قال رئيس المكتب العمالي بجمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد) محمد عبدالرحمن، إنه «منذ بداية الأحداث الأمنية التي شهدتها البحرين في العام 2011، لاتزال الحكومة تسوّف الاتفاقيات بشأن ملف المفصولين وضرورة إرجاعهم لأعمالهم، إذ تنتهج نفس النسق والمسار في فصل العمالة الوطنية، والاتفاقية الثلاثية الأخيرة بين أطراف الإنتاج، حاولنا دعوة هذه الأطراف لتسليط الضوء أكثر عليها عبر هذه الندوة، والجهة الوحيدة التي وافقت على تلبية الدعوة هي الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين».
جاء ذلك خلال منتدى جمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد) تحت عنوان: «الاتفاقية الثلاثية حول عودة المفصولين وآليات التنفيذ»، والذي أقيم مساء أمس الأول (30 أبريل/ نيسان 2014) بمقر الجمعية في أم الحصم.
وأشار عبدالرحمن إلى تداعيات حملة الفصل التعسفي وما جرى فيها، والتي بدأت في القطاع الخاص، قائلاً: «للأسف الحكومة البحرينية شكلت في أبريل 2011 لجنة لمساعي توقيف الفصل، إلا أن حملة الفصل انتقلت إلى القطاع الحكومي، وبعدها حصل توافق لعودة المفصولين في شهر يونيو/ حزيران 2013، إلا أن ذلك لم ينفذ على أرض الواقع واستمرت عملية الفصل، رغم أن اللجنة أكدت أن هناك 571 مفصولاً بشكل تعسفي، وكان من المفترض إرجاعهم إلى أعمالهم، ومن ضمنهم مجموعة كبيرة من النقابيين، ونستخلص من ذلك أن الفصل كان سياسياً بامتياز، بدليل التواصل في عملية الفصل».
وذكر أنه «في العشر الأواخر من شهر رمضان أكد جلالة الملك في كلمة متلفزة على حل مشكلة المفصولين، بالإضافة إلى أن اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق ألزمت حكومة البحرين بإعادة جميع المفصولين، إلا أن ذلك لم ينفع، بل جاءت عملية فصل جديدة طالت نقابيين، وكان المفصولون آنذاك خارج أعمالهم رغم صدور التوجيهات من قبل القيادة السياسية، وبعدها شكلت الشكوى ضد حكومة البحرين في منظمة العمل الدولية».
وبيّن عبدالرحمن أن «مقدمة الاتفاقية جاء فيها التأكيد على تعزيز الثقة المشتركة واحترام مصلحة كل طرف من الأطراف ودفع مسيرة الحوار الاجتماعي للأمام، إلا أن الحوار الاجتماعي مغيب في البلد، والحكومة لم تصدق على الاتفاقيات الرامية لتعزيز الحوار الاجتماعي والكثير من الاتفاقيات»، مشيراً إلى أن «لدينا نقابات أبوابها مغلقة في شركاتها، والتفاوض يجري بشكل هش، وهناك مساعٍ لإضعاف الحوار الاجتماعي، ولا توجد جدية لاحترام هذه النصوص في الاتفاقية».
وأضاف «ذهب مجاميع العمال إلى أروقة القضاء الذي كلفهم مبالغ مالية كبيرة، ووقع على العمال التمييز ورضخوا إلى عروض التقاعد المبكر، كما أن التأمينات الاجتماعية لم تحتسب الأيام في فترة الفصل، واعتبرتها على أنها تغيب عن العمل، وعدم الاعتراف بالفصل التعسفي، بالرغم من الاعتراف الرسمي بذلك».
وأوضح عبدالرحمن «أن هناك عدداً من العمال لم يعودوا إلى أعمالهم، وهناك مجموعة غير مسجلين في نظام شركاتهم، وتتعذر الشركات بأنها لم تتلقّ الأوامر من الجهات العليا لعودة نحو 13 مفصولاً في شركة ألبا، رغم أنهم اعترفوا بأن الفصل جاء من نفس هذه الجهات».
وأشار إلى أنه «لن تكون هناك متابعة حقيقة لعملية عودة المفصولين، وهناك انتهاكات صارخة للحركة النقابية في البحرين، والحوار الاجتماعي مغيب»، ووصف اللقاءات التي تجري بين الاتحاد ووزارة العمل بـ «العقيمة» بشأن ملف المفصولين.
إلى ذلك، استعرض الأمين العام المساعد للتشريع والدراسات بالاتحاد العام لنقابات عمال البحرين عبدالقادر الشهابي، تداعيات الشكوى العمالية ضد الحكومة، قائلاً: «إن البحرين تفتقر لوجود حوار حقيقي، والحوار الاجتماعي محصلة نظام يرتكز على الفصل بين السلطات».
