العدد 4269 - الخميس 15 مايو 2014م الموافق 16 رجب 1435هـ

السعي وراء الأطعمة البحرية المميزة اليابانية

تبرز شبه جزيرة شيموكيتا التابعة لمحافظة آوموري في أقصى شمال هونشو اليابانية، وتتخذ شكلاً يشبه الفأس. وأوما، التي تقع في طرف شبه الجزيرة وتبعد 17 كيلومتراً فقط عن هاكوداتي، هوكايدو حيث يفصل بينهما مضيق تسوغارا، هي بلدة تشتهر بمهنة اصطياد سمك التونة المزدهرة. تعبر الأسماك التي تسبح نحو الشمال عبر تيار اليابان عبر المحيط الهادئ وعبر تيار تسوشيما الدافئ في بحر اليابان في ممرات حول مياه أوما الساحلية، مشكلة بذلك هذه المواضع الغنية لاصطياد الأسماك.

ويقال إن اصطياد التونة في أوما قد بدأ ما بين أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، حتى أنها ازدادت ازدهاراً في بداية الخمسينات من القرن الماضي وذلك عائد إلى ازدياد حجم السفن وتطور معدات الصيد. وقد ارتبطت أسماك التونة بالبلدة حيث إننا لا نبالغ إذا قلنا إن أسماك التونة تقفز إلى الأذهان حالما نذكر أوما. يقال أيضاً إن أسماك التونة الدهنية من أوما هي الأطيب مذاقاً في اليابان، وقد عرفت على أنها المنتج الأعلى جودة. كما ورد أن سعر السمك الكبير قد بلغ عشرات الملايين من الين الياباني.

كما يذكر كوهاما تيتسوو أحد أعضاء جمعية الصيادين التعاونية في أوما، «يتم شحن أسماك التونة التي يتم صيدها في أوما إلى سوق تسوكيجي في طوكيو، والذي يعد منطقة استهلاكية كبيرة، ولكن هناك أيضاً المحلات والفنادق الموجودة في البلدة التي تقدم أسماك التونة لأفراد بلدة أوما». في نهاية المطاف، تعد الأسماك التي يتم صيدها محلياً أشهى مذاقاً عند تناولها محلياً. تتميز أسماك التونة بمذاق استثنائي عندما يعانقنا كل من المحيط المهيب والسماء الصافية.

ويتم اصطياد الحبار والأخطبوط وغيرها من الأسماك في أوما، إلا أن العديد من الصيادين الذين يتتبعون أسماك التونة الكبيرة، يعتمدون في كسب رزقهم على اصطياد تلك السمكة الكبيرة. يصل موسم اصطياد أسماك التونة أوجه في الفترة الممتدة من سبتمبر/ أيلول إلى ديسمبر/ كانون الأول كمعدل وسطي في السنة. يخوض الصيادون غمار البحر ليطاردوا أحلامهم الكبيرة في مهب الريح الجليدية والعاصفة.

جولة ممتعة

في أنحاء شيموكيتا المنعزلة

تنفرد شبه جزيرة شيموكيتا بمعالم طبيعية معقدة، والتجول في أراضيها هو أمر ممتع للغاية. توجهنا إلى هوتوكيغاورا على متن سفينة سياحية في مرفأ ساي، الذي يقع على الساحل الغربي. بعد أن اعتلينا السفينة لمدة تقارب الثلاثين دقيقة، وقعت أنظارنا على جروف ذات أشكال غريبة موجودة على الساحل. تمتد سلسلة من الحجارة والصخور ذات أشكال رائعة وأسماء مثل هيتوتسوبوتوكي (بوذا واحد) ونيوراي نو كوبي (عنق بوذا) وغوهياكو راكان (500 عابد بوذي ذو مرتبة عليا) لما يقارب الكيلومترين وهي بعبارة مختصرة، مدهشة.

يوضح شيمانوكيجي وهو عامل في سفينة سياحية «عملت الأمواج العاتية والعواصف الثلجية عبر الحقب الزمنية المتعاقبة على نحت الحجارة البركانية التي نتجت عن الثورانات البركانية الهائلة التي حدثت تحت سطح البحر عند انفصال أرخبيل الجزر اليابانية عن القارة منذ ما يقارب عشرين مليون عام مضى، مشكلة بذلك بحر اليابان، وقد تحول هذا الفتات إلى هذه الأنواع من الأشكال الغريبة».

ويضيف «من الواضح أن تسميتها هوتوكيغاورا (خليج بوذا) جاءت من الاعتقاد الذي كان سائداً بأن منظرها ليس جزءاً من هذا العالم». يسهل تفتيت هذه الصخور لأنها كانت في بادئ الأمر حجارة بركانية وقد تآكلت لتصبح في النهاية هذه الأشكال المعقدة. يمكن تشبيه هذا المنظر الغامض بإزميل الطبيعة الذي علم عمله في نحتها بهذه الطريقة.

في شيرييازاكي تقف شامخة أول منارة بنيت في توهوكو وفق الطراز الغربي في العام 1876 فهي تقع في الشمال الشرقي من شبه الجزيرة. امضِ قدماً على طول الساحل وستجد أن طرف هذه القطعة من أرض الجزيرة الذي يظهر أخيراً للعيان هو البقعة الأروع لترى بأم عينك المنظر البديع، حيث يعانق البحر الجزيرة من ثلاثة جهات. يعدو ما يقارب الأربعين حصاناً من سلالة يطلق عليها اسم كانداشيمى بحرية في هذا المكان. تنحدر هذه الخيول أصلاً من سلالة النانبو التي ترعرعت في منطقة نانبو الواقعة في المنطقة الشرقية من محافظة آموري، والتي بدورها نشأت على يد قوم البريتون الفرنسيين. لطالما كانت كانداتشيمى تعرف على أنها خيول مزارع، ورؤية هذه الخيول وهي تقف بثبات في وجه عاصفة ثلجية توقظ في النفس معاني البطولة، عدا عن الجمال الحقيقي لعيونها الدائرية.

لقد تناقلت الأجيال منذ قديم الأزمان في منطقة نانبو أسلوب حياكة الأقمشة المعروف باسم نانبو ساكيوري والذي يتضمن عملية إعادة التصنيع، حيث يتم تمزيق الملابس القديمة إلى قطع منفصلة وتحويلها إلى خيوط تعاد حياكتها لتصبح ملابس مختلفة. تم ابتكار هذه الطريقة حتى تتم الاستفادة من الملابس الثمينة التي يمكن استخدامها لمدة طويلة من الزمن في المناطق الباردة التي لا ينمو القطن فيها. تم وضع الأنوال التي جمعت من البيوت القديمة في صف في مشغل نانبو ساكيوري نو ساتو، حيث تنعقد صفوف نانبو ساكيوري لتعليم الطريقة المتبعة في تحويل الملابس القديمة إلى ملابس جديدة. تتجسد الحكمة والبراعة التي يتسم بها سكان هذه المنطقة في أسلوب حياكة الملابس هذا.

العدد 4269 - الخميس 15 مايو 2014م الموافق 16 رجب 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً