بينما يتجه العالم «الآخر» إلى مزيدٍ من الانفتاح وتوسيع دائرة حرية الرأي والتعبير، نتجه محلياً وعربياً إلى مزيدٍ من التضييق والتعتيم وكبت الحريات.
لم تعد بلدان العالم جزراً منفصلةً، ولم تعد الدول قرى محصّنة من أي تأثير، مع كل هذه الاختراقات الكبرى في مجال وسائل التواصل الاجتماعي. وفي الوقت الذي تتراجع وسائل الإعلام التقليدية لصالح قنوات التعبير الحديثة، نجد سقف الحريات يهبط، ومساحة حرية التعبير تتقلص وتتراجع حتى نشعر بالاختناق.
ومن المفارقات، أنه في الوقت الذي صنفت البحرين ضمن أسوأ عشر دول في العالم في مجال حرية الصحافة، وسجلت ترتيباً متأخراً جداً (188)، للعام الثاني على التوالي، تصرّ السلطة على أن لدينا فائضاً كبيراً من الحريات، ويستكثر بعض المستكثرين علينا وجود هذا الهامش الضحل للكتابة في بعض المواضيع.
الترتيب المتأخر لم يصدر عن جهةٍ مسيّسة، وإنّما عن منظمة «فريدوم هاوس» التي صنفت البحرين ضمن الدول «غير الحرة» على مؤشر حرية الصحافة للعام 2013. وقد جاءت في الترتيب 188 عالميّاً، 19 عربياً... والأخيرة خليجياً، وبذلك أسكتت كل بليغ. فلا مجال للمكابرة على واقعنا، أو محاولة تزييفه لإرضاء أنفسنا، مادامت جهة أجنبية مختصة ومهنية ومحايدة، وضعتنا في ذيل القائمة خليجياً، ووضعتنا عربياً قبل سورية مباشرةً، وإلى جوار كوريا الشمالية وأوزبكستان.
المؤشر السنوي لـ«فريدوم هاوس»، يقيس مستوى الحرية التي تتمتع بها وسائل الإعلام المرئية والمطبوعة والإلكترونية، اعتماداً على تحليل الأحداث والتطورات والانتهاكات في كل بلد، ومدى استخدام الحكومة لأدوات التقييد، وما تفرزه من قوانين يمكن أن تؤثر على محتوى وأداء الإعلام. فلا غرابة أن نحصل على هذا التصنيف المتدني، إذ لدينا من القيود المزيد، بما فيها عدم صدور قانون يواكب العصر، يحمي الصحافة ويعزّز الحريات ويحترم حقوق الانسان. في وقتٍ تزداد فيه شراسةً النزعات الإقصائية والدعوات التحريضية المسعورة للإجهاز على الهامش الصغير للحريات.
في الوقت الذي نزداد فيه انعزاليةً، ويزداد إعلامنا المحلي نرجسيةً وتعالياً، فيحاول تصحيح تشوهاته بمزيدٍ من حملات العلاقات العامة، فإن الاتجاه العالمي يسير نحو مزيدٍ من الانفتاح وتوسيع دائرة الحريات. لم نعد جزراً أو قلاعاً معزولةً تفعل ما يحلو لها، فوسائل التواصل الحديثة أسقطت آخر حواجز الرقابة والمنع، والحلم بعودة الشعوب إلى قماقمها أصبح ضرباً من المستحيل.
قبل أسابيع، وجّه المنتدى العالمي لتطوير الإعلام، الذي يضم أكثر من 200 منظمة معنية بتطوير هذا القطاع، الدعوة إلى إدراج الوصول للمعلومات ووسائل الإعلام المستقلة وحرية التعبير بشكل كامل في خطة التنمية لما بعد العام 2015. ودعا جميع الشعوب إلى الانضمام إلى هذه الحملة، والتصويت على الأهداف الكبرى التي تطمح إليها الشعوب لبناء مستقبلها. وهي فرصةٌ لتُسمع الشعوب صوتها، فحرية الصحافة والإعلام ليست ترفاً في هذا العصر، لتُترك بأيدي مؤسسات تقليدية وأشخاص ومراكز قوى، تحكمها المصالح والمضاربات، بل أصبحت مطلباَ ضرورياً من أجل ضمان حياة أفضل للشعوب على هذا الكوكب.
إن من أهداف الألفية القضاء على الفقر، والأمن الغذائي، والصحة والتعليم والمساواة بين الجنسين، والتصنيع وبناء السلام. وهناك قناعةٌ دوليةٌ اليوم بأنه لا يمكن تحقيق ذلك دون إقرار الحريات، ووجود إعلامٍ حر، غير تابعٍ ولا متسوّلٍ ولا ذليل.
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 4266 - الإثنين 12 مايو 2014م الموافق 13 رجب 1435هـ
بقولون معلومات مغلوطه
الحين الطباله ما بصدقون ولا بيقتنعون بطلعون اعذار وبقولون معلومات مغلوطه ومن طقة هالحجي
تذكير
نسيت يا سيدنا ان تذكر ان البحرين الاولى في استضافة المؤتمرات من اجل تجميل صورتها للعالم