وأوضح الشهابي أن «هناك عدم اتزان في الشأن العمالي، ما انعكس على الساحة المحلية من خلال التمييز بين المواطنين، بالإضافة إلى كثرة النزاعات وقلة المفاوضات»، مبيناً أن «عملية الفصل انتلقت إلى انتهاك حقوق المفصولين، ووفقاً لإحصائية للاتحاد العام أشارت إلى أنه بعد الفصل أصبحت النسبة الأكبر لأنواع الانتهاكات تتمثل في الاعتقال والتعذيب والحرمان من المميزات والإنذار الشفوي والكتابي وغيرها».
وأشار إلى أن بنود الاتفاق الثلاثي «بينت العمل على حلحلة القضايا المتعلقة بالفصل فيما يتعلق بالرواتب والعلاوات وغيرها، وضمان التعاون الفني مع منظمة العمل الدولية، وتشجيع الحوار الاجتماعي، وضمان دخول الخبراء للبحرين».
وتساءل الشهابي «ماذا يمثل الاتفاق الثلاثي؟»، قائلاً: «أقرّ أطراف الإنتاج الثلاثة أن هناك 165 مفصولاً يجب إرجاعهم إلى أعمالهم، إذ تسعى الأطراف لعودة جميع المفصولين، والشكوى العمالية ليست لصالح العمال في الوقت الحالي».
وبيّن أن «الاتفاق يمثل منطقة تقاطع لمختلف الأطراف، وعدم احترام الحكومة للاتفاق مؤشر ضعف وليس قوة، وأؤكد أن الاتحاد العام هو مظلة لجميع العمال، داعياً إلى تهميش أي طرف آخر، وفيما يتعلق باتفاقية التمييز في الاستخدام والمهنة لعام 1958رقم (111)، هي الموضوع الأم في الملف العمالي ومدى التطبيق الفعلي لهذه الاتفاقية»، موضحاً أن الاتفاق الثلاثي يعالج جميع الانتهاكات العمالية الحالية والمستقبيلة.
وأضاف «هناك قضايا دولية أخرى ضد حكومة البحرين، ففي العام 2005 رفعت قضية تتعلق بحضر التنظيم النقابي في القطاع العام، وأخرى في العام 2007 بشأن حضر الإضراب العمالي، بالإضافة إلى القضية التي رفعت في العام 2011 بخصوص فصل العمال».
وشدد الشهابي على ضرورة تنفيذ الاتفاق الثلاثي الذي سيسهم في طي مرحلة من الانتهاكات العمالية والنقابية في البحرين، وتمنى أن «يكون الاتفاق نموذجاً بين الحكومة والمعارضة، لاستقرار ونمو سوق العمل في البحرين، وفيما لو كان عكس ذلك سيدل على اعتراف الحكومة باستمرار النزيف الاقتصادي في الوطن، والخلاف القائم بين المعارضة والحكومة».
من جانبه، أكد عضو مجلس إدارة منظمة العمل الدولية عبدالله حسين، أن القضية العمالية ضد حكومة البحرين تمت إحالتها إلى لجنة الخبراء في منظمة العمل الدولية، والتي سترفع تقريرها السنوي للمنظمة، مشيراً إلى أن «تقريرها سيتضمن مدى تطبيق الحكومة للاتفاقية بخصوص اتفاقية التمييز، ما يعني أن الإجراءات جارية في هذه الشكوى، ويجب علينا الضغط باتجاه هذا الاتفاق الذي سيسهم للوصول إلى الحوار الاجتماعي بين العمال، خصوصاً أن البحرين مصادقة على اتفاقية التمييز في الاستخدام والمهنة لعام 1958 رقم (111)».
وأوضح حسين أن «قرار مجلس إدارة منظمة العمل الدولية بشأن الشكوى في فقرته (ب)، دعا لجنة الخبراء المعنية بتطبيق الاتفاقيات والتوصيات عند مراجعتها لمدى تطبيق حكومة البحرين لاتفاقية التمييز في الاستخدام والمهنة، لمتابعة إجراءات تنفيذ الاتفاق الثلاثي لعام 2012 وكذلك الاتفاق الثلاثي التكميلي لعام 2014».
من جانب آخر، دشنت جمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد) كتاباً يحمل العنوان: «الحركة العمالية والنقابية البحرينية وعلاقتها بالحركة الوطنية السياسية»، ويسلط الضوء على علاقة الحركة العمالية البحرينية بالحركة الوطنية السياسية تاريخياً.
العدد 4255 - الخميس 01 مايو 2014م الموافق 02 رجب 1435هـ