العدد 4260 - الثلثاء 06 مايو 2014م الموافق 07 رجب 1435هـ

العُمَر سائق التاكسي... القاصُّ في شيكاغو... يُصدر كتابه قريباً

فضاءات (الوسط) - جعفر الجمري 

تحديث: 12 مايو 2017

كتب الصحافي في "نيويورك تايمز"، لاري بوتر، في عدد الثلثاء (6 مايو/ أيار 2014) تقريراً تتبّع فيه سيرة سائق سيارة الأجرة، أسامة العمر، الذي لم تحل مهنته دون أن يصبح كاتباً للقصة القصيرة جداً، متناولاً الشئون السياسية والاجتماعية.

يتمتع الكاتب السوري، أسامة العمر بشهرة متنامية في العالم العربي، باعتباره متميزاً في كتابة القصص القصيرة جداً، تلك التي تتعلق بالقضايا والأوضاع الاجتماعية والسياسية. ولكن هنا؛ حيث يعيش في المنفى منذ العام 2008، يقضي العمر معظم وقته كسائق سيارة أجرة لدى شركة هورايزون تاكسي.

ما يصل إلى 12 ساعة عمل يومياً، وعلى امتداد ستة أيام في الأسبوع، يجوب ضواحي شمال غرب مطار أوهير بسيارة الأجرة الزرقاء التي يقودها، بصحبة عدد من القواميس وكتب جبران خليل جبران، التي تكون مكدّسة إلى جانبه، وحين يصطف في الطابور كي يأخذ دوره في نقل الركّاب، يسحب دفتر مذكرات محاولاً الكتابة.

قال العمر، الذي سيحتفل بعيد ميلاده السادس والأربعين يوم السبت المقبل (10 مايو الجاري): "" قيادة سيارة أجرة هو عمل شاق وصعب جداً، لأنه من الناحية النفسية يأخذني بعيداً عن الكتابة"".

وفي مقابلة أجريت معه مؤخراً هنا في أحد المقاهي وفي سيارته، قال: "إنه نوع من المنفى الروحي أن أذهب إلى منفاي الجسدي. ولكن يجب أن أكون قوياً. يجب أن أكون صبوراً"".

يوما السبت والأحد، تُرجم الكتاب الأول للعُمَر "كاملُ الدمِ العربي"، إلى اللغة الإنجليزية، ونشرته مؤخراً دار ""الاتجاهات الجديدة"، يأخذ قسطاً من الراحة بعيداً من ذلك الروتين المرهق لحضور مهرجان أصوات أدبية عالمية، الذي تنظمه رابطة القلم العالمي (PEN) في نيويورك. شارك العُمر في فعاليتين: ""الإبداع والحرفية في اللجوء السياسي"" وذلك يوم السبت، ويوم الأحد بعد الظهر في حديث مع الكاتبة الأميركية ليديا ديفيس، معية الكاتب الآيسلندي إس جون.

وقالت ديفيس: "إن قصص العمر القصيرة جداً تتمتع بإبداع حي مبهج ومبهر". "بعض قصصه كئيبة وسوداوية ومليئة بالغضب، في حين أن البعض الآخر مضحك. ثمة قدرة على المزج بين كل تلك الحالات والانفعالات. لا يوجد تبديد وإضاعة للكلمات. كل تلك الكلمات تذهب بشكل خاطف من لحظة إلى أخرى، ومن حال إلى أخرى، وهكذا حتى الوصول إلى النهاية؛ بحيث يحمل كل ذلك التكثيف في اللحظات والحالات، ما يشبه الانفجار، مترافقاً مع ما يشبه الصدمة الارتدادية، لأن القصص تلك تبدو وكأنها تحكي قصة واحدة، وفي الوقت نفسه، كأن القصص تلك تقول شيئاً آخر غير الذي يبدو عليه الأمر ظاهراً"".

يرى أسامة العمر، بأنه وريث لنموذج أدبي يعرف بالقصة القصيرة جداً، ويعود تاريخها – بحسب قوله - في العالم العربي إلى أكثر من 1000 عام، وتحتوي عناصر بين الشعر والفلسفة والحكاية الشعبية والاستعارة.

وصدر "كامل الدم العربي" واقعاً كجزء من سلسلة شعرية تتضمن عملاً للورانس فيرلينغيتي، وهيلدا دوليتل، وتشغل القصص في الكتاب مساحة لا تزيد على ثلاث صفحات، بعضها يتكون من جملة واحدة فقط.

ووصف الأستاذ في جامعة كولومبيا والناقد الأدبي الذي يشغل أيضاً منصب رئيس تحرير مجلة الأدب العربي، محسن الموسوي، هذا النوع الأدبي الذي تبنّاه واحتضنه العمر بأنه ""مماثل للغز أو هو لغز"، ولكن ""يتطلب ذلك مستوى عالياً من النثر على هذا النحو الذي نشهده في قصصه".

وأضاف "ذلك النوع يوفر وسيلة للخروج على الكثير من القيود والمعوقات دون أن يكون ذلك واضحاً ومعايناً".

تستفيد قصص العمر من الغموض، وخصوصاً حين يتم توظيفه في المشهد والقضايا السياسية.

يتذكر مترجم كتاب العُمَر، سي جى كولينز، أول لقاء جمعه بالكاتب في العاصمة السورية (دمشق) في العام 2007، بأن الرئيس السوري بشار الأسد خفف القيود نوعاً ما على التجمعات الخاصة، وكان العمر، منتظماً في حضور بعض الصالونات التي يتناول فيها المتحدثون والمدعوون الموضوعات السياسية والثقافية والاجتماعية، ويوجهون فيها انتقادات مباشرة للدكتاتورية هناك.

""وفي المناقشات التي ستأتي فيما بعد، تبرز قصص أسامة العمر وبشكل تلقائي عبر تناولات فكرية وبطريقة شاعرية"، أشار كولينز .

وأضاف ""في الولايات المتحدة، يتم وضع الأدب في الدرجات الدنيا حين نصفه بالنفعي، ولكن بالنسبة لي كان لافتاً جداً أن نرى العُمر وضع أساساً قوياً وملموساً بمثل التوظيفات التي يستخدمها في عمله"".

ولد أسامة العمر في العام 1968 في دمشق، حيث كان والده أستاذاً للفلسفة ووالدته معلمة في مدرسة ابتدائية. قرأ على نطاق واسع من مكتبة والديه، ودرس الأدب العربي في الكلية وغنى وعزف على الغيتار في فرقة شعبية. وعندما بثت الخدمة العربية لهيئة الإذاعة البريطانية قصيدة كتبها، أصبح مقتنعاً بأن لديه مستقبلاً ككاتب.

ويشير العمر إلى أن الفضل في ذلك يرجع في جانب منه إلى التنشئة، ويقول: "أنا مهتم بالحركات السياسية والاجتماعية، وخاصة في بلدي؛ بل في الشرق الأوسط عموماً. أنا كشخص علماني، أومن بالديمقراطية والحرية الفردية. هناك الكثير من الاضطهاد والقمع"".

سئل العمر الذي يتحدث الانجليزية بطلاقة عن الأشخاص الذين تأثر بهم في كتابته، فأورد عدداً من الأسماء كان من بينها الشاعر اللبناني جبران خليل جبران في كتابه ""النبي"" كما استشهد بإرنست همنغواي والروائي البريطاني كولن ويلسون وكافكا.

بعد ساعات طويلة خلف عجلة القيادة التي تحدّ من فرص الكتابة، تتيح له فرصة التعرف على أشخاص آخرين من الركّاب الذين لا يعرفون شيئاً عن قصته، وغير مهتمين بالحريق السوري!





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً