العدد 4266 - الإثنين 12 مايو 2014م الموافق 13 رجب 1435هـ

القبض على روح الوشْم

الوسط (فضاءات) - جعفر الجمري 

تحديث: 12 مايو 2017

في واحد من الموضوعات الشيّقة التي يتم تناولها ومعالجتها وتسليط الضوء عليها، تطرح إيلاين سكيولينو، في عدد الخميس الماضي (٨ مايو/ أيار ٢٠١٤)، بصحيفة "نيويورك تايمز" ضمن صفحاتها الثقافية، فن الوشْم. الأوشام جميلة. إنها تعبّر عن الاحتجاج، السياسة، الجمال، الدّين، الحِداد، الكراهية والحب. كما تم استخدام الأوشام للتعريف الهوية، وكذلك العلاج، للتكريم، وأيضاً ما يشبه قهر وإخضاع الذين يضعونها، أو يجبرون على وضعها.
في متحف دو كاي برانلي في باريس (تعرض في متحف كاي برانلي الأسطوري، في قلب باريس، فنون وحضارات إفريقيا وآسيا والأميركتين، ومجموعات ترقى إلى مصاف كنوز العالم اللاأوروبي.)، تم يوم الثلثاء الماضي (6 مايو الجاري) ويستمر حتى 18 أكتوبر/ تشرين الأول 2015، افتتاح معرض جديد تحت عنوان "الوشم" يؤسس لتاريخ وتقليد الوشم في العصور القديمة، ويتتبّع التعبيرات والتأويلات التي لا تُعد ولا تحصى، تلك التي جسّدتها أعمال من جميع أنحاء العالم، وفيه يعرض جيل جديد من الفنانين أعمالاً متوسطة الأحجام يتم تجسيدها على الجلد البشري.
تجدر الإشارة هنا إلى أن تاريخ الوشم يعود إلى أكثر من 5000 سنة. هذا المعرض يزخر بملاحظات عن بقايا الـ (Ötzi)، - وتعني بالألمانية الرجل الجليدي الحديث - تلك التي تم اكتشافها في جبال الألب في العام 1991، مع 57 علامة الوشم. كما يتتبع المعرض 2000 سنة من المومياوات القديمة التي تم اكتشافها في مصر وسورية، وتحمل أوشاماً لوحوش أسطورية وحيوانات.
مهمة المتحف هي خلق "حوار للثقافات" ويتقصّى المعرض موضوعات الثقافات العالمية الغابرة، مثل جمال الشَعْر، والإغواء الذي يتمتع به الطهي الصيني وتاريخ موسيقى الجاز، وتأثير كل ذلك على الفن والأدب.
تبدو دائماً إبداعية، العروض الفوضوية والدخيلة. وهذه المرة، تناول المتحف 300 موضوع تاريخي ومعاصر، كلها تتعلق بالأوشام و"التوشيم"، بما في ذلك الصور والمطبوعات واللوحات والملصقات، والمنحوتات، والأقنعة التي تستخدمها بعض القبائل، والكتب، والملابس، وأدوات صنع الوشم وحتى أجزاء من مومياوات محنطة.
المصور الفرنسي مارك غارانغر صورّ في العام 1960 امرأة دُمرت قريتها أثناء حرب الاستقلال الجزائرية. قال: "أردنا التقاط روح الوشم، الذي هو جزء من التراث المشترك لمعظم الإنسانية".
من جانبه، قال مدير المتحف، ستيفان مارتن: "كان من الأهمية بمكان أن نسلّط الضوء على الأوشام. إنها حركة فنية شعبية".
وتحقيقاً لتلك الغاية، عمَد قيّما المعرض، ومؤسسا دورية لفن الأنفاق بعنوان "الفن الحديث وثقافة البوب"، آن وجوليان، (يستخدمان فقط أسماءهما الأولى) في المقام الأول إلى استقطاب عدد من فناني الوشم في العالم للمساهمة في أعمال المعرض.
13 فناناً من بلدان تمتد من ساموا إلى سويسرا، عرضوا إلهاماتهم وإبداعاتهم عبر أعمال على الجسد والساقين، الجذوع والأسلحة. بعض تلك الأجزاء وضعت في مادة السيليكون، وتم تطويرها في أحد الاستوديوهات المتخصصة في المؤثرات الخاصة بالأفلام، في ضاحية باريس.
بعض من أجزاء الجسم الزاهية والمضاءة، علقت في الفضاء، ويمكن أن ينظر إليها من زوايا مختلفة. السيليكون يبدو وكأنه لحم بشري. شُكّلت قوالب من نماذج حية وتم تقديمها بشكل تبدو معها وكأنها واقعية، مع الأسلحة المعرقَّة والمفاصل والتجاعيد، كل ذلك منحها قوة تأثير غريبة.
رائد الوشم الفنان الأميركي إد هاردي، جاء من سان فرانسيسكو، حيث يقيم لحضور حفل افتتاح المعرض.
وقال هاردي: "إنه المعرض الأكثر شمولاً للوشم ولم أرَ نظيراً له في أي وقت مضى".
وأضاف "لايزال هناك بعض الذين يترددون في وشم أنفسهم، وهنا لديك الاحتفال به، متضمّناً عمقاً وثراء ثقافياً. إنه يكاد يعصف بعقلي".
المعرض يكرس مساحة كبيرة لفترات طويلة من قمع الوشم، واعتباره وصمة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك وضع علامات على العبيد في روما القديمة والمجرمين في الإمبراطورية الصينية، دون أن ننسى الشخصيات الهامشية التي تعتدي على البحارة في حالة سُكْر.
أصبحت الأوشام تياراً رئيسياً في العالم، ولاحظ المعرض بأن 25 في المئة من الأميركيين موشومون، وفقاً لاستطلاع "هاريس للعام 2012"، وأن 20 في المئة من الفرنسيين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 25 و 34 لديهم وشم، وفقاً لاستطلاع "إيفوب للعام 2010".

 





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً