العدد 4259 - الإثنين 05 مايو 2014م الموافق 06 رجب 1435هـ

الأمير الحسن: خطاب الكراهية صناعة ثقيلة تدرّ الأموال على القلة

قال صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال، خلال كلمة في افتتاح مؤتمر حوار الحضارات والثقافات: «إن خطاب الكراهية الذي يعيش على البغضاء أصبح صناعة ثقيلة تدر الأموال على فئة قليلة من الناس وتجلب الدمار على البشرية جمعاء، ويغذي الفتنة ويدفع للنزاع والصراع والحروب، ويقود إلى الفرقة والتجزئة. وإذا كان اللقاء السياسي مستحيلاً في ظل أوضاعنا الحالية، فهل لنا أن ننادي بلقاء أخلاقي يدعو للوسطية والاعتدال تجديداً لدعوتنا التي سبق وأن أطلقناها من المنامة في منتدى الفكر العربي مؤتمراً عن الوسطية؟».

ورأى الأمير الحسن أن الدول العربية اليوم تمر بأوقات عصيبة تغلّب فيها العنف على الحوار، وتراجعت الرحمة أمام سطوة الكراهية والانتقام، مشيراً إلى الحاجة إلى فهم جديد لطبيعة الثقافة والحضارة.

وبيّن أن انعقاد مؤتمر الحضارات في خدمة الإنسانية يعد فرصة تتيح تدارس المسيرة العربية والإنسانية، والإنجازات على صعيد الحوار الحضاري في ضوء التحديات والتحولات الكبرى التي يمر بها العالم. وأوضح أن موضوع الحوار بين الثقافات داخل الحضارة الإنسانية الواحدة من أبرز القضايا، التي تشغل بال المفكرين والباحثين في الوقت الراهن.

وشدد على ضرورة ألّا يقتصر حوار الثقافات في الحضارة الإنسانية الكونية على التنظير، وإنما يجب أن يعظم الجوامع وفق رؤية ناظمة لفهم الحقيقة والمشتركات، وأن يكون متجسداً في التضامن والتعاون بين كل بني الإنسان مهما كانت أديانهم أو أعراقهم أو ثقافاتهم.

وقال: «في الوقت الذي يجتهد فيه المخلصون لتعظيم الجوامع يعمل آخرون على تعميق الخلافات وتشجيع النزاعات والصراعات، زاعمين بحتمية المواجهة بين الغرب والشرق، خاصة مع العرب والمسلمين مما زاد حملات التهجم على الثقافة العربية الاسلامية». فيما أكد أن القرآن حثّ على احترام التعددية وقبول الاختلاف حتى في البحث عن الحقيقة، وأن الأنبياء لهم شرائع متعددة تنسجم مع حاجات أقوامهم ومشكلاتهم ولغاتهم المختلفة. وأشار إلى أن أحد أهم أسباب رفضنا لعملية «ضم القدس»، هو قتل روح التعددية التي انطوى عليها تاريخ المدينة المقدسية، والتي جمعت بين أحضانها اليبوسيين والكنعانيين وأتباع الأديان المختلفة. وأكد أنه يجب أن نركز على رسالة الاعتدال والتعددية الإنسانية التي ينادي بها الإسلام، وأن نكون فاعلين في نشر الإسلام المعتدل واحترام التنوع، وأن نكون فاعلين في السعي نحو السلام لنكون مخلصين في رسالتنا، داعياً إلى ضرورة أن تحتفظ البلاد العربية بطاقات أبنائها وكفاءتهم وعقولهم في وجه الهجرة والتهميش، وأن تهيأ لهم بيئة سليمة من السلام الحقيقي نابعة من القلب والعقل، مشيراً إلى أنه في ظل الحضارة الإنسانية الكونية المتنوعية والمتعددة الثقافات ليس من الصواب النظر إلى الانتماءات الأضيق القبلية والعشائرية والطائفية والجهوية، فهي بديل يعكس غياب دولة المواطنين، ولكن لابد أن تطور الهوية الوطنية وتراجع الانتماءات القبلية بموازاة تحرك الدولة الوطنية نحو دولة المواطنين بعدالة تتجاوز الأسماء والأعراق.

ولفت إلى أن تطوير الحوار على المدى البعيد يسهم في إيجاد ثقافة سياسية ومجتمعية تكون غنية بالتعددية، ويتم فيها إيجاد نظام إنساني أخلاقي وفهرس عالمي مشترك للقيم الإنسانية، موضحاً أن العالم الإسلامي زاخر بالموارد البشرية والمادية، وما نحتاج إليه هو الاستثمار الذكي لهذه الموارد وتنميتها استناداً للقيم الإساسية الدينية والإنسانية، بما فيها التكافل الاجتماعي والزكاة ودافع التنمية الاقتصادي.

ونوه إلى الحاجة لتأسيس نظام مستدام لتلبية حاجات المسلمين على مستوى العالم الإسلامي، مثل مؤسسة عالمية للزكاة والتكافل أو صندوق إقليمي للتضامن، مثمناً جهود العلماء المسلمين أمثال ابن رشد والفارابي وابن البيطار وابن سينا في الحضارة الإنسانية، وفي مختلف العلوم، ودورهم في ترجمة المؤلفات اليونانية والفارسية والهندية، الذي أسهم في الحفاظ على التراث المعرفي للشعوب الأخرى، وتواصل التراكم المعرفي الإنساني الذي تقوم عليه الحضارة الكونية.

العدد 4259 - الإثنين 05 مايو 2014م الموافق 06 رجب 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً