العدد 4258 - الأحد 04 مايو 2014م الموافق 05 رجب 1435هـ

زغيدور: فكرة "التعايش والحوار" بين مختلف الثقافات والحضارات أصبحت شرطاً لاستمرار البشرية

قال رئيس تحرير قناة tv5 mond الفرنسية سليمان زغيدور إن فكرة «التعايش/ الحوار» بين مختلف الثقافات والحضارات أصبحت شرطًا لازمًا وحاسمًا لاستمرار البشرية، مضيفًا أنه ليس هنالك خيار بديل عن التعايش بين مختلف ألوان الطيف اللغوي والديني والثقافي، ليصبح التنوع ظاهرة طبيعية وحتمية لا يمكن الرجوع عنها.

وفي ورقته التي قدمها ضمن جلسات مؤتمر حوار الحضارات والثقافات التي انطلقت فعالياتها صباح اليوم الإثنين (5 مايو/ أيار 2014) الخامس من مايو الجاري «اختلاف الحضارات سبيل إلى تحالفها»، بدأ زغيدور بـ "العزلة والانغلاق" معتبراً إياها أبرز المفردات التي أسهمت في إرباك علاقتنا بالآخر.

واستدرك في السياق ذاته من خلال ما طرح في ورقته: «لا نستطيع أن نتحاور مع أنفسنا. لنتحاور، كما يتحاور الزوجان، كما يجب أن نكون على الأقل اثنين، مستقلين، مختلفين وخاصة متكاملين. لا الفرد، ولا المجموعة ولا الثقافة أو الحضارة تطور في الوحدة ولا زادت قيمته في انعزال رائع، لا يمكن أن نعيش منزوين بأبواب ونوافذ مغلقة. لكلي يزدهر الإنسان هو بحاجة للإنسان، فكره يتغذى من تنوع الكون ومن تنوع ساكنيه أولا، لغاتهم، طقوسهم وعاداتهم. نحن لا نحيا إلا في نظرة الآخر، نحن لا نتطور ولا نتقدم إلا بالنسبة للآخر، للجار، للغريب، صديقًا كان أو عدوًّا. لذلك تعلم ابن آدم بالفطرة، منذ صباح العالم الأول، أن التبادل هو الحياة، أن التعاون و التقاسم هما شرطا البقاء، وأن التعايش مع أمثاله مفروض على الجميع».

وفي مقابل تلك الدعوات التي تبحث في شأن تأسيس علاقة العالم الإنساني وفق تلك القواسم المشتركة، التي تنبني من خلال جملة من المفاهيم كــ «التعايش/ الحوار/ الالتقاء» كانت هناك تلك الدعوات والجهود التي تسعى إلى تحقق «الانقسام» بين العالم، هكذا ذهب زغيدور في حديثه مستطردًا ومشيرًا إلى أنه «منذ نهاية الحرب الباردة، أي منذ 23 عامًا، تم تشييد 26 ألف كيلومتر من الجدران الحدودية بين البلدان، مما يعني أن نصف الكرة الأرضية تم تسويرها بين الشر».

وأضاف: «هذه الحدود الجديدة تضاف إلى 240 الف كيلومتر من الحدود الرسمية الدولية، التي تفصل بين 193 دولة عضو بالأمم المتحدة، أي أنه يوجد اليوم 270 ألف كيلومتر من الحدود».

«الانقسام» هذا، يرجعه زغيدور إلى فكرة «الصراع»، فالإنسان كما يقول: «تعلم منذ البداية كما في قصة قابيل وهابيل، أن الصراع متأصل في الطبيعة البشرية، أن الإنسان رغم حرية الاختيار ليس فقط كائنًا عاقلاً و لطيفًا. هو أيضًا كائن له عواطف، عقل ضعيف وينجرف وراء غرائزه البدائية التي قد تجعله قادرًا على الأسوأ بما في ذلك رفض تام للآخر، اضطهاد للجار أو قتل للأخ».

إلا أن التحاور –أيضًا- قديم قدم الصراع، هنا يحاول زغيدور أن يشير إلى حجم التعقيد الذي يعيشه إنسان هذه الأرض، فمفردة الحوار/ الصراع قطبا رحى «لا يفترقان كالتوائم السيامية. ما يميز التحاور أنه كان وسيظل الطريقة الأكثر حكمة والأكثر نجاعة لحل الخلافات بين الأفراد والشعوب والبلدان. وما نسميه حضارة ما هو إلا التطور الذي عرف واستطاع الإنسان تحقيقه والمحافظة عليه كي يحل الخلاف بالحوار بالتشاور وأخيرًا بالوفاق. الحضارة هي تفوق الثقافة على الطبيعة، تفوق المكتسب على الفطري، العقل على الغريزة، مفهوم الصالح العام على العاطفة الجماعية، والسلام على الحرب».

بعدها عرج على ذلك المفهوم الذي يسمونه «الحضارة!» محاولاً وضعه في سياق، يمكن للمعنى السليم أن يتموضع فيه، «مفهوم تناولناه مرارًا وتكرارًا دون أن نحاول تعريفه -الكلام هنا لزغيدور- لكن "التعريف الخاطئ للأشياء يزيد من فوضى العالم" كما يقول ألبرت كامو، الفرنسي من أصل جزائري الحائز على نوبل للأداب» ليكون سؤاله: «على ماذا نتحدث بالتحديد عند تناولنا هذا الكلمة؟ كلمة "حضارة" هي كلمة جديدة، فهي تعود إلى عصر الأنوار، ويتأتى من اللاتينية "سيڢيس" التي تعني "مواطن"، أصل أعطى في ما بعد مدني وتمدن. نلاحظ جيدًا أن أصل الكلمة لا يقصد به حيز ثقافي أو مجال ديني لكن فقط وضعية، مستوى، مرحلة من تطور الإنسان من طبيعته، من بدائيته، من توحشه».

بهذا المقياس -يرى زغيدور- بأنه لا يوجد إذن إلا حضارة إنسانية وحيدة وفريدة، عالمية تضم عديدًا من الثقافات المحلية الشعبية والدولية. كانت هذه الفكرة تهيمن على القرن التاسع عشر عندما كانت الأمم الأوروبية تسعى إلى استعمار البلدان المسلمة في إفريقيا وآسيا بإرادة معلنة في تهذيب شعوب العالم بنظرة طبقية وتطورية لدرجات الحضارة التي وصلت إليها هذه الشعوب.

يذكر أن مؤتمر حوار الحضارات والثقافات الذي تستضيفه مملكة البحرين جاء بمبادرة سامية ورعاية كريمة من لدن عاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ، وقد انطلقت أعماله صباح اليوم الإثنين ويستمر حتى يوم الأربعاء المقبل بمشاركة 150 مفكرًا من نخبة رجالات الفكر والثقافة وممثلي الأديان والعقائد وممثلي المنظمات الدولية من مختلف دول العالم.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً