اتهمت بكين الخميس (15 مايو / أيار 2014) الحكومة الفيتنامية "بالتواطؤ" مع مشاركين في التظاهرات المعادية لها التي شهدتها فيتنام في الايام الماضية واسفرت عن مقتل صيني ومئات الجرحى وسط مخاوف من تصاعد هذه التحركات المناهضة للصين.
واندلعت اعمال العنف هذه الثلثاء في جنوب فيتنام احتجاجا على اقامة الصين لمنصة نفطية في مياه تتنازع السيادة عليها مع هانوي.
واعلنت الحكومة التي تواجه تظاهرات لا سابق لها منذ عقود ان اعمال العنف امتدت الى 22 من اقاليم فيتنام ال66.
ووعدت هانوي التي يحكمها نظام الحزب الوحد لا يسمح باي احتجاج عادة باتخاذ "اجراءات قاسية" لاستعادة السيطرة على الوضع قبل ان تثير هذه الحوادث خوف المستثمرين.
وقال وزير التخطيط والاستثمارات بوي كوانغ فين "طلبت من رئيس الوزراء اتخاذ اجراءات قاسية"، مشيرا الى ان اعمال العنف طالت 400 شركة.
لكن في بكين، قالت الناطقة باسم الخارجية الصينية هوا شونيينغ ان موجة العنف هذه الموجهة ضد مصانع ومكاتب شركات صينية "مرتبطة بتساهل الحكومة الفيتنامية وتواطؤها مع جزء من القوى المحلية المعادية للصين ومثيري شغب".
وقال خبراء ان الحكومة الفيتنامية تسمح ببعض التظاهرات للتعبير عن استيائها الشديد من بكين. لكنهم رأوا ان هذه الاحتجاجات قد تكون خرجت عن سيطرتها.
ووقعت الاضطرابات الاخيرة في وسط فيتنام في اقليم ها تين على بعد نحو 500 كلم عن هانوي.
وبعد اعمال نهب في مناطق صناعية في الجنوب، استهدفت الاعمال الانتقامية الشعبية ليل الاربعاء الخميس مصنعا للفولاذ تابعا للمجموعة التايوانية فورموزا.
وقال المسؤول المحلي كوك كان لوكالة فرانس برس ان "عاملا صينيا قتل"، موضحا ان ثلاثة مباني مخصصة لسكن العمال الصينيين احرقت في موقع فورموزا.
وافادت حصيلة رسمية ان 149 شخصا جرحوا واعتقل 76 آخرون.
وقال الدبلوماسي التايواني في هانوي هوانغ شيه بينغ لفرانس برس ان "مثيري الشغب رحلوا لكننا نحشى ان يعودوا".
وكان متظاهرون معادون للصين احرقوا الثلاثاء اكثر من عشرة مصانع في المنطقة الصناعية في مدينة هوشي مينه سايغون السابقة، العاصمة الاقتصادية للبلاد والواقعة في الجنوب. وعبرت الصين حينذاك عن "قلقها العميق" من هذه الحوادث.
وقالت السلطات ان شرطة مكافحة الشغب نشرت في المدينة وعاد الهدوء اليها.
وشارك آلاف الفيتناميين الذين يعملون في هذه المناطق الصناعية الممولة برؤوس اموال اجنبية وتشكل عنصرا اساسيا في الاقتصاد الفيتنامي. وقدرت السلطات عدد هؤلاء المشاركين بعشرين الفا بينما قالت الشرطة الاربعاء انها اعتقلت 500 منهم.
وادت اعمال العنف الى اغلاق موقت لعدد كبير من المصانع التي يزود بعضها شركات اميركية كبرى بينها نايكي واديداس.
وذكرت الشرطة الكمبودية لوكالة فرانس برس ان مئات الصينيين المقيمين في فيتنام لجأوا الى كمبوديا المجاورة.
وقال الناطق باسم الشرطة الكمبودية كيرت شانتارث ان "اكثر من 600 صيني فروا من فيتنام الى كمبوديا امس عبر مركز بافيه الحدودي".
وحذرت الصين الخميس رعاياها من السفر الى فيتنام بقصد السياحة بينما اتهمت الصحف الرسمية الصادرة في بكين الخميس هانوي بعدم التدخل لوقف اعمال العنف.
ورأت صحيفة "غلوبال تايمز" ان اندلاع اعمال العنف في فيتنام وخصوصا الحرائق والنهب في المصانع والشركات التي يديرها او يملكها صينيون هو "نتيجة سنوات من الدعاية المعادية للصين من جانب هانوي".
وتواجه الصين وفيتنام خلافات منذ فترة طويلة حول ارخبيلي باراسيلز وسبراتليز اللذين يسود الاعتقاد ان اعماقهما غنية بالنفط وتشكل خطوطا بحرية دولية مهمة.
وازداد التوتر بين البلدين منذ اعلان بكين في مطلع ايار/مايو اقامة منصة للتنقيب عن النفط في بحر الصين الجنوبي، في خطوة وصفتها الولايات المتحدة "بالاستفزازية".
واعتبرت فيتنام هذا القرار "غير شرعي" وطالبت بسحب المنصة. وارسلت هانوي سفنا الى المنطقة ايضا. وقال هانوي ان سفنا صينية هاجمت بعضا منها لكن وزارة الخارجية الصينية قالت هذا "غير صحيح".
وكانت فيتنام شهدت تظاهرات معادية لفيتنام في 2007 لكن ليس بهذا الحجم.
وللصين وفيتنام تاريخ طويل من النزاعات التي تغذي الاحقاد القومية في المواجهات الحالية.
وعلى رأس هذه القضايا الجزيرتان الشهريتان في بحر الصين الجنوبي. ففي 1974 بينما كانت الولايات المتحدة تنسحب من فيتنام، سيطرت الصين على جزر بارسيلز (تشيشا بالصينية) التي كانت تحتلها فيتنام الجنوبية.
وفي 1979 تواجه البلدان في رب صينية فيتنامية قصيرة لكن دموية بعد غزو لاقاليم في شمال فيتنام. وبلغت حصيلة القتلى عشرات الآلاف من الاشخاص.
وفي 1988، جرت معركة اخرى للسيطرة على جزر سبراتليز (نانشا بالصينية) اسفرت عن سقوط سبعين قتيلا في الجانب الفيتنامي.
لكن هذا لم يمنع البلدان من تطبيع العلاقات بينهما في 1991 وتعزيز العلاقات الاقتصادية بينهما.