الزراعي والزراعة التجميلية رغم إنحسار رقعة الأراضي الزراعية بنسبة 12%من العام 2000 حيث بلغت نسبة استهلاكه 8.2% من كمية المياه المستخدمة في الري لتصل إلى 42% في العام 2012، إلى جانب انه ساهم في خلق فرص عمل لإدارته وصيانته وبناء خبرة محلية في هذا المجال، وهو كذلك يساهم في خلق فرص عمل للبالغين ممن هم في سن التقاعد.
وعلى ضوء المعطيات أعلاه، فأن وزارة الأشغال تختط بعداً استراتيجيا بيئيا للمحافظة على المياه الجوفية من خلال إنتاج المياه المعالجة ثلاثياً وتعكف حاليا على زيادة إنتاج محطة توبلي من المياه المعالجة ثلاثيا رغم التدفقات العالية التي تصل إليها نتيجة الزيادة السكانية، كذلك دراسة إعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة ثلاثيا الناتجة من محطة المعالجة شمالي المحرق (حوالي 60 ألف متر مكعب في اليوم) ومحطة المعالجة في سترة (16 الف متر مكعب في اليوم) ومحطة المعالجة جنوبي ألبا (حوالي 2.500 متر مكعب في اليوم) والمعامير الصناعية (حوالي 2.200 متر مكعب في اليوم)، والتي تعد جميعها رفداً آخراً لتقليص استهلاك المياه الجوفية والمحافظة على حصة الأجيال القادمة.