من الأشياء اللافتة «جداً» في إيران هذه الأيام، هي الدعوات المتكررة والمُلِحَّة لزيادة عدد سكان البلاد لكي يصل إلى 150 مليون نسمة. لقد أظهَرَ الساسة في طهران أن مسألة زيادة سكان إيران هي بمثابة «ضرورة قومية» لابد للبلاد أن تخطوها وبسرعة، وبتسهيلات مفتوحة، بغية الحصول على «عائلات ممتدة» قادرة على مكافحة الشيخوخة العامة.
ربما كانت الدعوة ستكون طبيعية لو جرى تَحْمِيَتها شيئاً فشيئاً، إلاَّ أن ذلك الدفع ومن أعلى سلطة في إيران، يعطي انطباعاً بأن هناك ما هو أبعد من مسألة زيادة تعداد الإيرانيين، والخوف من أنهم قد يتحوَّلون إلى «شعب من الأشياخ» في السنوات القادمة.
قبل ثمانية أعوام، كان الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، أول مَنْ أطلق هذه الدعوة، قائلاً بأن إيران لديها القدرة لاحتضان 120 مليون إيراني. قرَّر نجاد حينها أن يخفض «ساعات العمل للنساء لإتاحة المجال أمامهن لقضاء مزيدٍ من الوقت مع عائلاتهن».
كان نجاد خلال تلك الفترة، في أوج قوته. وكان للتو، قد وزَّع ما سمَّاه بـ «أسهم العدالة» على شريحتين اجتماعيتين من الشعب الإيراني اعتُبِرَتَا على أنهما من الطبقات الفقيرة بمبلغ إجمالي تجاوز 2.75 مليار دولار على 4.6 مليون إيراني، وهو ما جاء مواكباً لدعوته آنذاك.
لكن نجاد لم يستطع تغيير تلك السياسة، التي كان قد قرّرها المجلس الأعلى للأمن القومي والمرشد ذاته. لذا، استمرت طهران في سياسة كبح الإنجاب المنفلت بشتى الطرق الصحية، والاستمرار في تقديم «درس النصيحة» للشباب المقبلين على الزواج.
وقد أدت تلك السياسة إلى انخفاض معدل السكان في إيران من 3.7 في المئة إلى 2.7 في المئة في العام 1998. ثم وصل في العام 2002 إلى 1.5 في المئة لتحقيق نسبة 25 في المئة من الإيرانيين دون سن الخامسة والعشرين. وقد اعتُبِرَ ذلك تطوراً مهماً لتنظيم النسل.
اليوم، يبدو أن طهران قرّرت أن تُغيِّر من تلك السياسة، بعد أن ظهر المرشد الأعلى للثورة، وهو يحث شعبه على الإنجاب حتى الطفل الخامس. وقد استقبل قبل أيام مسئولات جمعية القابلات الإيرانية قائلاً لهن: «إن قضية زيادة السكان والحيلولة دون انخفاض تعداد أفراد الفئات العمرية من الشباب، هي قضية حيوية، ويجب متابعتها بشكل جاد».
هنا، يأتي السؤال: لماذا تريد طهران زيادة سكانها ليصل إلى 150 مليوناً؟ يمكننا وفي سبيل ذلك تسجيل ملاحظتين:
الملاحظة الأولى: حسب التقديرات الحديثة، فإن عدد سكان إيران اليوم هو 80 مليون نسمة، ومعدل النمو السكاني 1.6 في المئة. ورغم ذلك المنسوب، فإن فُتوَّة إيران الحالية هي عالية جداً، إذا ما وسَّعنا العمر، من 15 عاماً إلى 35 عاماً، وبالتالي فإن مستقبل سكان إيران «المنظور» هو آمنٌ من حيث فتوَّته.
لكن، ربما يرى الإيرانيون، أن المسألة تتعلق بتموضع سكاني إقليمي، بدأ ينمو إلى جانبهم بقوة. ففي منطقة المحيط الهندي، تشترك إيران في منظومة مصالح إستراتيجية قوامها ست وثلاثون دولة متنامية السكان، في حين تتجاور هي مع 15 دولة في منطقة الخليج العربي، وآسيا الوسطى والجنوب الآسيوي، من بينها 12 دولة متشاطئة معها في بحار مفتوحة وأخرى مغلقة.
