مع افتتاح الأردن لمخيم جديد للاجئين السوريين، نلقي مرة أخرى الضوء على تنامي المأساة الإنسانية في سوريا وآثارها على الدول المجاورة ومنها الأردن.
فقد قامت السلطات الأردنية بافتتاح مخيم الأزرق لتخفيف العبء على مخيم الزعتري للاجئين السوريين.
في تقريرنا التالي نتطرق إلى قصة أخرى من قصص اللجوء لعائلة سورية من مئات الألوف الذين لجأو إلى الأردن، وهذه المرة إلى المخيم الجديد.
بعد أن قطع أبو صالح وأسرته مسافة ألف كيلومتر في رحلة خطرة للهروب من أعمال العنف الدائرة في سوريا، قامت الأسرة بعبور الحدود ليلاً إلى بلد الجوار الأردن، وهم لا يعلمون إلى أين سينتهي بهم المسير.
فبعد مرور يومين من الفرار من ديارهم، وجدوا أنفسهم من بين المجموعة الأولى، المكونة من نحو مئتي لاجئ سوري، التي تصل إلى مخيم الأزرق الذي تم افتتاحه حديثاً ويقع في الصحراء على بعد مئة كيلومتر شرق العاصمة الأردنية، عمان: "من أول الأحداث منذ سنتين تقريبا، زادت الأزمة يوما بعد يوم، وعندما وصلت الأزمة إلينا، وانتقلت وانتشرت من منطقة إلى أخرى، خفت على حياة زوجتي وأطفالي، وقررنا أن نترك وانتقلنا إلى هنا"
أبو صلاح وعائلته المكونة من تسعة أشخاص، سيكونون ضمن أول الأشخاص الذين سيقيمون في مخيم الأردن الجديد..الأزرق.
يوجد المخيم الجديد في صحراء الأردن الشرقية، وتديره السلطات الأردنية بدعم من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين وشركائها الإنسانيين.
تقول مديرة مكتب المفوضية الميداني في الأزرق، برناديت كاسل هولدنغ ورث، إنه بينما يساعد المخيم الجديد في إدارة تدفق اللاجئين من سوريا، الذي يصل معدله الحالي إلى ستمائة فرد يومياً، فإنه يؤكد أيضاً على الطبيعة الممتدة للأزمة الإنسانية هناك: "لا يعد المخيم شهادة على التدهور المستمر للوضع في سوريا فحسب، بل يبرهن أيضا على التزام السلطات الأردنية والشعب الأردني المتواصل نحو استقبال الأشخاص من سوريا، للسنة الثالثة على التوالي"
أبو صلاح هو أول من خرج من الحافلة، أول لاجئ يصل إلى المخيم الذي يوجد به ما يقارب خمسة آلاف مكان إيواء، وقد بني ليواكب مناخ الصحراء القاسي.
تمتد صفوف أماكن الإيواء البيضاء في أنحاء الصحراء وقد نظمت بمجموعات أصغر، ولكل مجموعة مرافق استحمام ومراحيض خاصة بها. وقد نفذت هذه الفكرة حتى تمكن العائلات الممتدة والمعارف من السكن على مقربة من بعضهم، فضلاً عن توفير قدر أكبر من الحماية وشعور متزايد بالمجتمع.
أبو صلاح وجد طريقه لموطنه الجديد: "والله، الآن سنستقر هنا حتى نرى كيف يتغير الوضع، سوف نقعد هنا حتى يأتي الأمان ويفرجها ربنا "
وتصف زوجته أم صالح مشاعرها المشوشة وهي تجلس متربعة على أرضية المأوى البالغة مساحتها ستة أمتار في أربعة أمتار داخل المخيم الجديد قائلة: "لقد خلفنا كل شيء وراءنا بسبب القصف. ما أصعب قرار مغادرة المنزل والوطن والعائلة ولكننا مجبرون."
يشعر المقيمون الجدد في مخيم الأزرق بالسعادة في الوقت الراهن لأنهم أصبحوا في مكان آمن، بيد أنهم غير واثقين مما يخبئه المستقبل لهم، وبدون وجود نهاية للأزمة الإنسانية في سوريا، بني مخيم الأزرق ليأخذ المستقبل في عين الاعتبار، فمخيم الزعتري في الأردن الذي يعد ثاني أكبر مخيم للاجئين في العالم، لم يعد فيه مكان شاغر.
أما المخيم الجديد الذي تتراوح مساحته خمسة عشر كيلومترا مربعا، فهو قادر على استيعاب مئة وثلاثين ألف لاجئ.