لن أنسى نظرته الزائغة وكأنه يحدق في المجهول، ولن أنسى دموعه المتحجرة في مقلتيه، كان يقف مستنداً على سور مدرسة أبوصيبع الابتدائية للبنين فيما كان موكب جنازة الطفل أحمد القطان يمر من أمامه متجهاً لمقبرة قرية الشاخورة، لا زلت أذكر ذلك اليوم الكئيب من أكتوبر/ تشرين الأول 2011.
وقف صامتاً منكسراً، أحسست أنه لم يكن يعي ما يدور من حوله، وكأنما كان يسترجع ذكريات مؤلمة، أو كان يعيشها في تلك اللحظة... بكل تأكيد كان يتذكر ابنه الفقيد علي، وخصوصاً أنه كان في نفس عمر أحمد تقريباً... يا الله إلى متى سيسقط أطفالنا واحداً بعد الآخر؟
لم يكن ليستطيع المشي أو المشاركة في موكب الجنازة بسبب كسر في الفقرة الأخيرة من عموده الفقري نتيجة التعذيب، الذي تعرض له بعد أن تم القبض عليه ضمن الكادر الطبي، ولذلك اضطر للوقوف والاستناد على حائط المدرسة لعل ذلك يخفف من ألمه.
كان قد أفرج عنه وزملاؤه من الكادر الطبي لحين نظر الدعوى أمام محكمة الاستئناف بعد أن حكمت عليهم المحكمة العسكرية بمدد تتراوح بين 5 إلى 15 عاماً بتهمة الاستيلاء على مجمع السلمانية الطبي بالقوة وحيازة أسلحة نارية والدعوة لقلب نظام الحكم وغيرها من التهم الخطيرة.
إنه الآن يقضي ما تبقى من فترة عقوبته بالسجن ثلاث سنوات، لا لشيء إلا لأنه كان يسعف المصابين خلال فترة الأحداث في 2011، وكان ضمن فريق الأطباء والممرضين الذين كانوا شهوداً على الانتهاكات، فهم من أجرى العمليات الجراحية للمصابين، وهم من أسعف الجرحى وضمّد الجروح.
في اليوم العالمي للممرضين، والذي يصادف 12 من مايو/ أيار، لا يمكن لي إلا أن أتذكر أمين سر جمعية التمريض البحرينية صديقي العزيز إبراهيم الدمستاني.
في وطن يسوده التمييز والتجنيس، واستبدال الكفاءة بالطائفة، كان لا بد لرجل مثل إبراهيم أن يُسجن، لا لشيء إلا لكونه كفاءة وطنية تحرج المتملقين والوصوليين وعديمي الكفاءة والمتمصلحين على حساب أبناء الوطن، فهو مدرب مدربين دوليين للإسعافات الأولية تخرّج على يديه أكثر 800 مسعف من البحرين ودول مجلس التعاون، رئيس سابق لنقابة عمال «ألبا»، كان عضواً في مجالس إدارات العديد من الجمعيات والمؤسسات الأهلية كجمعية الهلال الأحمر البحريني، وجمعية الصحة والسلامة، وجمعية التمريض البحرينية، والنادي الخليجي للتمريض، واللجنة العليا للصحة والسلامة المهنية، واللجنة الوطنية للمسنين... بالطبع كان يجب أن يُسجن.
عندما تمنع سيارات الإسعاف من الوصول إلى المصابين، عندما يحوّل مجمع السلمانية الطبي إلى ثكنة عسكرية، عندما تضرب الطواقم الطبية وتهان لمجرد أنها تقوم بواجبها الإنساني (وكل ذلك موثّق في تقرير اللجنة البحرينية لتقصي الحقائق)، يكون إسعاف المصابين جريمة، ويقدم الأطباء للمحاكم العسكرية، وتنتزع اعترافاتهم تحت التعذيب ويحكم عليهم بالسجن.
ثلاث سنين قد مرت، وهناك من دفع أثماناً باهظة، ودون حدود، وقدّم أعز ما يملكه قرباناً لهذا الوطن. أخي إبراهيم اسمحْ لي أن أنحني أمام تضحياتك العظيمة... وأن أُقبل رأسك.
إقرأ أيضا لـ "جميل المحاري"العدد 4267 - الثلثاء 13 مايو 2014م الموافق 14 رجب 1435هـ
فعلا انه رجل طيب و حنون
حسبن الله و نعم الوكيل ... نعم ابراهيم الدمستاني رجل طيب و حنون و على أخلاق عظيمة ... اللهم فك أسره وان يفرج عنه و عن جميع المعتقلين اخوك ابو محمد الهدار
عند الله لا يضيع الحق
بلادي اصبحت بلاد الغريب
تذكير بالتقرير
الرجاء اعادة قراءة استنتاجات التقرير ليس السرد الذي يعبرعن من قاله .. بوضوح ذكر التقرير ان اختطاف السلمانية تم لاسباب سياسية وطائفية وتم اطانة من تتحدث عنهم الرجاء العودة وقراءته بتمعن تراه موجود............
راح الطيب
شكرًا لك سيدي ذكر اخ عزيز تم التلفيق والزج به ومن على شاكلته بالسجون لتغييب الحقيقة الله ينصرك يا دمستاني يا ابوعلي يا ابراهيم ، تكريمك من الدولة السجن بذل المعزه
فرج عاجل
اللهم فرج عن جميع المعتقلين سيما اسرانا بفرج عاجل كلمح البصر أو هو أقرب من ذلك.
الله يفرج عنهم
هؤلاء هم أبطال البحرين الذين ضحوا ولا زالوا يضحون بالغالي والنفيس لنصرة المظلومين وإعلاء كلمة الحق، شهامتهم ومواقفهم الإنسانية محفورة في قلب كل مواطن غيور، الله يفرج عن جميع المظلومين
الله معك يا ابراهيم
انته بعين الله وظالميك لهم يوم والله يمهل ولا يهمل
وعلى ماذا عذب هؤلاء الاطباء والممرضين؟
لأنهم انقدوا واسعفوا ما أمكنهم اسعافه من ابنائنا في مجزرة الخميس الدامي وانا من ضمن من ذهب لقسم الطوارئ بسبب وجود ابنائنا في الدوّار وعندما دخلنا قسم الطوارئ ورأينا الاطباء والممرضين والمسعفين يعملون كخليّة نحل وقد تمكنت من دخول العديد من غرف العلاج ورأيت الكثير من المناظر التي هي شهادة في رقبتي للتاريخ بشهامة وبطولة ووطنية وإخلاص وايمان هؤلاء الاطباء والممرضين والمسعفين ولا انسى السوّاق ايضا
الله يفرج
الله يفرج عنه وعن جميع معتقلينا
المستعان بالله
صبراً جميلاً والمستعان لله (الا لعنة الله على القوم الظالمين) صدق الله العلي العظيم