جعبة ليست بالقليلة هي ما حوت معرض الفنان محمد شرقاوي الذي افتتح في صالة مساحة الرواق تحت عنوان «مصنع الذكريات» مساء يوم الإثنين (21 أبريل/ نيسان 2014)، معرضاً يتميز بالبساطة الحسية والأبعاد المحدودة وبموضوعات تستنطق روح الفنان من واقع الشعبيات القديمة في محافظة الصعيد المصرية.
استفاد شرقاي كثيراً من إقامته في نيويورك، حيث ساعدته قريحته في المثابرة على عمل العديد من الاسكتشات لمعرضه من خلاص زياراته الميدانية للمتاحف التي أوقدت فيه البحث أكثر في أعماله التي أثراها بالحركات غير المتوازنة مع الجاذبية الأرضية وأطلق لها العنان لأن تسترخي في مجال اللوحة باتجاهات متعددة واختار اتجاهاً بعيداً عن التعقيد وعن الأساليب الحديثة المعتادة، فوظف الإنسان والطير بأسلوب يميزه وهو أقرب ما يكون لطفل راشد يتأنى بدراسة لمساته.
مغامرته هذه لم تأتِ وليدة صدفة، ولم تكن متكررة رغم التقارب الكبير، فهو يستخدم الخدع البصرية في التلاعب بذكاء مفرط في توزيع مواد عمله لكسر أي تكرار أو جمود. نشوة أعماله أقرب ما تكون إلى حلم يعيشه الإنسان في إطار مساحة لوحة حلم محدود، وهذا ما يخلق الدهشة في روح فنان يستطيع أن يختزل كل تعقيدات الحياة اليومية في بساطة توظيفاته السلسة والمدروسة.
قدم شرقاوي مجموعته المستنبطة من تجاربه السابقة لإيجاد صيغة تكوينية ذات طابع خاص تمثله كفنان يبحث في أسلوبه عن ذاته، ويبحث في تجاربه التي صاغها من خلال ممارساته التي تكثفت في صناعة الأفلام القصيرة. استعاد ثيمة موضوعاته من التراث الشعبي في محافظة الصعيد التي كانت تمارس طقوساً خاصة لمداواة المرضى عبر طقوس تشبه طقوس الزفاف تستخدم فيها أداة الطبل والسكاكين، تتوسل عبرها لرجل من أولياء الله الصالحين يعرف بـ «أبوعصران»، وتتوارث مقولة «أبوعصران أكرم ضيوفك وحضر سكاكينك». وبما أنه واكب هذه الحالة في لحظات اندثارها، فقد ركزت في مخيلته وعنت له الكثير من تمسك الإنسان بالخرافات المتورثة، وأن الإنسان مهما طال به الأمد في توارث عادات، فإن مآلها إلى الزوال، وهو ما أكده من خلال طرحه الموضوعي للفكرة.
محمد شرقاوي فنان مصري مقيم في البحرين، قام بعمل العديد من الورش في صناعة الأفلام الكارتونية القصيرة، له مشاركات محلية ودولية آخرها في الشارقة.
العدد 4256 - الجمعة 02 مايو 2014م الموافق 03 رجب 1435هـ
