في إحدى الجلسات الاجتماعية أخذنا الحديث في مساره عن مشكلات الأمهات ممن اخترن الجلوس في البيوت بعد الزواج والتخلي عن وظائفهن وأعمالهن ودرجاتهن العلمية العالية، وهن فخورات بممارسة دور الأم كاملاً.
دورٌ مُشرف من دون شك، لكنني وجدت أن بعضهن يصاحبهن الشعور بالندم والمرارة، وهن يسرن في طرق الحياة وتعرجاتها، وأنها لم تكن منصفة، وأنهن أضعن جل اهتمامهن وحياتهن في التضحية والعطاء، ووجدن في النهاية أنهن يتبعن السراب، بعد أن أكملن المشوار الطويل بدءاً من الحمل والولادة وثم التربية، وأوصلن أطفالهن إلى بر الأمان وبعد كل ذلك، يتفاجأن، بنكران دورهن في حياتهن من فلذات الكبد.
ولا أريد الخوض في المشاكل والمعاناة التي تخللت حياتهن مع أطفالهن، بدءاً من سنوات المراهقة إلى سنوات النضج ما بعد العشرينيات، على رغم ازدحام أفكاري بالكثير من المشاكل التي تستحق الوقوف عندها، ولكنني قد أدع ذلك إلى مقالاتٍ قادمة، وأُفضل التركيز على محنة تجاهل الأم لحياتها في هذه الفترات وإعطائها كاملة لأطفالها وعلى طبقٍ من ذهب، ومن دون أي إدراكٍ أو حساباتٍ للمستقبل، ما يؤدي لاحقاً لبعض الملابسات والتراكيب الحياتية على الصعيد الذاتي والشخصي والمهني، في أغلب الحالات.
في خضم انشغالها وحمل المسئوليات التي أنهكتها، لم تنتبه لضرورة الاهتمام بنفسها، أو لرغباتها للتوازن المطلوب لاحقاً، وتبدأ مشاكلها الحقيقية في الحياة بعد أن يكبر الأطفال وينشغلوا ويبتعدوا، ويطيروا من العش، ويبدأ هؤلاء الأطفال الكبار (adult children) بمحاولة الاعتماد على النفس، وخلع رداء الطفولة وتجاوز كل الأنظمة البيتية، وتكملة نضجهم بعيداً عن أعين الأهل كشيء طبيعي وغريزي.
شكت لي والدموع تملأ عينيها من الإهمال التام والشعور بالبعد والوحدة، والهجران من أطفالها الكبار، والتصرف من دون مشورتها أو الرجوع إليها في أي شأن بتاتاً، مما يزيدها ألماً وحسرة، وتبدأ بالشعور بالقلق وبأنها غير مرغوبٍ بها، وتبدأ بالبحث عن دورها بعد أن كانت ملء العين والبصر ومن أفنت شبابها لرعايتهم، وتجد أنهم أهملوها، وباتت تنظر للسماء الفارغة وهى تجلس وحيدة بلا ونيس ولا عمل أو مسئولية، ولا تعرف الوسيلة لملء حياتها وإعادة البهجة إليها.
هؤلاء الأمهات لم تعملن حساباً ليوم تطير فيه العصافير بعيداً عن العش، لتعلقها الشديد بعاطفة الأمومة وشئون أطفالها فحسب، ولم تضع الخطوط العريضة لتطوير حياتها، وبقيت قليلة الخبرة، من دون مواهب أو خبرات للعمل.
حينها تنسد الطرق ولا تعرف لها خروجاً من المأزق، ووقعت بجدارة في المطب الحياتي ألا وهو الوحدة، والعزلة والفراغ والأمراض، لأنها تكون في بداية المرحلةٍ العمرية الحرجة أو أوسطها من عدم التوازن الهرموني، مما يؤدي إلى بعض العصبية وتغيير المزاج و(hot flashes) والشعور بالتوتر الحراري، إضافةً إلى البداية في الإصابة بأمر اض الِكبَرمن البدانة والضغط والسكري والقلبْ... الخ، علاوةً على الأمراض النفسية بدرجاتها والتي ستغزوها؛ بسبب الوحدة والفراغ الحياتي والغير معمول حساب له، وإلى هنا أتوقف ولإيجاد الحلول، للحديث بقية...
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 4257 - السبت 03 مايو 2014م الموافق 04 رجب 1435هـ
من العمق
ارحب بك من العمق بهذا الاسلوب الشيق في الكتابه ومتابعة مشاكل مجتمعنا بل هي مشاكل عالميه يجب اعطاؤها اهميتها
الرجوع صعب
تقول الاخت المعلقه اشغال الوقت او استعادة المهارات شيئ مو سهل كثيرين يفقدون الصلاحيه في شهاداتهم مثل الطب والمحاماة والتمثيل مثلاً اذا توقفوا فتره طويله ويبدأون وهم كبار ممكن ولكن صعب علاوه عاى ان الجسم مو متعود على الشغل وستصادف الكثير من العراقيل لبعدها عن ذلك المجال
أستاذ سهيلة أهنييييييييييييييييك على هذا المقال
أستاذ سهيلة أهنييييييييييييييييك على هذا المقال أنا رجل ولقد ادمعت عيني وانا في العمر 30 كيف للمرأة و الرجل الذي تعدوا هذا العمر . و أتمنى الأستمرار بكتابة هذا المقال ونشره على كل الوسائل ربما يصيب هذا المقال امرأة و رجل و ينهضون من النوم و العطاء والعمل لا يعرف التقاعد والتقاعد مجرد كذبة النهاية و البداية وكل شخص يجب ان ينتبه الى نفسه .
شبابنا الضائع
لماذا لاتوجد لنا رعايه او مكان نتعالج فيه منةغدر الزمان ظلمنا روحنا بروحنا ياخسارة العمر واشباب اللي ضاع هدر
الحل بسيط
الانخراط في الأعمال التطوعية لمحاولة لملمة شتات أنفسهن أي النسوة اللاتي ضحين بوظائفهن، أو استرجاع مهاراتهن السابقة كالخياطة، أو القراءة الحسينية، والسفر وعندي أفكار كثيرة لهن.
جهود مع الرياح
لو انني اعرف خاتمتي ماكنت بدأت تترائى لي الايام متشابهه وغداره ولم يرحمني الزمان انتظرهم ولايأتون مالعمل اتوه في المجمعات ابحث عن من اكلمه ولجأت للدين اكثر وتحجبت علني اشفى ولكنني تائه ابحث عن الماضي الذي ضاعت فيه جهودي ودونما اي تقدير
ضائعه في الحياة
لم اكن اعرف ان كل اهذا سيحدث اعيش اكتئاباً حقيقياً والله ولا اعرف كيفية الخروج من المطب حقيقةً
مالعمل
انني احداهن لااعرف كيف اعيش ضعت وضاعت حياتي لانني وضعتهم في اولويات حياتي ثم ذهبوا وتركوني في الوحدة والعذاب انقذيني رجاءً ماذا افعل
مقالك رائع
يلامس أرض الواقع بقوة ،، ننتظر البقية ...