العدد 4268 - الأربعاء 14 مايو 2014م الموافق 15 رجب 1435هـ

إدارة الأوقاف الجعفرية ومفهوم المحافظة على مسجد صعصعة العبدي!

سلمان سالم comments [at] alwasatnews.com

نائب برلماني سابق عن كتلة الوفاق

إن الإعتزاز بتاريخ البلد واجب أخلاقي وإنساني ووطني، فلهذا نجد الكثيرين ممن يقدرون تاريخهم يتألمون كثيراً وتقشعر أبدانهم إذا ما حاول أحد أن يعتدي على تاريخ بلدهم بالقول أو الفعل، أو إذا تعرض إلى المحو أو التشويه. وينظرون بعين الغضب لكل من يعادي التاريخ ويبغض من يتحدّث عنه من قريب أو بعيد، أو من يقوم بتهشيمه وبعثرته بكل الوسائل المتاحة لديه، مستغلاً عدم اكتراث الجهات المعنية بحفظ التراث التاريخي للبلاد والهيجان الطائفي البغيض الذي برز بوضوح على السطح منذ 14 فبراير 2011.

عندما يطالب الناس بوقف الاعتداءات الآثمة على مسجد الصحابي الجليل صعصعة بن صوحان العبدي الذي ينحدر من قبيلة عبدالقيس، التي تعدّ من أهم قبائل البحرين قبل دخول أهلها في روضة الإسلام، والتي كان لها السبق في تلبية دعوة الرسول الأعظم (ص)، وكان لها الدور البارز في الدفاع عن بيضة الإسلام، وعُرفت بالشجاعة والإقدام وقول الحق، وفيها بزغ الشعراء والأدباء، والعلماء والحكماء، والنبلاء والكرماء. عندما يتحدث الناس عن مسجد صعصعة العبدي إنما يتحدثون عن تاريخ يمتد لأكثر من 14 قرناً، لم يناقشوا هل القبر الموجود في مسجد صعصعة هو قبر الصحابي صعصعة بن صوحان العبدي أم لا؟ لأنهم ينظرون إلى المسألة من زوايا أخلاقية وإنسانية وتاريخية أبعد من أن القبر الذي في المسجد هو قبر الصحابي صعصعة أم لا، فدليلهم التاريخي المثبت في المستندات والوثائق الرسمية أن وجود المسجد في قرية عسكر يمتد إلى مئات السنين، ولا يوجد أحد يختلف عليه؛ وأن أهل البحرين من مختلف المذاهب الإسلامية طوال التاريخ يقصدونه ويحرصون على زيارته والمحافظة على مقتنياته كمعلم إسلامي، رغم بعد المسافة وقلة المواصلات التي تنقلهم إليه، لأنهم يرون فيه تاريخ بلدهم الذي تمتد جذوره إلى عمق التاريخ الإنساني.

يعتقد بعض كتاب الأعمدة والمقالات الصحافية الذي يعانون من أزمات نفسية تجاه تاريخ هذا البلد العريق، أن نفيهم لوجود قبر الصحابي صعصعة بن صوحان (رضي الله عنه) يستطيعون نفي تاريخ البحرين الحضاري، فتاريخ البلد الذي يزخر بمئات الأفذاذ من العلماء والأدباء والشعراء الذين ملأوا بعطاءاتهم الفكرية والثقافية المكتبة الإسلامية، ومخطوطاتهم العلمية والفقهية والعقائدية والأدبية كثيرة، احتلت مساحة كبيرة في المكتبات العالمية، بما يشهد لهم بالأصالة والسبق.

أما من يحبس نفسه في زاوية المذهبية فينظر إلى التاريخ بتحسّس شديد، وهو لم يستوعب أن تاريخ البلد ليس ملكاً لمذهب معين، وإنما هو ملكٌ للإنسانية جمعاء؛ وأن المواثيق الدولية التي وقعت عليها البحرين تمنع مسه أو الاعتداء عليه وتدعو للمحافظة على هويته التاريخية والتراثية. ولا يقصد بالمحافظة عليه غلق النوافذ والأبواب بالطوب، وعدم اتخاذ أية إجراءات قانونية لمحاسبة المعتدين على تراث وتاريخ البحرين، وإنّما يقصد بالمحافظة عليه قيام الجهات المعنية بصيانته دورياً، وإبراز قيمته التاريخية للعالم المتعقل البعيد عن المؤثرات السلبية والعقد النفسية... هذا العالم الذي يقدّر القيم الإنسانية للتاريخ.

إذا كانت إدارة الأوقاف الجعفرية تجد في غلق نوافذ مسجد صعصعة العبدي ومداخله بالطوب محافظةً عليه، فيعني ذلك أنها لم تتطلع على المواثيق الدولية التي تشرح بالتفصيل كيفية المحافظة على المواقع التاريخية، أو أنها مطلعة عليها، ولكنها تحاول الالتفاف عليها بعبارات ليس لها علاقة بالمفهوم الدولي للمحافظة على التراث الإنساني، وكأنها لا تعلم أن الإجراء الذي وافقت عليه تعتبره المنظمات المعنية بالتراث الإنساني عبثاً وطمساً للتاريخ. ولهذا نطالب إدارة الأوقاف الجعفرية بحماية التراث الإسلامي الذي أعطيت مسئولية الحفاظ عليه بأفضل صورة، وأن لا تتهاون ولا تتقاعس ولا تحاول التغافل أو التجاهل عن حمايته بالطرق القانونية. فأبناء البلد ينتظرون من هذه الإدارة تحمل مسئوليتها الشرعية والقانونية، في تشييده عاجلاً مع المحافظة على هويته التراثية والإسلامية، وتهيئته للمصلين لإعماره بالعبادة وذكر الله.

إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"

العدد 4268 - الأربعاء 14 مايو 2014م الموافق 15 رجب 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 7:22 ص

      من هدم المساجد ؟

      في دولة القانون!

    • زائر 3 | 3:21 ص

      الانتهاكات الصارخة

      صباح الخير أستاذ سلمان، إن المسؤول الأول و الأخير عن هذه الانتهاكات الصارخة و الاعتداءات على قبر و ضريح الصحابي الجليل هي وزيرة الثقافة مي آل خليفة؛ حيث لم نر منها أي رد فعل على هذه الانتهاكات، بينما إذا كانت هناك حفلات ماجنة تكون هي الأولى في التصريحات و الدعاية لإقامة مثل هذه الأشياء السخيفة، و إذا كانت تدعي أنها وزيرة ثقافة فيجب عليها الحفاظ على تاريخ و تراث البلد من أي ضياع. و أرجو أن تصل لها هذه الكلمات البسيطة.

    • زائر 2 | 1:45 ص

      لا تطلب حليب من تيس

      اصبحت ادارة الاوقاف الجعفرية كالتيس فلا تتوقع منها حليب بل اصبحت نكالا ووبالا على الطائفة الشيعية

    • زائر 1 | 1:02 ص

      اين النائب عن المنطقة

      الا يشاهد المسجد وهو خارج من منطقتة الا يشاهد المسجد وهو داخل الى منطقتة
      ام انة لايرى المسجد تماما الم يقل ان منزلة قريب من سجن جو ولا يبعد عنة الا 500 متر ولم يسمع صراخ المعذبين بالسجن ولم يشاهد حالة استنفار بالقرب منة
      لو انة مجرد تحويل عنوان على المنطقة للانتخابات فقط

اقرأ ايضاً