تشكل اقالة رئيسة الوزراء التايلاندية ينغلاك شيناوترا التي دينت باستغلال السلطة الاربعاء (7 مايو / أيار 2014) نصرا رمزيا مهما للمتظاهرين الذين كانوا يطالبون باستقالتها منذ اشهر، حتى وان كانت حكومتها ما زالت عمليا تدير مقاليد البلاد.
وفور اعلان المحكمة الدستورية اقالتها، تم استبدال ينغلاك شيناواترا بشخصية من الصف الثاني من حكومتها وهو وزير التجارة نيواتومرونغ بونسونغبايسان الذي يشغل منصب رئيس الوزراء.
وفي كلمة متلفزة اخيرة، قالت رئيسة الوزراء التي اطاحتها قضية تافهة تتعلق بنقل موظف كبير، "دائما ما تمسكت بالقانون ولم اتورط ابدا في قضايا فساد او محسوبية".
وصرح رئيس المحكمة شارون انتاشان خلال تلاوة الحكم الذي بثت وقائعه على التلفزيون مباشرة ان "القضاة قرروا بالاجماع ان ينغلاك استغلت سلطتها كرئيسة للوزراء" لنقل موظف كبير "بطريقة غير قانونية" من اجل "مصلحتها" الخاصة.
وتلقى المتظاهرون المحتشدون في حديقة عامة بوسط بانكوك بالهتاف والرقص اقالة ينغلاك وتسعة من 34 وزيرا.
وفي المحكمة الدستورية، رحب المتظاهرون المعادون للحكومة والموجودون في الشارع منذ ستة اشهر بالقرار عبر اطلاق الهتافات. وقال احدهم "انا سعيد حتى لو ان القرار لا يشمل الحكومة كلها".
وبات رحيل ينغلاك حتميا كما قال المحللون لارتباط اسمها باسم شقيقها ثاكسين شيناواترا رئيس الوزراء السابق الذي اطاحه انقلاب في 2006.
ويمكن ان يتيح رحيلها تخفيف الازمة لان ابرز الوزراء اقيلوا معها.
لكن التظاهرات المقررة لدى المعسكرين في الايام المقبلة لم تلغ، مما يحمل على التخوف من امكان حصول اعمال عنف جديدة، فيما اسفرت الازمة حتى الان عن سقوط اكثر من 25 قتيلا خلال الاحتجاجات المستمرة منذ ستة اشهر.
لكن الوضع لم يتغير كثيرا عمليا مع رئيس وزراء انتقالي وحكومة مستمرة حتى ولو مبتورة، لان المحكمة الدستورية لم ترغب في احداث فراغ دستوري كان يفترض ان تؤدي اليه اقالة الحكومة بكامل وزرائها.
وقال رئيس الوزراء فونغثيب ثيبكانجانا "سيعقد اجتماع لمجلس الوزراء الجمعة لتسليم الوزراء الباقين المناصب الجديدة".
ولا يزال المتظاهرون الذين يعتبرون ان ثاكسين ما زال يحكم عبر شقيقته على رغم نفيه، يريدون استبدال الحكومة ب "مجلس للشعب" غير منتخب.
وقد اقالت المحكمة الدستورية حتى الان رئيسي وزراء مقربين من ثاكسين في 2008، فيما شكك الكثيرون الاربعاء في استثناء ينغلاك من قبل قضاء متهم بالانحياز.
يأتي هذا الفصل الجديد من الازمة السياسية فيما لا يوجد برلمان منذ حل البرلمان السابق في كانون الاول/ديسمبر 2013.
وابطل القضاء الانتخابات التشريعية التي اجريت في الثاني من شباط/فبراير بسبب عرقلتها من قبل المتظاهرين.
وتم تحديد موعد جديد للانتخابات التشريعية في 20 تموز/يوليو.
من جهتها وعدت حركة القمصان الحمر الموالية لتاسكين شيناوترا بالنزول الى الشارع مجددا في حال حصول "انقلاب قضائي" جديد ما يثير مخاوف من اعمال عنف جديدة.
ومنذ انقلاب 2006 انقسم المجتمع بشكل كبير بين الطبقات الريفية والمدنية الفقيرة في شمال البلاد وشمالها الشرق المخلصة لتاكسين، ونخب بانكوك التي تدور في فلك القصر الملكي وتكره رئيس الوزراء السابق.
والبلاد غارقة في دوامة من الازمات المتتالية التي ادت الى الاطاحة التدريجية بانصار الثري المنفي.
"لكن في هذه المرحلة من المستحيل معرفة ان كان القمصان الحمر سيبدون مقاومة كبيرة كما يتوعد بعض قادتهم" على ما اكد مايكل مونتيسانو من معهد دراسات جنوب شرق اسيا في سنغافورة.
في 2010 احتل القمصان الحمر وسط بانكوك طوال شهرين مطالبين باستقالة ابهيسيت رئيس الوزراء آنذاك قبل ان يخرجهم الجيش منها.
من جهة اخرى تواجه ينغلاك استجوابا امام لجنة مكافحة الفساد بتهمة الاهمال في اطار برنامج مختلف عليه لمساعدة زارعي الرز. ويمكن ان تؤدي هذه القضية الى منعها من ممارسة الحياة السياسية لمدة خمس سنوات.