معالجة الاتجاهات المنهجية لبناء نظام الإدارة البيئية لمشروع تطبيق نهج النظام الايكولوجي في المحافظة على مغاصات اللؤلؤ في مملكة البحرين ينبغي أن تضع في صلب اعتبارها منظومة الأسس والأركان الاستراتيجية للإدارة البيئية كمنظومة مترابطة المهام والوظائف التنفيذية والاجرائية في إدارة عملية تجسيد واقع مضمون جوهر السياسات وإجراءات ومتطلبات إنجاز أهداف المشروع.
التوعية وبناء القدرات البيئية وبرامج التدريب البيئي، مقوم رئيس في نظام الإدارة البيئية، وينبغي أن تكون ركيزة محورية في منظومة العمل التنفيذي لخطة عمل المشروع ووسيلة رئيسة في الحد من الأنشطة غير الرشيدة.
الاتفاقية الدولية بشأن التنوع البيولوجي تضع قضايا التوعية والتدريب البيئي في مقدمة أولويات خطط العمل التنفيذي لصون التنوع الحيوي، وتشدد في الفقرة (أ) من المادة (12) «البحث والتدريب»، بأن تقوم الأطراف المتعاقدة بـ «وضع ومواصلة برامج للتعليم والتدريب العلميين والتقنيين في مجال تدابير تحديد التنوع البيولوجي وعناصره وصيانته واستخدامه على نحو قابل للاستمرار».
وبالاتساق مع ذلك تؤكد الفقرة (أ) في المادة (13) «التثقيف والتوعية الجماهيرية» من الاتفاقية ذاتها، على أن تقوم الأطراف المتعاقدة بالعمل على «تعزيز وتشجيع تفهم أهمية صيانة التنوع البيولوجي والتدابير اللازمة لذلك، وكذلك نشر هذا التفهم من خلال وسائط الإعلام، وإدراج هذه المواضيع في البرامج التعليمية».
اتفاقية المحافظة على الحياة الفطرية ومواطنها الطبيعية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تحدّد التزامات الدول الأطراف في الاتفاقية بشأن التوعية والتدريب البيئي، ويجري النص عليها في المادة (2) فقرة (3- و)، بأن تتعهد الأطراف المتعاقدة بـ «العمل على نشر الوعي بأهمية المحافظة على الحياة الفطرية ومواطنها الطبيعية باستخدام وسائل الإعلام المختلفة». وفي الفقرة (3- ز) من المادة ذاتها، يجري التأكيد على ضرورة «التعاون في مجال البحوث وتبادل الخبرات وتدريب الكوادر المتخصصة وإيجاد الحلول للمشكلات المشتركة المتعلقة بإدارة الموارد الطبيعية».
التشريع الوطني يضع في الاعتبار أيضاً، قضايا التوعية والتدريب البيئي، ويشدّد المرسوم بقانون رقم (2) لسنة 1995 بشأن حماية الحياة الفطرية في المادة (6) على أهمية «العمل بمختلف الوسائل على تنمية الوعي لدى المواطنين من أجل حماية الحياة الفطرية والمحافظة على التراث الطبيعي والإبقاء على تنويع البيئات الطبيعية، وحماية الكائنات الفطرية خاصة الأنواع النادرة منها المهدّدة بالانقراض من حيوان أو طير أو نبات».
المعالجات والمناقشات والرؤى التي جرى طرحها ضمن برنامج أعمال الورشة، لامست الاتجاهات المنهجية في تطبيق المعايير التي تتناولها الخطة التنفيذية للمشروع، والتي يراها مخططو المشروع ضرورةً للحد من التدهور البيئي للهيرات وإعادة تأهيل نظامه الطبيعي. وهي تشمل إجراءات تنظيم فصول وأوقات الصيد والحد من الأنشطة البحرية وتصنيف أنواع المهن البحرية وما يتطلبه ذلك من إجراءات منع الصيد في فترات محدّدة في السنة، وحظر وسائل وأدوات الصيد البحري التي يراها مهندسو المشروع تتسبب في تدهور النظام البيئي للهيرات.
يتوجب القول إن ما جرى معالجته جانب على قدر من الأهمية في منظومة العمل الإجرائي والتنفيذي لصون النظام البيئي للهيرات، بيد أن ذلك في حاجة إلى مجموعة من الخطوات العملية ضمن منهجية العمل المؤسس ليصير ذلك واقعاً وقابلاً للتنفيذ. ومن الطبيعي في هذا السياق الاستفادة من خبرات دول مجلس التعاون الخليجي وعلى وجه الخصوص التجربة الإماراتية في مجال تنظيم نشاط ومهنة الصيد البحري، والإجراءات العملية المرافقة لهذه التجربة، مع الأخذ في الاعتبار خصوصية التقاليد الوطنية المتعارف عليها في النشاط البحري للمجتمعات المحلية الأصلية في البحرين، للتمكن من تجاوز احتمالات بروز الثغرات والمعوقات في منظومة العمل التنفيذي والإجرائي للمشروع.
الاتجاهات المنهجية للمشروع تقتضي أيضاً توفر جملة من المتطلبات التنظيمية للتمكن من جعل خطة المشروع واقعاً ملموساً، وترتبط هذه المتطلبات بالدراسات البحثية والتخصصية، وبالموقف المجتمعي والقناعة المؤسسية لمتخذي القرار التشريعي والتنفيذي بشأن جدوى إجراءات المشروع. وذلك يتطلب اعتماد خطة ممنهجة للتوعية البيئية تشمل طيفاً من المستهدفين، وتضم محترفي مهنة الصيد البحري والقطاعات الاجتماعية والشركات السياحية والاقتصادية، وأعضاء مجلس الشورى والنواب والمجالس البلدية، للتمكن من اعتماد مخطط المشروع وإنجاز أهدافه الاستراتيجية.
ذلك المنهج أخذت به جمعية البحرين للبيئة، وقد عملت في 16 أبريل/ نيسان 2002 بمناسبة انتخابات المجالس البلدية، على تنظيم ندوة «البلديات والبيئة»، قدمنا في سياق برنامجها محاضرة حول «علاقة المجالس البلدية بقضايا البيئة»، وتلك تجربةٌ من المفيد تعميمها في الأنشطة التنفيذية للمشروع، للتمكن من الانجاز المؤسس لأهدافه في صون التنوع الحيوي للهيرات.
إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"العدد 4262 - الخميس 08 مايو 2014م الموافق 09 رجب 1435هـ