العدد 4258 - الأحد 04 مايو 2014م الموافق 05 رجب 1435هـ

سواعد بحرينيةٌ مخلصة تحكي تاريخ عملها في فيلم «إنك كادحٌ»

نشرت اللجنة الإعلامية بجمعية الهملة الثقافية الخيرية الاجتماعية فيلماً قصيراً باسم «إنك كادحٌ» على موقع «اليوتيوب»، بتاريخ (1 مايو/ أيار 2014)؛ وذلك تزامناً مع عيد العمال.

الفيلم الوثائقي القصير يحكي عن واقع العمل والمعيشة في حقبة الخمسينات، ويعرض نماذج من سيرة آبائنا وأجدادنا في البحرين، وقصة كفاحهم في مواجهة صعوبات الحياة وتوفير لقمة العيش الكريم؛ لاستلهام الدروس من تلك التجارب والمساهمة في توثيق تاريخ ما زال متصلاً بحاضرنا.

ويبيّن القائمون على الفيلم أنواع الأعمال التي كان يزاولها الآباء والأجداد في البحرين، مع مشقة وعناء الاضطلاع بها، كالزراعة وصيد السمك والبناء، كما يحكي الفيلم عن بداية التعليم في البحرين عند «لمعلّم».

ويحرص القائمون على الفيلم على نقل بساطة المتقاعدين، حيث ينقلون سردهم لقصص حياتهم العملية باللهجة الدارجة محلياً من دون تصرف.

أما الدور الأكبر فكان لعدسة الكاميرا التي أبدعت في التنقل ما بين ثلاجات بيع الأسماك، إلى خلف أوراق الزرع، وبين الكتب والأوراق، ومن فوق الأحياء السكنية والجسور العلوية للشوارع العامة، ومن ثم سوق السمك.

أما الزمن فيبدأ من قبيل شروق شمس صباح يومٍ في البحرين إلى سطوع تلك الأشعة ليبدأ يوم عملٍ تبنيه سواعدٌ بحرينيةٌ مخلصة.

المتحدثون في الفيلم، وهم فئة الكبار من الرجال المتقاعدين، تعكس صورهم الحيّة مشقة الأعمال التي مارسوها، حيث تكفي تجاعيد الوجه وسقوط عددٍ من الأسنان، وامتلاء الرأس بالشيب، لنقل حكاياتٍ جميلة عن ماضٍ أجمل. وبطبيعة أعمارهم، فإن حديثهم لم يخلو من الحكم والنصائح للمتلقين.

يبدأ الفيلم «إنك كادحٌ» حيث تسطُع أشعة الشمس على ثلاجات لبيع الأسماك، بجانبها وضِع ميزان، وبالقرب منهم يقف البائع مرتدياً زيه البحريني، بينما يطلب أحد المشترين تنظيف السمك، وقبل المغادرة يتبادل البائع والمشتري الدعاء بالصحة والعافية.

من ثم يأخذ مخرج الفيلم لقطات شروق الشمس على أحد الأحياء سكنية في البحرين، وبعدها تنتقل عدسة الكاميرا إلى الشوارع العامة، حيث تبدأ حركة السيارات بالنشاط، في ترجمةٍ لبدء يوم العمل، بينما يترافق ذلك، توجه أحد كبار السن إلى الخباز لشراء خبز الفطور.

الفيلم «إنك كادحٌ» يتخذ من الرجال الكبار في السن قدوةً في الحياة، إذ تتزامن بعض لقطات الفيلم القصير (8 دقائق) مع رجلٌ يبدو من صوته كبره في السن، إذ يقول وهو يُلقي عدداً من أبيات الشعر:

خِذ نصيحه من أناسٍ عارفين...

جرّبوا الدنيا ومرّوا بالصعاب

لا تغرّك قوتك من بعد حين...

صرت شايب وانتهى وقت الشباب

بعدها تتركز عين الكاميرا على وجه رجلٍ متقاعد، حيث تحكي ملامح وجهه سيرته العملية، وفعلاً يبدأ الحاج عبدالله المويشي (73 عاماً) مزارع متقاعد، بالحديث عن بداية حياته العملية وهو يتجول في بستان، فيقول: «أول ما اشتغلت عمري يجي 25 سنة، واشتغلت أول شي ويا خيلاني في الزراعة (...) اشتغلت 40 سنة، وعقب الزرايع اشتغلت في البلدية 18 سنة».

وفي حين كان الحاج المويشي يحكي تاريخ عمله الكادح كانت لقطات الفيلم تنقل عمله وتجواله في أحد المزارع، ويتزامن ذلك مع صوت زقزقة العاصفير.

الحاج خليل إبراهيم (72 عاماً) كان ممسكاً بـ «مخمّه» ذات عصاةٍ طويلة ويقوم بتنظيف رصيف الشارع، وكان يعمل بناءً. يروي الحاج إبراهيم قصة كدحه في الحياة فيقول: «اشتغلت في البنيان من يوم كان عمري 20 سنة إلى 45 سنة، اشتغلت بعدها في دلمون 23 سنة. وبعد كنت أتقاطع في شغلة البنيان».

