قال أستاذ القانون الدولي العام بكلية الشريعة والقانون بفرع طنطا لجامعة الأزهر الشريف محمد عبدالصمد مهنا إن «الناظر للخريطة العالمية لا يكاد يسجل حرباً مشتعلة، ولا كارثة مفجعة، ولا حريقاً مضرماً، ولا فقراً مدقعاً، ولا وطناً مستباحاً، ولا دماً مسفوحاً، ولا إنسانية ممتهنة، ولا حقوقاً مهضومة، ولا فوضى عارمة، ولا كرامة ذليلة إلا وموطنها بلد إسلامي إلا فيما ندر، والأمم المتحدة لا تملك نفعاً ولا ضرًّا، بل كثيراً ما تُستخدم لتقنين الظلم، وتبرير الجرائم».
وذكر مهنا في ورقته التي قدمها يوم أمس الأربعاء (7 مايو 2014) في جلسات مؤتمر حوار الحضارات بفندق الخليج بعنوان «القانون ودوره في تنظيم العلاقة بين أتباع الحضارات والثقافات المتنوعة» وذلك ضمن المحور الرابع الذي كان بعنوان «حقوق الإنسان والديمقراطية ثمار للحضارات الإنسانية» أن «ما يجري على الساحة العربية الإسلامية من مآسٍ وأحداث الآن ومنذ عقود مضت إلا غيض من فيض يُؤكِّد أن القانون الدولي المعاصر لا يعدوا أن يكون نوع من الكتابات الأدبية بينها وبين القانون أمداً بعيداً، بما يكفي لأن يتساءل المرء ليس عن شرعية التنظيم الدولي المعاصر فحسب، بل عن جدوى الاستمرار في سلك هذا التنظيم خاصة بالنسبة لمجموعة الدول العربية والإسلامية التي تشكل عدداً لا بأس به في هذا التنظيم».
واستدرك أستاذ القانون الدولي «ولكن الأمَرُّ من ذلك كله أن نجد لهذا الواقع المأسوي في المقابل صورة مثالية في مواثيق المنظمات الدولية، وفي كتابات رجال القانون الدولي، فعلى العنف والقوة والهيمنة والنفوذ والفوضى السائدة في العلاقات الدولية نجد هذه النظرية الحالمة بنظام سلمي متناسق مؤاتٍ لازدهار الجميع. ولكنها فيما نرى مثالية «العجز القانوني» لا مثالية المبادئ والقيم»، وأشار إلى أن «حرية التعبير احترام لنعمة الإدراك والبيان التي حبى الله بها الإنسان، إلى الحد الذي لم يجعلها الله تعالى حقاً لإبداء الرأي فحسب، بل واجباً من واجبات الأمة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وخصيصة من خصائصها، وأكثر من ذلك، إن أفضل أنواع الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر».
وشدد مهنا على أن «حرية التعبير بمعنى الإثارة والفتنة والكذب والفحش وسوء الظن فليس من الإسلام في شيء»، لافتاً إلى أن «حقوق الإنسان في الإسلام لا تعني الإنسان مجرداً عن أبعاده الإيمانية الغيبية التي جعلت منه إنساناً، وأن تصوُّر حقوق الإنسان بهذا البُعد الغيبي، هو الشرط الحتمي لعالمية حقوق الإنسان، ومن ثم فإن محاولة إقامة نظام عالمي استناداً إلى حقوق الإنسان بذلك المفهوم المبتور للإنسانية بعيداً عن حقائقها السماوية الراسخة، فكرة وهمية تتسم بالسذاجة والسطحية ويعتريها التناقض والغموض».
وبيّن مهنا أن «السمة العالمية للمبادئ التي يتمحور حولها النظام الدولي وتتناغم بمقتضاها كل الأنظمة المختلفة في العالم، لا يمكن أن تكون قضية آراء شخصية ترتبط بالتقديرات التحكمية لسلسلة القيم الإنسانية السائدة في عصرٍ من العصور أو حضارةٍ من الحضارات.
العدد 4261 - الأربعاء 07 مايو 2014م الموافق 08 رجب 1435هـ