وفقاً لأحدث الدراسات تبيَّن أن نسبة المبدعين الموهوبين من الأطفال من سن الولادة إلى السنة الخامسة من أعمارهم نحو 90 في المئة، وعندما يصل الأطفال إلى سن السابعة، تنخفض نسبة المبدعين منهم إلى 10 في المئة، وما إن يصلوا السنة الثامنة حتى تصير النسبة 20 في المئة فقط.
ما يجعل هذه النسبة تتناقص مع الوقت هو عدم الاهتمام بها وتنميتها من قبل أهالي الطفل ومعلّميه ومَن هم حوله بشكل عام.
وإذا ما عرفنا أن لكل طفل موهبة هي نتاج طبيعي لتفاعله مع البيئة من حوله ومع احساسه بما يرى ويسمع ويلمس، فإنه من الممكن أن تتحول أي موهبة إلى حرفة يحترفها الطفل في كبره، ذلك حين يحظى الطفل بالرعاية اللازمة ويستمر في صقل موهبته؛ فلكي يشغل المرء وظيفة يستطيع أن يبدع فيها يجب أن يعرف موهبته، ويعرف ميوله، وما يحب، وإذا ما عرفها منذ الصغر عن طريق مساعدة والديه أو معلميه في المدرسة، فإن ذلك سيسهل عليه الكثير من البحث والجهد، لأنه سيكون قادراً على القراءة والتطوير الذاتي منذ الصغر، وما إن يصل إلى العمر المطلوب لاختيار مساره الدراسي الجامعي سيكون قد ألمّ بالكثير من جوانب هذه المهنة التي كانت موهبة تشغل عقله ووقت فراغه.
ويأتي هذا الاكتشاف كخطوة أولى يتبعها الكثير من الاهتمام والتشجيع فـرُبَّ كلمة طيبةٍ، وابتسامة عذبةٍ، تصنع الكثير لدى مشاعر الطفل وأحاسيسه، لتكون بعد ذلك سبباً في التفوق والإبداع، حتى مع عدم توافر الدعم المادي في ظل البيئات الفقيرة، فكثير من المبدعين والمخترعين والفنانين كانوا من الفقراء المعدمين مادياً، الغنيين بموهبتهم وحب من حولهم وتشجيعهم.
كما يجب أن يعزز الأبوان لدى الطفل اهتمامه بهذه الموهبة حين يشعراه بأنه قادرٌ على تنميتها واستغلالها كوظيفة مستقبلية عن طريق مناداته بالمسمى الوظيفي منذ الصغر كأن يناديانه: يا معلم أو يا نجار أو يا قائد أو يا طبيب أو يا فنان، ليتعرف على الشعور الذي يصاحب هذه التسمية منذ نعومة أظفاره، ويتعزز لديه الانتماء لهذه الوظيفة.
ولا نغفل دور المعلمين في المدرسة؛ إذ يمكنهم كخطوة تالية أن يعطوا الأطفال أدواراً مسرحية من خلال المسرح المدرسي كلٌ بحسب موهبته وميوله، ويوفروا له كافة ما يحتاج ليظهر بمظهر الموظف الحقيقي من خلال تجسيده لدوره في هذه المسرحية أو تلك، إضافة إلى تأهيله علمياً عن طريق مشاركته في دورات ومحاضرات من أصحاب المهن والخبرات خلال فترة النشاط المدرسي.
وبعد أن يكبر الطفل قليلاً، بإمكان الوالدين شغل إجازة الطفل في العطلة الصيفية من خلال إلحاقه بالمؤسسات التي تحتضن المواهب للتدرب في هذه الفترة، ليتعرف على صعوبات المهنة ومميزاتها منذ صغره، ويتعزز لديه الشعور بالانتماء إليها وحبها.
من جانب آخر لا يمكن أبداً إغفال دور المعارض التي تعنى بالمهن، تلك التي تهتم بالإبداع إن كان الطفل موهوباً في مجال من المجالات التي لها علاقة بالفنون البصرية كالرسم والخزف والنحت، أو تلك التي تهتم بالنجارة أو الحدادة أو ما شابه، إضافة إلى الأمسيات الشعرية والأدبية والإعلامية التي تعزز لدى الطفل موهبته عن طريق الاطلاع على تجارب غيره.
هذه بعض الوسائل التي تعزز روح الانتماء لدى الطفل لمهنة ما وفقاً لموهبته التي يمتلك، ولم أتطرق لدور المناهج الدراسية في هذا الموضوع؛ لأنها دون المستوى بكثير وبحاجة لتطوير شامل لسنوات طوال كي تصل للمستوى الذي بإمكانه مساعدة الطفل في اختيار مسار عمله المستقبلي، ولكن بإمكان الوالدين تعزيز تلك الموهبة بقراءة الكتب التي تشرحها وتبين أهميتها، إضافة إلى توفير الكتب التي تصف المهن والوظائف بطريقة شيقة للأطفال.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 4258 - الأحد 04 مايو 2014م الموافق 05 رجب 1435هـ
سؤال
كيف نكتشف الموهبة لدى طفل حديث الولادة ؟
حلو
مقال نجن بحاجة اليه بعد ان غزتنا السياسة
جميل جداً
مقال في غاية الروعة، نشكرك على تسليط الضوء لهذا الوضوع، فرقي وصلاح أولادنا يرقى ويصلح مجتمعنا ، معاً نبني قواعد الوطن
لماذ الناس يقتلون الناس
لماذ الناس يقتلون بعض الناس ويسبون
رائعة
سلمت يمناك ،،