كثيرٌ من الأفكار تبدو للوهلة الأولى مجنونةً، خصوصاً تلك التي تتعلق بتغييرٍ ما، أو بابتكارِ ما لم يألفه البشر من قبل.
فحينما فكّر تيد تيرنز بإنشاء شبكة «سي إن إن» الإخبارية، قال له العاملون في محطات التلفزة التجارية: «شبكة عالمية إخبارية تقدّم الأخبار فقط لمدة 24 ساعة طوال اليوم، لن تنجح أبداً!»، فيما هي اليوم من أهم المحطات الفضائية الإخبارية. وقد تتالت بعدها محطات إخبارية كثيرة، بل إن بعضها ارتأى أن يكون متخصصاً في نقل أخبار مجالٍ واحدٍ فقط كالمحطات الإخبارية الاقتصادية على سبيل المثال.
وكما قال الإمام علي (ع): «الناس أعداء ما جهلوا»، فإنك أنت الوحيد القادر على تصديق فكرتك حين تثق بأنها ممكنة التنفيذ بعد دراستها، وأنت الوحيد القادر على إحالتها واقعاً عن طريق إقناع غيرك بها إن كانت بحاجةٍ لمساعدة الآخرين لتحقيقها، أو عن طريق المضي بتحقيقها وحدك وإجبارهم فيما بعد على تصديق إمكانية العمل بها حين يرونها واقعاً.
الكثير من العصاميين من رجال ونساء الأعمال، واجههم هذا التحدي، وقال لهم من حولهم إنهم لن يستطيعوا فعل هذا أو ذاك، لكنهم آمنوا بأنفسهم وانطلقوا. ولنا في البحرين وحدها ألف قصة وقصة، فصاحب إحدى شركات الدعاية والإعلان البحرينية، بدأ عمله الخاص من منزله بـ 55 ديناراً فقط كان قد ادخرها من مخصصات بعثته الدراسية، وكان أهله وأصدقاؤه جميعاً يتهمونه بالجنون، بل إن والده أجبره على العمل عصراً والدراسة صباحاً كي لا يستمر في جنونه حين باح له برغبته في استخراج سجل تجاري، لكنه أخيراً أنشأ شركته وبدأ عمله الخاص بعد تخرجه مباشرةً من الجامعة، وها هي اليوم شركته من الشركات الناجحة التي امتد نشاطها إلى دول الجوار.
والحرية كذلك، تبدو فكرةً مجنونةً في محيط العبيد؛ فحين نجد حراً أجبر كما أجبر غيره في محيطه لفترة من الزمن على تحمل العبودية، يطرح لأقرانه رغبته في كسر الأغلال التي يفرضها عليهم أحدهم في بيئةٍ تقوم على العبودية، يواجه الكثير من النقد، والكثير من الحواجز، بل وأحياناً يواجه هجوماً شرساً منهم كي يحيد عن فكرته، بحجة أنهم يعيشون مرتاحين في هذا الوضع، تتوفر لهم مقومات الحياة من مأكل ومشرب وملبس، حتى وإن كان هذا المأكل هو من فائض أو فضلات موائد السيد، وبحجة أنهم لا يريدون مشاكل قد تكون وقتية ثم تجلب لهم راحة دائمة. بل إن بعضهم سيقول ما قاله غيرهم وهو أن الحرية لا تليق بهم لافتقارهم مقوّمات تحمل عواقب الديمقراطية!
لو أن مصممي الألواح الذكية تراجعوا عن فكرتهم بتصنيعها، بمجرد أن واجهت أول رفضٍ لها، لما استطعنا اليوم أن نقرأ الصحف على سبيل المثال على أجهزة هواتفنا الذكية، ولما كتبت هذا المقال على واحد منها!
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 4265 - الأحد 11 مايو 2014م الموافق 12 رجب 1435هـ
شكرا للقلم الواعي
دعوة للتفكير لأصحاب العقول الجامدة
شكر
شكر خاص للكاتبة المتميزه ع مقالها الرائع ف تسخير الصعاب والارتقاء نحو القمة بمجرد تصديق الافكار الايجابية والعمل ع تحقيقها.
شكرا للمقال
بس عندي سؤال؟؟
شنو ذي موائد السيد؟؟؟؟
9
نحتاج
لهذا النوع من المقالات .. رائع
محفز
مقال جميل ومحفز
تسلم يدك