لو أتينا إلى الدول الخمس عشرة، سنرى أن مجموع سكان أرمينيا وآذربيجان وتركمانستان وكازاخستان يبلغ 34 مليوناً ونصف المليون نسمة. وسكان أفغانستان 25 مليوناً ونصف المليون نسمة. وباكستان 179 مليون نسمة. وتركيا 80 مليون نسمة. والعراق 36 مليون نسمة. ومجموع سكان الخليج 49 مليون ومئتي ألف نسمة. وروسيا 142 مليوناً ونصف المليون نسمة. إذاً، إيران واقعة في محيط سكاني يبلغ زهاء 547 مليون نسمة.
وربما وجد الإيرانيون في الجار الباكستاني، النقطة السكانية المجاورة الأكثر صعوداً (فضلاً عن العراق). فهي الدولة الخامسة من حيث الكثافة السكانية في العالم بعد الصين والهند وإندونيسيا والولايات المتحدة، وقد تصبح الرابعة عالمياً في العام 2030.
لذا، فإن طهران ترى أن حضورها كقوة سكانية في المنطقة، هو أحد عناصر القوة لها، والتي تجعلها خزاناً لأية مشاريع عسكرية أو اقتصادية مستقبلاً. لكن هذه النظرة، ليست دقيقةً إذا ما اعتبرها الإيرانيون عامل قوة مضاعَفَة، مفصولة عن المسائل الأخرى المتعلقة بالتعليم وتماسك الطبقات الاجتماعية وبالتحديد الطبقة الوسطى.
الملاحظة الثانية: يعتمد الإيرانيون كثيراً على النشء الصاعد في تقوية مؤسسات الدولة والثورة (بالذات) عبر إدخاله ضمن قاطرة البناء العقائدي للجيش والأمن وقوات الحرس الثوري والنشاطات الثقافية المحافظة، وكذلك في بناء مؤسسات صناعية رديفة.
وإذا ما عَلِمنا أن جيل الشباب في العام 1979، الذي اعتمدت عليه مؤسسة الجيش والحرس والاستخبارات والأمن قد شاخ الآن، وأن الجيل الثاني قد وصل إلى سن الـ 35 عاماً، وأن مَنْ وُلِدوا بعد العام 1987 قد وصلوا إلى سن الـ 27 عاماً ضمن نهاية النسبة المئوية العليا للإنجاب (3.7 في المئة) فإن ذلك يعني أنهم يتطلعون لإنتاج جيلين آخرين بحلول العام 2050 لذات الغرض. وهو ما يدفعهم إلى تغيير سياستهم السكانية بشكل عاجل.
أيضاً، يُدرك الساسة في إيران، أن المرأة الأمّيّة تنجب أطفالاً يتراوح عددهم ما بين ثمانية وتسعة أطفال، في مقابل المرأة المتعلّمة التي يتراوح إنجابها ما بين الثلاثة والأربعة أطفال، وهو ما يعني أن طهران ستقوم بالتركيز على المناطق الريفية المتبقية، بعد أن نزح كثيرٌ منها باتجاه أطراف المدن بهدف العمل أو طلباً في حياة أكثر تمدناً.
كما تجب الإشارة هنا، إلى أن المشاكل الاجتماعية في إيران، وبالتحديد قضايا المخدرات، والثقافة الجديدة التي أنتجتها حقبة الإصلاحيين إلى ما قبل العام 2005 قد استقطبت العديد من الشباب الإيراني، وهو ما يجعل المؤسسة المحافظة في إيران، تعيد التفكير في إنتاج سياساتها الاجتماعية والثقافية، للحصول على جيل يؤمن بأفكار «ثورية نقية».
لكن، هذا الأمر قد يكون جالباً لمشاكل أخرى، إذا ما لم تُسوَّ قضايا البطالة ويعاد إنتاج البرامج الأسرية من جديد، ويتم إنهاض الوضع الاقتصادي في إيران.
إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"العدد 4261 - الأربعاء 07 مايو 2014م الموافق 08 رجب 1435هـ
العزيز
الشعب الإيراني شعب يحب قيادته العادلة ويثق فيها ويأتمر بأمرها . فلو دعت الحاجة لزيادة عدد سكانها ما راح إجنس مرتزقة لقمع الشعب الإيراني. فقد يدعو النساء الإيرانيات ولي أمر المسلمين السيد الخامنئ المعظم. وسوف تسمع ما لا تطيق منهن ممكن أن تزوج كل إمرأة زوجها ثلاث وهي الرابعة إمتثالا لأوامر سماحته . وسوف يكون التحدي في الإنجاب . الشعب الإيراني لا يهزم في المعارك ، فكيف في الإنجاب .
بعدك مقتنع
استاذنا العزيز كل اللي كتبته في السابق عن إيران لم يجدي نفعا ولم يكن صحيحا ولا واقعاً ولا زلت تصر في الكتابة عن إيران ، اخي العزيز ابحث عن مواضيع أخرى تستفيد وتفيد افضل لم من المتابة عن ايران ، على الأقل استفد من توجيهات الآخرين والردود التي ترد عليك ولا واحدة في صالحك، هل كلهم لا يفهمون ولا احد يفهم الا انت
كلهم
وليش معترض
يا اخي ما يعجبك لا تقرء
احنا يعجبنا ونحب نستفيد من تجارب دولة قوية مثل ايران مهما كان مذهبها وتوجهاتها
لوعت جبدنا
لوعت جبدنا ماعندك غير ايران وايران احنا وش نبغي بايران ؟؟؟اخوي اكتب شي مفيد ينفع الناس في البلد هني ///مالنا شغل في ايران...
لصاحب اللوعة من الكتابة عن إيران اقول
تقلدون مراجعهم وتزورون مشهد وقم وتشترون منتجاتهم وتتابعون اخبارهم وبعدين تقول لاعت جبدكم من مقالات عن إيران!!!! انفصام في الشخصية
اسمح ليي عزيزي
تحليل غير منطقي المقال للنص بعدين ......
دو كافي
ذكرتني بنكتة جملة "دو كافي " التي كان تملئ شوارع ايران في فترة ما بعد التسعينات، وكنا نظنها دعاية لمقاهي مثل التي عندنا لاميزون دو كافيه حتى فهمنا ان الجملة هي لتحديد النسل بمولودين فقط.
استعراض
استعراض لا فائدة منه
سياسة غير منتجة
شعر بالفارسية يقول: محارب متمرس افضل من الف سواد في الجيش. الكثرة في العدد غير منتج. الافضل رفع تدريب و مستواه و بذلك يتطور الشعب بدلا من كثرته دون إنتاجية. من الواضح بان اصول التخطيط معدومة في أذهان الداعين لزيادة السكان.
للزائر رقم 3 استعراض
القراءة الخطأ تعطيك نتيجة خطأ
تورطنا في البحرين بهذه السياسة
سيتم التنافس معهم بتجنيس المزيد هنا لمعادلة النسبة هناك إنجاب طبيعي وهنا استيراد مقال يوضح الأقلية والاكثرية في الخليج والإقليم هناك ياخدونها بأسلوب علمي لتجديد فتوة شعبهم وهنا ياخدونه منحى سياسي طائفي لاستبدال شعب
عرفت شيئا وغابت عنك أشياء
مطلب زيادة عدد السكان في إيران ليس بالأمر المستحدث وأن توقف أوًخف زخم التشجيع عليه لأسباب ولكنه لا يرال حاضرا في برامج القيادة والحاجة إليه ليست بالمعنى الضيق التى توصلت إليه وللعلم فإن سكان إيران لا يشغلون سوى مساحة محدودة من جغرافيتها وهي بلا شك تحتاج لضعفي العدد الحالي وأخيرا يحق اها الزيادة فسعب كالشعب للإيراني جدير بأن تباهى به الأمم.