وتتواصل اللقاءات مع المتقاعدين من المواطنين، ومن خلف مجموعة كتب، وبينما كان يخطُّ بيده إحدى الأوراق، ينقل لنا العاملون على فيلم «إنك كادحٌ» لقاءً مع الحاج سلمان سليمان (70 عاماً) سائق أجرة متقاعد، إذ يفيد: «عقب ما تزوجت في 1967، اشتغلت في الجيش 1968 مو جندي عامل (...)».

وينتقل الحاج سليمان -الذي كان يرتدي الثوب البحريني مع الغترة والعقال- للحديث عن عمله كسائق أجرة فيقول: «تكسي تطلع الصبح للظهر تطلع 10 – 12 دينار. واشتغلت فيها من 68 - 2006، ومن 2006 - 2013، أنا بدون عمل في البيت».

ومن منزل الحاج سليمان إلى أمام (بيك آب) وثلاجات حفظ الأسماك، حيث اللقاء مع بائع السمك الحاج محمد العريبي (72 عاماً)، الذي يقول: «كنت أجرف صوب المزارع من 60 سنة».

وقبل أن يتبدّد الظلام، يرافق الحاج العريبي منتجي الفيلم عند الساعة الثالثة فجراً وقبل طلوع الشمس معلناً أنهم يتوجهون إلى السوق المركزي حيث يبدأ العمل من هناك، ويضطرون لأداء صلاة الصبح في السوق.

رغم مشقة الأعمال السابقة، إلا أن الفيلم ينقل لنا أهمية معاني الرضا بما أنعم الله علينا إلى جانب الطموح إلى الأفضل، فالحاج المزارع المويشي يقول إنه يمثل جمعية المزارعين في البحرين، وإنه سافر إلى الأردن والكويت وقبرص.

أما قصة الطموح والإرادة فيعكسها الحاج سليمان، إذ يروي شقيقه الحاج عبدالله أن والدهما كان يعتمد على سليمان في العمل والكدّ، إلا أن الأخير، كان دائماً ما يطلب من شقيقه عبدالله تعليمه القراءة والكتابة، وفعلاً بدأ بالتعلم عن طريق تكرار كتابة الأسماء، بينما كان يؤدي عمله في المزارع.

أما بائع السمك فيعود لعدسة الكاميرا من جديد ويتحدث عن الزواج والفرق في المهور، حيث كان المهر 500 روبية، وينتهي بالثناء والشكر لله تعالى لزواجه ورزقه الذرية الصالحة.

ومن جديد يعود الحاج سليمان ممسكاً بالقلم، وبجنبه عددٌ من الكتب: فيقول هذه الأبيات:

ناس بالأول ما هو بهالزمان ألحين...

وتنظر بزمان أول تشوف الناس امأمنين

لا يقرون ولا يكتبون ولا يعرفون سين وجيم

على الله وعلى المطوع تشوف الكل يتزاحم

يعلمهم كتاب الله لكن قوم شوف شلون؟

كل من يحترم جاره وبلم الشمل يعتبرون

كل من يحب الثاني، تشوف الناس أعظمهم

وينتهي الفيلم بالبنّاء الحاج خليل إبراهيم، الذي يقارن بين الزمن القديم والحاضر، فيقول: «بس الأول لا.. أشيلك وتشيلني، لا حد يختلف على الثاني. وكل واحد قلبه نظيف (...) احنا يدنا وحدة وديرتنا هالقد، في إشارة لصغر البحرين».

لقطات من الفيلم القصير الذي أعدته اللجنة الإعلامية بجمعية الهملة الثقافية الخيرية الاجتماعية
لقطات من الفيلم القصير الذي أعدته اللجنة الإعلامية بجمعية الهملة الثقافية الخيرية الاجتماعية

العدد 4258 - الأحد 04 مايو 2014م الموافق 05 رجب 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 6:46 ص

      .......

      صح أنه قصير بس رائع، شكراً للجمعية وأهالي الهملة ^_^

    • زائر 4 | 1:56 ص

      اكثر من رائع

      الفيلم رائع وسلمت ايدي القائمين عليه والله يخلي ويحقظ آبائنا المكافحين

    • زائر 3 | 12:10 ص

      عمل أكثر من رائع

      مشقة هؤلاء الكبار في السن بادية على وجوههم وكلماتهم تحفر في القلب ذكريات الماضي.عمل فني رائع بلهجة جميلة فشكرا جزيلا لهكذا إبداع.يستحقون التكريم.

    • زائر 2 | 10:49 م

      بارك الله بهم

      طبعا هناك من الافلام البخرينية الهادفة كثيرة على اليوتيوب وبسواعد بحرينية فقط وهذا يثبت ان المواطن البحريني عنده من الطاقات الكثيرة في عدة مجالات
      والسؤال : لماذا لاتعرض هذه الاعمال في تلفزيون العائلة كما يسمونها ؟
      لماذا القنوات الاخرى تعرضها ونحن عندنا تلفزيون ؟
      والجواب اكيد تعرفونه-------------صح

    • زائر 1 | 10:11 م

      ابومحمد

      صباح الخير:
      خِذ نصيحه من أناسٍ عارفين...
      جرّبوا الدنيا ومرّوا بالصعاب
      لا تغرّك قوتك من بعد حين...
      صرت شايب وانتهى وقت الشباب
      كلمات تهز القلب

اقرأ ايضاً