نعود في وثيقة هذا الأسبوع للخدمات المدنية، التي دخلت البحرين لأول مرة في سنوات القرن العشرين، زمن المستشار شارلز بلغريف.

الوثيقة التي بين أيديكم دونت بتاريخ (12 نوفمبر/ تشرين الثاني 1949)، وخرجت من مكتب سكرتارية المستشار وبتوقيعه المشهور شخصياً، تحت عنوان «مكتب للصحة العامة». وجاء فيها الإعلان التالي:

« حكومة البحرين

اعلان

العدد 2 / 1369

مكتب للصحة في المنامة

نعلن للعموم انه اعتبارا من اليوم الخامس عشر من شهر نوفمبر 1949 الموافق لليوم الرابع والعشرين من شهر محرم 1369 سيفتح مركز للصحة على فرضة المنامة وسيبقي المكتب المذكور مفتوحا يوميا (ما عدا ايام الجمع) من الساعة الثامنة افرنجي صباحا حتى الساعة الثانية عشر افرنجي بعد الظهر ومن الساعة الرابعة افرنجي مساء حتى الساعة السادسة افرنجي مساء. وسيفتح في ايام الجمع على شرط ان يعطى بلاغاً سابقا من الشركة او من وكيل من يهمه امر ذلك في الساعات التي بين طلوع الشمس وغروبها وليست في الساعات المذكورة اعلاه. وذلك لقصد الفحص على الركاب القادمين بالبواخر. وسيجري الفحص على الركاب ما بين طلوع الشمس وغروبها وذلك بموجب تراتيب خاصة وبدفع رسوم تأخير.

على ركاب وموظفي وبحارة جميع البواخر ان يدخلوا مكتب الصحة اذا أرادوا النزول في المنامة كما ويجب ان تكون في حوزتهم شهادات صحية قانونية وفقا لما تنص عليه قوانين الحجر الصحي والتي هي سارية المفعول في ذلك الوقت كما يجب عليهم احضار هذه الشهادات للفحص عندما يطلب منهم ذلك وبرفقة هذا الاعلان نسخة من قانون الحجر الصحي المشار اليه.

ان نصوص هذا الاعلان سيشمل جميع السفن البخارية والشراعية واللنجات والجوالبيت التي تصل المنامة من اي ميناء يقع خارج حدود بلاد البحرين.

على السفن التي تود فحص ما بها ان ترسل رسالة لاسلكية معنونة باسم (المحجر الصحي بالبحرين) قبل اربع وعشرين ساعة من وصولها البحرين وان يذكر فيها اسم الباخرة وآخر ميناء وصلته وفيما اذا يوجد فيها أي مريض والوقت المنتظر فيه وصولها وهذا سيمنع تأخير الحصول على البراءة الصحية.

على السفن التي تدنو من ميناء البحرين ان تنشر علم المحجر الصحي الى ان يسلم الى رئيس المحجر او ممثليه «تصريح الصحة البحرية»

(التوقيع المعروف)

مستشار حكومة البحرين

حرر في 21 محرم 1369

الموافق 12 نوفمبر 1949».

وفي التعليق نقول: إن أول ملاحظة نسجلها على هذه الوثيقة هو الأمر الطريف بها. فهذا الإعلان لم يأخذ رقمه الرسمي، وهو 2، في الدوائر الحكومية التي يقودها شخص إنجليزي هو المستشار؛ إلا اعتماداً على التاريخ الهجري (1369هـ) كما هو موضح في مقدمته، بينما تعتمد الدولة اليوم، بمسئوليها العرب، على التاريخ الميلادي فقط لا غير!

كما يلاحظ ذكر اسم بلاد البحرين تارة حين الحديث عن الحدود البحرية، واسم البحرين فقط تارة أخرى عند الحديث عن الميناء. كما يتضح مدى حرص المستشار على اتباع القوانين الصحية التي تحفظ البلاد من الأوبئة والأمراض المنتشرة في تلك الفترة دون وجود مضادات طبية لها. ولذا أكد على «ركاب وموظفي وبحارة جميع البواخر أن يدخلوا مكتب الصحة إذا أرادوا النزول في المنامة، كما ويجب أن تكون في حوزتهم شهادات صحية قانونية تثبت خلوهم من الأمراض، خصوصاً قبل أربع وعشرين ساعة من وصول السفن إلى البحرين، والأهم، حفاظاً على عدم انتقال الأمراض المعدية من خارج البحرين إليها، أن تصرح الباخرة التي تقصد ميناء البلاد بآخر ميناء وصلت إليه، وفيما إذا يوجد فيها أي مريض لاتخاذ اللازم بدخولها أو منعها».

أضف إلى ذلك، أن هذا المركز والمحجر الصحي كان موجهاً في الأساس للقادمين من خارج البلاد أكثر مما هو للمرضى الداخليين، لذا أُفتتح عند الميناء وليس بمكان آخر، لأنه المنفذ الوحيد بحراً قبل أن يتم اتخاذ الإجراءات الصحية في المطار، الذي افتتح حديثاً آنذاك، ولم يكن قد تم استخدامه على نطاق واسع بعدُ كما هو الميناء.